تعاط الصبابة أو عانها
مدة
قراءة القصيدة :
دقيقتان
.
تَعَاطَ الصّبَابَةَ، أوْ عَانِها، | لتَعْذُرَ في بَرْحِ أشْجَانِهَا |
وَمَا نَقَلَتْ لَوْعَتي لِمّةٌ، | تَنَقَّلُ في حَدْثِ ألْوَانِهَا |
أوَائِلُ شَيْبٍ يُشِيرُ العَذُولُ | إلَيْهَا، وَيُكْبِرُ مِنْ شَانِهَا |
إذا حُرّمَ اللّهْوُ مِنْ أجْلِهَا، | غَلا في مَقَاديرِ أوْزَانِهَا |
وَإلاّ تَجِدْني مُطيعاً لَهَا، | فَلَمْ أعْصِهَا كُلَّ عِصْيَانِهَا |
متى جِئْتُ بَائِقَةً في الهَوَى، | فأسْرَارُهَا دُونَ إعْلانِهَا |
تَفَاضَ رِجَالٌ عَنِ المَكْرُما | تِ، وَقد مَثَلَتْ نُصْبَ أعيانِهَا |
وَلمْ تَلْتَفِتْ لوُجُوبِ الحُقُوقِ، | وَوَاجِبُهَا خَلْفَ آذانِهَا |
فتَحتُ يَدي ثَانيَ العطْفِ عَنْ | كَذوبِ المَوَدّةِ، خَوّانِهَا |
وَقَدْ عَلِمَتْ خِلّتي أنّني | أُفَارِقُهَا، عِنْدَ هِجْرَانِهَا |
وَإنّي لأسْكَنُ جَأشاً إلى | رِبَاعِ الكِرَامِ، وَأوْطَانِهَا |
وتَعْتَدُّ نَفْسِيَ مِنْ مَالِهَا، | وَمَا أبْعَدَتْ مَالَ إخْوَانِهَا |
يَظَلُّ حَمُولَةُ يَبْنِي الــعُلاَ | وتَعْلُو المَعَالِي بِبُنْيَانِها |
يَكَادُ التَّرَفُّعُ مِنْ هَمِّهِ | يُكَوِّنُهَا قَبْلَ أَكْوَانِهَا |
رَضِيتُ خَليلي أبَا غَالِبٍ، | لِكَسْرِ الخُطُوبِ، وَإيهَانِهَا |
تُعُدُّ لَهُ فَارسٌ قُرْبَةً، | وَزُلْفَى بكِسرَىابنِ ساسانِهَا |
إذا سُئِلَتْ عَنْهُ عِندَ الفَخَارِ، | قالَتْ بأصْدَقِ عِرْفانِهَا |
يَطُولُونَ مِنْهُ بإنْسَانِهِمْ، | وَللعَينِ طُولٌ بإنْسَانِهَا |
تَرُوكٌ لِمَا لا يَزَالُ الشَّرِيفُ | يُفيدُ اعْتِلاءً بِتِرْكَانِهَا |
هَتَكْنَا إلَيْهِ حِجَابَ الدّجَى، | بخُوصٍ تُبَارِي بِرُكْبَانِهَا |
يُكَلّفُنَا التِزَامُ النِّزَاعَ | مَسَافَةَ قُمٍّ وَقَاسَانِهَا |
وَسِنُّ سَمِيرَةِ نَعْتِ الفَتَاةِ | تَبَسَّمَ عَنْ ظَلْمِ أسْنَانِهَا |
تَبِيتُ المَطَايَا تُرَاقِي النُّجُومَ | في مُشْمَخِرَّةِ مُصْدَانِهَا |
إذا استَشْرَقَتْ لَمَعانَ الثّلُوجِ | أطَاعَتْ لَهُ قَبْلَ إبّانِهَا |
مَوَاكِبُهُ الطّيرُ في جَوّهِنّ | فَوْقَ السّحَابِ وَأعْنَانِهَا |
إلى مَلِكٍ غُلِقَتْ عِنْدَهُ | رِقَابُ المَديحِ بِأثْمَانِهَا |
تَبُوخُ المَعَالي، إذا لمْ يَكُنْ | بكَفّيْكَ إذْكَاءُ نِيرَانِهَا |
وُقيتَ الحِمامَ بمَثْنَى النّفُوسِ | مِنَ الحَاسِدِينَ وَوُحْدانِهَا |
وَتخْلَدُ في القَوْمِ حتّى يَكُونَ | فِهَالُكَ أنْجَزَ أعْوَانِهَا |
حمَتْ قُضُبَ المَجدِ من أن تكون | صِلاءً صَلابَةُ عِيدانِهَا |
وَعادَتْ بكَ الذّمَّ نَفسٌ جرَتْ | إلى الحَمدِ، في طولِ ميدانِهَا |
أخَذْتَ العَطَايَا بتَكْرَارِهَا، | وَإبْداءَ طَوْلٍ بِثُنْيَانِهَا |
أرَى بَذْلَهَا، عندَ إعوَازِهَا، | سِوَى بَذْلِهَا عِندَ إمْكَانِهَا |
وَأحسَنُ مَأثَرَةٍ للكِرَامِ، | إحْسَانُهَا بعْدَ إحْسَانِهَا |
وَمَا يَتَنَمّى إلى المَكْرُمَات | فَيََفْزََعُهَا، غَيرُ فُرْسَانِهَا |
لَئِنْ عادَ بعديَ عَن ساحَتَيكَ | بنَقصِ حظُوظي، وَخُسرَانِهَا |
وَكانَ اجتنابيكَ إحدى الذّنوبِ، | وقَصْديكَ أَوَّلَ غُفْرَانِهَا |
وَما عُوقِبَتْ عُصْبَةٌ، أُمّنَتْ | عَلى كُفّرِها، بَعدَ إيمَانِهَا |
فَإنّ خَوَاتيمَ أعْمَالِ مَا | تَرَاهُ جَوَامِعُ أدْيَانِهَا |