من عاش بالمكر مات بالفقر
مدة
قراءة المادة :
دقيقتان
.
قال الإمام المحقق ابن القيم برد الله مضجعه:"وقد شاهد الناس عيانًا أنه من عاش بالمَكْرِ مَاتَ بالفقر، وعاقب الله جل جلاله كل خائن بأنه يضل كيده ويبطله، ولا يهديه لمقصوده وإن نال بعضه، فالذى ناله سبب لزيادة عقوبته وخيبته: {وَأَنَّ اللهَ لا يَهْدِي كَيْدَ الْخَائِنِينَ} [يوسف من الآية:52]، وهذا باب واسع جدًا عظيم النفع، لمن تدبره يجده متضمنًا لمعاقبة الرب سبحانه من خرج عن طاعته، بأن يعكس عليه مقصوده شرعًا وقدرًا، دنيا وآخره، وقد اطردت سنته الكونية سبحانه فى عباده، بأن من مكر بالباطل مكر به، ومن احتال احتيل عليه، ومن خادع غيره خدع، فلا تجد ماكرًا إلا وهو ممكور به، ولا مخادعًا إلا وهو مخدوع، ولا محتالاً إلا وهو محتال عليه" (انظر: إغاثة اللهفان).قلت:
ومن تأمل الشريعة ورزق فيها فقه نفس علم ذلك واستقر مفهوم هذا الأمر في قلبه؛ لاطراد سنة الله في خلقه في هذا الشأن، ومن لم يكن له فقه نفس في هذا ومعرفة به فإنه يفوته خير كبير وهو لا يشعر، وقد أجمع أهل العقل والنظر أن الجزاء من جنس العمل، فمن المعلوم أنه كما تدين تدان، وكما تفعل مع عباده يُفعل معك؛ لتطمئن القلوب وتستريح النفوس وهذا مقتضى سنة الله الكونية، إذ لو حابت هذه السنن أحد ماتت النفوس كمدًا وغيظًا –وحاشاه- من ظلم خلقه وقد حرمه على نفسه.