أما وهذا الزمان يمتحنه
مدة
قراءة القصيدة :
دقيقتان
.
أَمَا وَهَذَا الزَّمَانُ يَمْتَحِنُهْ | بِصَرْفِهِ تارَةً ويَمْتَهِنُهْ |
إِذَا جَرَى نَحْوَ غَايَةٍ عَبَأَتْ | لَهُ الرَّدَى مِنْ زَمَانِهِ إِحَنُهْ |
فَلا مَلُومٌ عَلَى دَنِيئِتهِ | عَمَّا سَمَتْ لادِّرَاكِهِ فِظَنُهْ |
مَنْ ذَا مِنَ الدَّهْرِ بات مُسْتَتِراً | أَمْ مَنْ وَقَتْهُ سِهَامَةُ جُنَنُهْ ؟ |
هَيْهَاتِ أَعْيَا ، فَمَا تُرَدُّ يَدٌ | لهُ لِمَا سَارَ فِيهِ يَحْتَجِنُهْ |
أَمَا ومَنْ مَا ذَكَرْتُ فُرْقَتَهُ | إِلاَّ يَرَى القَلب حَاشِداً شَجَنُهْ |
ومَنْ رَضَِيتُ السُقَامَفِي بَدَنِي | مِنْهُ إِذَا كَانَ سَالِماً بَدَنُهْ |
ومَنْ كَأَنَّ القَضِيبَ قَامَتُهُ | والبَدْرَ يَحْكِي ضِيَاءَهُ سُنَنُهْ |
وَمَنْ بِخَدَّيْهِ رَوضَتانِ ، وَمَنْ | يَنْفُثُ سِحْراً مِنْ طَرْفِهِ فِتَنُهْ |
إِذا رَنَا خِلْتَ أَنَّهُ ثَمِلٌ | يَكسِرُ أَجْفَانَ لَحْظِهِ وَسَنُهْ |
لَقَدْ حَاَبْتُ الزَّمانَ أَشْطُرَهُ | طَبًّا بِمَا تَنتَحِي لهُ مِحَنُهْ |
فَمَا نَأَى المُسْتَقِيمُ مِنْهُ ، وَلاَ | عَلَيَّ أُعْيَتْ جَهَالَةً أُبَنُهْ |
وأَعْلَمُ النَّاسِ بالزَّمانِ فَتًى | أَهْدَى أَعاجِيبَهُ لهُ زَمَنُهْ |
لِسَيِّىءٍ مِنْهُ نُصْبَ مُقْلَتِهِ | ومَا بَعِيدٌ عَنْ لَحْظِهَا حَسَنُهْ |
فَمَا فُؤَادِي بِجَازِعٍ أَسَفاً | مَا أَخْلَفَتْ ذَا مَطَامِعٍ ظِنَنُهْ |
غَنِيتُ باللهِ فاسْتَرَحْتُ مِنَ الْــ | ـــمُوفِي عَلَى نَزْرِ مَنِّهِ مِنَنُهْ |
وَمِنْ بَخِيلٍ بُرُوقُ زِبْرِجِهِ | كَخُلَّبِ البَرْقِ خَانَهُ مُزُنُهْ |
مُتَسِعِ الصَّدْرِ لِلْمَقَالِ ، وإِنْ | رَامَ فَعَالاً فَضَيِّقٌ عَطَنُهْ |
والحُرُّ لا يَرْأَمُ الصَّغَارَ إِذا | سِيمَ الأَذَى أَو نَبَا بهِ وَطَنُهْ |
لكِنَّهُ يَخْرِقُ الخُرُوقَ ولا | يَسْتَصْعِبُ الصَّعْبَ مُهْوِلاً عَنَنُهْ |
حَلِيفُهُ المَشرِفِيُّ لَيْسَ لَهُ | خِلٌّ سِوَى المَشْرِفيِّ يَأْتَمِنُهْ |
صَاحِبُ صِدْقٍ تَكْفِيهِ بَدْأَتُهُ | عَوْدَ شَفِيعٍ نَبَتْ لَهُ أْذُنُهْ |
إِذا انْتُضِي فالرُّؤُوسَ مَغمَدُهُ | يَأْمَنُ مِنْهُ المُلُوكَ مُمْتَحِنُهْ |
طَلائِعُ المَوْتِ فِي تَلأْلُؤِهِ | يَعُوقُهَا لِلشَّقَاءِ مُرْتَهِنُهْ |
كالْبَرْقِ يَفْرِي الطُّلَى كأَنَّ بِهِ | ذَحْلاً عَلَى المُقْصَدِينَ يَضْطِغِنُهْ |
فالْوَفْرُ بالنَّصْلِ يُسْتَفَادُ إِذَا | ضَاقَتْ عَلَى ذِي بَصِيرَةٍ مُدُنُهْ |
وإِنَّما العَارُ أَن يُرَى حَذِراً | يُزَيِّنُ الفَقرَ عِندَهُ خَنَنُهْ |
يُقَلِّبُ الرَّأيَ دَهرَهُ فِرَقاً | لا خَفْضُهُ دَائِمٌ ولا حَزَنُهْ |
فَذَا قَريبٌ يَأْوِي إِلى سَكَنٍ ، | وذاكَ نَاءٍ يَهْوي لَهُ سَكَنُهْ |