هذي المعاهد من سعاد فسلم
مدة
قراءة القصيدة :
3 دقائق
.
هذي المَعاهِدُ مِنْ سُعَادَ، فَسَلِّمِ، | واسألْ، وإنْ وَجَمتْ، وَلم تَتَكَلّمِ |
آيَاتُ رَبْعٍ قَد تَأبّدَ، مُنْجِدٍ، | وَحُدُوجُ حيٍّ، قَد تَحَمّلَ، مُتْهِمِ |
لَؤمٌ بِنَارِ الشّوْقِ، إنْ لم تَحْتَدِمْ، | وَخَسَاسَةٌ بالدّمعِ إنْ لمْ يَسْجُمِ |
وَبِمَسْقَطِ العَلَمينِ ناعِمَةُ الصّبَا، | حَيرَى الشّبابِ تَبينُ إنْ لمْ تَصرِمِ |
بَيضَاءُ، تَكتُمُها الفِجَاجُ، وَخَلْفَها | نَفَسٌ يُصَعّدُهُ هوًى لمْ يُكْتَمِ |
هَلْ رَكْبُ مَكّةَ حَامِلُونَ تحيّةً، | تُهْدَى إلَيْهَا مِنْ مُعَنًّى مُغْرَمِ |
رَدَّ الجُفُونَ عَلى كَرًى مُتَبَدِّدٍ، | وَحَنَى الضّلُوعَ عَلَى جَوًى مُتَضَرّمِ |
إنْ لمْ يُبَلّغْكَ الحَجيجُ، فلا رُمُوا | بالجَمْرَتَيْنِ، ولا سُقُوا من زَمزَمِ |
وَمُنُوا بِرَائِعَةِ الفِرَاقِ، فإنّهُ | سِلْمُ السُّهَادِ وَحَرْبُ نَوْمِ النُّوّمِ |
ألْوَى بأرْبَدَ عَنْ لَبيدٍ، واهتَدَى | لابْنَيْ نُوَيْرَةَ مالِكٍ وَمُتَمِّمِ |
واغْتَرّ أهْلُ البَذّ في شُرُفَاتِهِمْ، | حتّى أصَابَهُمُ بسَيْفِ الهَيْثَمِ |
في وَقْعَةٍ، وَلّيْتَ عَنّي حَدّها | بأجَشّ مِنْ زَجَلِ الحَديدِ مُلَملَمِ |
نَزَلُوا، وَقَد كُرِهَ النّزَالُ، وَضَارَبُوا | جَنَبَاتِ أرْوَعَ، باللّوَاءِ مُعَمَّمِ |
نَقَلَ الرِّجَالَ إلى الجِبَالِ فلَمْ يدَعْ | في هَضْبِ أرْشَقَ عُصْمَةً للأعصَمِ |
وأزَارَ أرْضَ الرّومِ أطْرَافَ الظُّبا، | حَتّى أقَامَ مُلُوكَها في المَقْسِمِ |
وَثَنَى إلى عَلْوِ الجَزِيرَةِ خَيْلَهُ، | مُتَمَطِّرَاتٍ في العَجَاجِ الأقْتَمِ |
غُلْقاً عَلَى الشّرّ الذي لَمْ يَندَفِعْ، | عُجْلاً إلى الدّاءِ الذي لَمْ يُحْسَمِ |
غَشِيَتْ قَنَاهُ النِّمْرَ، حتّى أوْجَفُوا | عَنَقاً على عَنَقِ الطّرِيقِ الأقْوَمِ |
وَنَفَى الأرَاقِمَ أُفْعُوَانُ مَضِلَّةٍ، | يَفْرِي بِنَابَيْهِ قَمِيصَ الأرْقَمِ |
قَارِي سِبَاعٍ، قَدْ لَغِبْنَ، حَوَائِمٍ | في نَقْعِهِ، وَمُضِيفُ طَيرٍ حُوَّمِ |
يُدْني يَداً بَيْضاءَ يَختَلِطُ النّدَى | فيها إذا لَقِيَ الفَوَارِسَ بالدّمِ |
وَيُعِزُّ جَانِبَهُ، فَيُظْلِمُ نَفْسَهُ | لِعُفاتِهِ بالجُودِ، إنْ لَمْ يُظْلَمِ |
تَنْمِيهِ، مِنْ سَلَفَيْ غُنَيٍّ، أُسْرَةٌ | بِيضُ الوُجُوهِ إلى المَكَارِمِ تَنْتَمي |
أهْلُ الحُبَى اللاّتي كأنّ بُرُودَها، | من حِلمِهِمْ، ضَمّتْ هِضَابَ يَلَملَمِ |
وَمُؤرِّثُو النّارِ العَتيقَةِ لِلْقِرَى، | وَمُشَيِّدُو البَيْتِ الرّفيعِ الأقْدَمِ |
جُدُدٌ مَكَارِمُهُمْ، كما بُدئتْ، وَهمْ | أعْلَى وأكْبَرُ مِنْ ضُبَيْعَةِ أضْجَمِ |
صَحِبُوا الزّمَانَ الفَرْطَ، إلاّ أنّهُ | هَرِمَ الزّمَانُ وَعِزُّهُمْ لمْ يَهْرَمِ |
شَغَلُوا عَلَى غَطَفَانَ شَأْساً فِي الْوَغى | وبَنُو جَذِيمَةَ شَاهِدُوهُ وحِذْيَمِ |
لَوْ كُنتَ جَارَ بُيُوتِهِمْ لمْ تُهْتَضَمْ، | أوْ كُنْتَ طالبَ رِفدِهمْ لمْ تُعْدِمِ |
مِنْ كُلّ أغْلَبَ، وِدُّهُ أنّ ابْنَهُ، | يَوْمَ الحِفاظِ، يَمُوتُ إنْ لمْ يُكْرِمِ |
لا يَقْتُلِ الحُسّادُ أنْفُسَهُمْ، فَقَدْ | هَتَكَ الصّبَاحُ دُجَى الهَزِيعِ المُظلِمِ |
غَنِيَتْ غَنِيّ بالذُّرَى مِنْ مَجْدِهَا، | وَقَبَائِلٌ بَينَ الحَصَى والمَنْسِمِ |
فَقَعُوا عَلى أحْسَابِكُمْ وَهُبُوطِها، | وَدَعُوا العُلُوّ، فإنّهُ لِلأنْجُمِ |
كَرُمَ ابنُ عُثْمَانٍ، فَما يَنفَكُّ من | مَالٍ مُهَانٍ عِنْدَ زَوْرٍ مُكْرَمِ |
إنّا بَعَثْنا اليْعْمَلاَتِ، قَوَاصِداً | لِفنَائِكَ المَأنُوسِ قَصْدَ الأسهُمِ |
مِيلَ الحَوَاجِبِ، والنّجُومُ كأنّها، | خَلَلَ الحَنَادِسِ، شُعْلَةٌ في أدْهَمِ |
لَتَجُودَ عَنْ فَهْمٍ يَدَاكَ وَلَمْ يَجُدْ، | وإنِ استَهَلّ نَداهُ مَنْ لَمْ يَفْهَمِ |
فاسْلَمْ عَلى عَوْدِ الخُطُوبِ وَبَدْئِها، | وإنِ اغْتَدَيتَ بِتَالِدٍ لمْ يَسْلَمِ |
وَلَقَدْ جَرَيْتَ إلى المَعَالي سابِقاً، | فأخَذْتَ حَظّ الأوّلِ المُتَقَدِّمِ |
وَكَبَا عَدُوُّكَ، حينَ رَامَ بكَ التي | تُخشَى، فقُلنا: لليَدينِ وللفَمِ |