يكاد عاذلنا في الحب يغرينا
مدة
قراءة القصيدة :
3 دقائق
.
يَكَادُ عَاذِلُنَا في الحُبِّ يُغْرينَا | فَمَا لَجَاجْكِ فِي لَوْمِ المُحِبِّينَا |
نُلْحَى عَلَى الوَجْدِ مِنْ ظُلْمٍ ، فَدَيْدَنُنَا | وَجْدٌ نُعَانِيهِ أَو لاَحٍ يُعَنِّينَا |
إِذَا زَرُودُ دَنَتْ مِنَّا صَرَائِمُها | فَلاَ مَحَالَةَ مِنْ زَوْرٍ يُوَافِينا |
بِتْنَا جُنُوحاً عَلَى كُثْبِ اللَّوَى فأَبَى | خَيَالُ ظَمْيَاءَ إِلاَّ أَنْ يُحَيِّينَا |
وَفي زَرُودَ تَبيعٌ لَيْسَ يُمْهلُنَا | تَقَاضِياً ، وغَريمٌ لِيْسَ يَقْضِينَا |
مَنَازِلٌ لَمْ يُذَمَّمْ عَهْدُ مُغْرَمِنَا | فِيهَا ، ولا ذُمَّ يَوْماً عَهْدُها فِينَا |
تَجَرَّمَتْ عِنْدَهُ أَيَّامُنَا حِجَجاً | مَعْدُودَةً وَخَلَتْ فيها لَيَالِينَا |
إِنَّ الغَوَاني غَداةَ الجِزْعِ مِنْ إِضَمٍ | تَيَّمْنَ قَلْباً مُعَنَّى اللُّبِّ مَحْزُونَا |
إِذا قَسَتْ غِلْظَةً أَكْبَادُها جَعَلَتْ | تَزْدَادُ أَعْطَافُها من نِعْمَةٍ لِينَا |
يلُومُنَا في الهَوَى مَنْ ليس يَعْذِرُنا | فِيهِ ويُسْخِطُنا مَنْ لَيْسَ يُرْضِينَا |
وَمَا ظَنَنْتُ هَوَى ظَمْيَاءَ مُنْزِلَنا | إِلى مُوَاتاةِ خِلٍّ لا يُوَاتِينَا |
لَقَدْ بَعَثْتُ عِتَاقَ الخَيْلِ ساريَةً | مِثْلَ القَطَا الجُونِ يَتْبَعْنَ القَطَا الجُونَا |
يُكْثِرْنَ عَنْ دَيْرِ مُرَّانَ السُّؤَالَ وقد | عارَضْنَ أَبْنِيَةً في دَيْرِ مَارُونَا |
يَنْشُدْنَ في إِرَمٍ والنُّجْحُ فِي إِرَمٍ | غَنًى عَلَى سَيِّدِ السَّاداتِ مَضْمُونَا |
يُلْفَى النَّدَى مِنْهُ مَلْمُوساً ومُدَّرَكاً | وَكَانَ يُعْهَدُ مَوْهُوماً ومَظَنُونَا |
بادٍ بِأَنْعُمِهِ العَافِينَ يُزْلِفُهُمْ | عَلَى الأَشِقَّاءِ فِيها والقَرَابِينَا |
نَيْلٌ يُحَكَّمُ فِيهِ المُجْتَدُونَ إِذا | شِئْنَا أَخَذْنَا احْتِكَاماً فيهِ مَا شِينَا |
ومُمْلِقِينَ مِنَ الأَحْسَابِ يَفْجَأْهُمْ | سَاهِينَ عَنْ كَرَمِ الأَفْعَالِ لاَهِينَا |
إِنْ لَمْ يَكُنْ فِي جَدَاهُمْ نَزْرُ عَارِفةٍ | تَكُفُّنا كَانَ غُزْرٌ مِنْهُ يَكْفِينَا |
وغَابِنٍ إِنْ شَرَى حَمْداً بِمَرْغَبَةٍ | رَآهُ فِيهَا بَخِيلُ القَوْمِ مَغْبُونَا |
مُظَفَّرٍ لَمْ نَزَلْ نَلْقَى بِطَلْعَتِهِ | كَوَاكِبَ السَّعْدِ والطَّيْرَ المَيَامِينَا |
يُمْسِي قَريباً مِنَ الأَعْدَاءِ لَوْ وَقَعُوا | بِالصِّينِ في بُعْدِها ما اسْتَبْعَدَ الصِّينَا |
تَشْمِيرَ يَقْظَانَ ما انْفَكَّتْ عزِيمَتُهُ | تَزِيدُ أَعْدَاءَهُ ذُلاًّ وتَوْهِينَا |
إِنِّي رأَيْتُ جُيُوشَ النَّصْرِ مُنْزَلَةً | عَلَى جُيُوشِ أَبِي الجَيْشِ بْنِ طُولُونَا |
يَوْمَ الثَّنِيَّةِ إِذْ يَثْنِي بِكَرَّتِهِ | في الرَّوْعِ خَمْسِينَ أَلْفاً أَو يَزيدُونَا |
والحَرْبُ مُشْعَلَةٌ تَغْلِي مَرَاجِلُها | حِيناً ويَضْرَمُ ذَاكِي جَمْرِها حِينَا |
يَغْدُو الوَرَى وَهُمُ غاشُو سُرَادِقِهِ | صِنْفَيْنِ مِنْ مُضْمِرِي خَوْفٍ ورَاجِينا |
والنَّاسُ بَيْنَ أَخِي سَبْقٍ يَبِينُ بهِ | وفَاتِرِينَ مِنَ الغَايَاتِ وَانِينَا |
كَمَا رأَيْتُ الثَّلاَثَاءَاتِ وَاطِئَةً | مِنَ التَّخَلُّفِ أَعْقَابَ الأَثَانِينَا |
عَمَّرَكَ اللهُ للعَلْيَاءِ تَعْمُرُها ، | وزَادَكَ اللهُ إِعْزَازاً وتَمْكِينَا |
مَا انْفَكَّت الرُّومُ مِنْ هَمٍّ يُحَيِّرُهَا | مُذْ جَاوَرَتْ عِنْدَكَ الْعَزَّاءَ واللِّينَا |
تَدْنُو إِذا بَعُدُوا عِنْدَ اشْتِطَاطِهُمُ | كَيْداً ، وتَبْعُدُ إِنْ كانُوا قَرِيبينَا |
حَتَّى تَرَكَتْ لَهُمْ يَوْماً نَسَخْتَ بِهِ | ما يأَثُرُ النَّاسُ مِنْ أَخْبَارِ صِفِّينَا |
مَصَارِعٌ كُتِبَتْ في بَطْنِ لُؤْلُؤَةٍ | من ظَهْرِ أَنِقِرَةَ القُصْوَى وطِمِّينَا |
فاسْلَمْ لِتَجْهَدَهُمْ غَزْواً وتُغْزِيَهُمْ | جَيْشاً ، وتُتْبِعَهُ الْمَأَمُولَ هَارُونَا |
أَمَّا الْحُسَيْنُ فَمَا آلاَكَ مُجْتَهِداً | وليْسَ تَأْلُوهُ تَفْخِيماً وتَزْيينَا |
تَرْضَى بهِ حِينَ لا يُرْضِيكَ مُدْبِرُهُمْ | مُبَارَكاً صادِقَ الإِقْبَال مَيْمُونا |
أَدَّى الأَمانَةَ في مَالِ الشَّآمِ فَمَا | تَلْقَاهُ إِلاَّ أَمِينَ الغَيْبِ مَأْمُونَا |
تَسْمُو إِلى الرُّتْبَةِ الْعُلْيَا مَحَاسِنُهُ | فَمَا تَرَى وَسَطاً مِنْهَا ولا دُونَا |