بقومي جميعا لا أحاشي ولا أكني
مدة
قراءة القصيدة :
دقيقتان
.
بقَوْمي جَميعاً لا أُحاشِي، وَلا أَكْني، | أبو جَعفَرٍ بْْحرُ العُلاَ وَحيَا المُزْنِ |
فتى العَرَبِ المَدْعُوُّ في السّلْمِ للنّدى، | وَفارِسُها المَدْعُوُّ في الحِرْبِ للطّعنِ |
سَحابٌ إذا أعْطَى، حَرِيقٌ إذا سطا، | لهُ عِزُّةُ الهِنديّ، في هِزّةِ الغُصْنِ |
لَجَأنَا إلى مَعْرُوفِهِ، فَكأنّنَا، | لمِنْعَتِنا فيهِ، لجَأنَا إلى حُصْنِ |
أطَاعَ العُلى في كُلّ حُكْمٍ أتَتْ بهِ، | فأقصَى الذي تُقصِي، وَأدنى الذي تُدْني |
لِشَهْرِ رَبيعٍ نِعْمَةٌ مَا يَفِي بها | ثَنَاءٌ، وَلَوْ قُمْنا بأضْعَافِهِا نُثْني بيت |
أمِنّا صرُوفَ الدّهرِ من بَعدِ خوْفِها | لَدَيهِ، وَبَعدَ الخَوْفِ يُؤنَسُ بالأمنِ |
تَرَدَّدَتِ الأَيَّامُ فِيهِ ، وأَقْبَلَتْ | قِبَاحُ ،اللَّيالِي وَهْيَ بادِيةُ الحُسْنِ |
غَداةَ غَدا مِن سِجنِهِ البَحرُ مُطلَقاً، | وَما خِلتُ أنّ البَحرَ يُحظَرُ في سجنِ |
وَلَيْسَتْ لَهُ إلاّ السّماحَ جِنَايَةٌ، | إذا أُخِذَ الجَاني ببَعضِ الذي يَجني |
تَقلْقَلُ مِنْهُ في الحَديدِ عَزِيمَةٌ، | يكِلُّ الحَديدُ عن جَوانبِها الخُشنِ |
حُزُونَةُ أَيَّامٍ مَرَرْنَ بِهَضْبَةٍ | فأَقْلَعْنَ مِثْلَ المارِنِ اللَّيِّنِ الَّلدْنِ |
فَما فَلّ رَيْبُ الدّهرِ مِن ذلكَ الشَّبَا، | وَلا زَعزَعَ المَكرُوهُ من ذلكَ الرّكنِ |
وَلَمّا بَدا صُبْحُ اليَقِينِ، وَكُشّفَتْ | بهِ ظُلمةُ الطَّخياءِ عن شُبهَةِ الظّنِّ |
تجَلّى لَنا مِنْ سِجنِهِ، وَهوَ خارِجٌ | خرُوجَ شُعاعِ الشمسِ من جانبِ الدَّجنِ |
يَفيضُ، كما فاضَ الغَمامُ تَتابَعَتْ | شَآبيبُهُ بالهَطْلِ مِنْهُ، وَبالهَتنِ |
محَمّدُ عِشْ للمَكرُماتِ التي اصْطفَتْ | يَداكَ، وَللمَجدِ الرّفيعِ الذي تَبْني |
فكَمْ مِنْ يَدٍ بَيْضاءَ مِنكَ بلا يَدٍ، | وَمِنْ مِنّةٍ زَهْراءَ مِنكَ بِلا مَنّ |