طيف لعلوة ما ينفك يأتيني
مدة
قراءة القصيدة :
دقيقتان
.
طَيفٌ لعَلْوَةَ ما يَنفَكُّ يأتيني، | يَصْبُو إليّ، على بُعْدٍ، وَيُصْبيني |
تَحيّةُ الله تُهْدَى، وَالسّلامُ على | خَيَالِكِ الزّائِرِي وَهْناً، يُحَيّيني |
إذا قَرُبْتُ، فهَجْرٌ مِنكِ يُبعِدُني؛ | وَإنْ بَعُدْتُ، فوَصْلٌ منكِ يُدنيني |
تَصَرّمَ الدّهرُ لا وَصْلٌ، فيُطمِعَني | فيما لَدَيكِ، وَلا يأسٌ، فَيُسْليني |
وَلَستُ أعجَبُ من عِصْيانِ قلبكِ لي | عَمداً، إذا كانَ قلبي فيكِ يَعصِيني |
أمَا وَما احمَرّ من وَرْدِ الخُدودِ ضُحًى، | وَاحوَرّ في دَعَجٍ مِنْ أعْيُنِ العِينِ |
لقَد حَبَوْتُ صَفاءَ الوِدّ صَائِنَهُ | عَنّي، وَأقْرَضْتُهُ مَنْ لا يُجازِيني |
هَوًى على الهُونِ أُعطيهِ، وَأعْهَدُني، | من قَبلِ حُبِِّيكِ، لا أعطي على الهونِ |
ما لي يُخَوّفُني مَنْ لَيسَ يَعْرِفُني | بالنّاسِ، وَالنّاسُ أحرَى أن يَخافوني |
إذا عَقَدْتُ عَلى قَوْمٍ مُشَنَّعَةً، | فَليُكثِرُوا القَوْلَ في عَيبي، وَتهجيني |
وَقَدْ بَرِئْتُ إلى العِرّيضِ مِنْ فِكَرٍ | مُبيرَةٍ، وَلِسَانٍ غَيرِ مَضْمُونِ |
وَلَسْتُ مُنْبَرِياً بالجَهْلِ أجْعَلُهُ | صِنَاعَةً، ما وَجدتُ الحِلمَ يكفيني |
إنّي، وَإنْ كنتُ مَرْهوباً لعادِيَةٍ، | أرْمي عَدُوّي بها في الفَرْطِ وَالحينِ |
لَذُو وَفَاءٍ لأهْلِ الوِدّ مُدّخَرٍ | عِندي، وَغَيبٍ على الإخوَانِ مأمونِ |
هَلِ ابنُ حَمدونَ مَرْدودٌ إلى كَرَمٍ، | عَهِدْتُهُ مَرّةٍ عِنْدَ ابنِ حَمْدُونِ |
أخٌ، شكَرْتُ لَهُ نُعمَى أخي ثِقَةٍ، | زَكَتْ لَدَيّ، وَمَنّاً غَيرَ مَمنونِ |
طافَ الوُشاةُ بهِ بَعدِي، وَغَيّرَهُ | مَعاشِرٌ كُلُّهُمْ بالسّوءِ يَعنيني |
أصْبَحْتُ أرْفَعُهُ حَمْداً، وَيخفِضُني، | ذَمّاً، وَأمْدَحُهُ طَوْراً، وَيَهجوني |
وَعَادَ مُحْتَفِلاً بالسّوءِ يَهدِمُني، | وكانَ مِنْ قَبلُ بالإحسانِ يَبنيني |
تَدعُو اللَّئامَ إلى شَتمي وَمَنقَصَتي، | بِئسَ الحِباءُ على مَدحيكَ تَحْبُوني |
أينَ الوَدادُ الذي قَد كنتَ تَمنَحُني، | أَيْنَ الصّفاءُ الذي قَد كنتَ تُصْفيني |
إنْ كانَ ذَنْبٌ فأهلُ الصّفحِ أنتَ، وَإن | لمْ آتِ ذَنْباً فَفيمَ اللّوْمُ يَعرُوني |
بَني زَُرَارَاءَ وَما أزْرَى بكُمْ حَسَبٌ | دونٌ، وَما الحَسَبُ العاديُّ بالدّونِ |
تِلْكَ الأعاجِمُ تُنميكُمْ أوَائِلُهَا | إلى الذّوَائِبِ مِنها، وَالعَرَانِينِ |
فَخْرُ الدّهاقِينِ مأثُور وفَخْرُكُمُ | مِنْ قَبلُ دَهْقَنَ آبَاءَ الدّهاقينِ |
إنّي أعُدُّكُمُ رَهْطي، وَأجْعَلُكُمْ | أحَقُّ بالصّوْنِ مِنْ عِرْضِي وَمن ديني |