أنافعي عند ليلى فرط حبيها
مدة
قراءة القصيدة :
دقيقتان
.
أنَافِعي، عندَ لَيلى، فَرْطُ حُبّيها، | وَلَوْعَةٌ ليَ أُبْديهَا، وأُخْفِيهَا |
أمْ لا تُقَارِبُ لَيْلَى مَنْ يُقَارِبُهَا، | وَلاَ تُدَانِي بِوَصْلٍ مَنْ يُدَانِيهَا |
بَيضَاءُ أوْقَدَ خَدّيها الصِّبَا، وَسَقَى | أجفَانَهَا، مِنْ مُدَامِ الرّاحِ، ساقِيهَا |
في حُمرَةِ الوَرْدِ شَكْلٌ من تَلَهّبِها، | وللقَضِيبِ نَصِيبٌ مِنْ تَثَنّيهَا |
قَدْ أَيْقَنَتْ أنّني لمْ أرْضَ كَاشِحَها | فيها ولَم أسْتَمِعْ مِنْ قَوْلِ وَاشِيهَا |
وَيَوْمَ جَدّ بِنَا عَنْهَا الرّحيلُ عَلى | صَبَابَةٍ، وَحَدَا الأظْعَانَ حَاديهَا |
قامَتْ تُوَدّعُني عَجْلَى، وَقَد حَدِرَتْ | سَوَابِقٌ مِنْ تُؤامِ الدّمعِ تُجْرِيهَا |
واستَنكَرَتْ ظَعَني عَنْهَا فَقلتُ لها: | إلى الخَلِيفَةِ أمضَى العِيسَ مُمضِيهَا |
إلى إمَامٍ لَهُ مَا كَانَ مِنْ شَرَفٍ | يُعَدُّ في سَالِفِ الدّنْيَا وَبَاقِيهَا |
خَليفَةَ الله مَا لِلْمَجْدِِ مُنصَرَفٌ، | إلاّ إلى أَنعُمٍ أصْبَحْتَ تُولِيهَا |
فَلا فَضِيلَةَ، إلاّ أنتَ لابِسُهَا، | وَلا رَعِيّةَ، إلاّ أنتَ رَاعِيهَا |
مُلْكٌ كمُلكِ سُلَيمانَ الذي خَضَعَتْ | لَهُ البرِيّةُ: قَاصِيهَا وَدَانِيهَا |
وَزُلفَةٌ لَكَ عِندَ الله تُظْهِرُهَا | لَنَا بِبُرْهَانِ مَا تأتي وَتُبْدِيهَا |
لمّا تَعَبّدَ مَحلُ الأرْضِ، واحتَبَستْ | عنَّا السّحَائِبِ، حَتّى مَا نُرَجّيهَا |
وَقُمتَ مُستَسقِياً للمُسلِمِينَ جَرَتْ | غُرُّ الغَمَامِ، وَحَلّتْ مِنْ عَزَالِيهَا |
فَلا غَمَامَةَ، إلاّ انْهَلّ وَابِلُهَا، | وَلاَ قَرَارَةَ، إلاّ سَالَ وَادِيهَا |
وَطَاعَةُ الوَحشِ إذ جاءَتكَ من خَرِقٍ | أحْوَى، وَأَدمَانَةٍ كُحلٍ مَآقيهَا |
كالكاعِبِ الرُّودِ يَخفَى في تَرَائِبِها | رَدْعُ العَبيرِ وَيَبْدُو في تَرَاقِيهَا |
ألْفَانِ جَاءَتْ، على قَدْرٍ، مُسارِعَةً | إلى قَبُولِ الذي حَاوَلْتَهُ فِيهَا |
إنْ سِرْتَ سَارَتْ وإنْ وَقّفْتَها وَقفَتْ | صُوراً إلَيكَ، بِألحاظٍ تُوَالِيهَا |
يُرَعْنَ مِنْكَ إلى وَجْهٍ يَرَينَ لَهُ | جَلالَةً، يُكثِرُ التّسبيحَ رَائِيهَا |
حَتّى قَطَعتَ بها القَاطُولَ وافتَرَقَتْ | بالحيْرِ في عَرْصَةٍ، فِيْحٍ نَوَاحِيهَا |
فَنَهرُ نَيزكَ وِرْدٌ مِنْ مَوَارِدِهَا، | وَسَاحَةُ التّلّ مَغنًى مِنْ مَغَانِيهَا |
لَوْلاَ الذي عَرَفَتْهُ فيكَ، يَوْمَئِذٍ، | لَمَا أطَاعَكَ وَسْطَ البِيدِ عَاصِيهَا |
فَضْلاَنِ حُزْتَهُمَا، دُونَ المُلوكِ، وَلم | تُظْهِرْ بنَيْلِهِمَا كِبْراً، وَلا تِيهَا |