أبالمنحنى أم بالعقيق أم الجرف
مدة
قراءة القصيدة :
3 دقائق
.
أبالمُنْحَنَى، أمْ بالعَقيقِ أمِ الجُرْفِ | أنيسٌ فيُسلينا عَنِ الأُنَّسِ الوُطْفِ |
لَعَمْرُ الرّسومِ الدّارِساتِ لقد غدَتْ | بِرَيّا سُعَادٍ، وَهيَ طَيّبَةُ العَرْفِ |
بَكَيْنَا، فمِنْ دَمعٍ يُمازِجُهُ دَمٌ | هناكَ وَمِن دَمْعٍ بهِ صِرْفِ |
وَلمْ أنْسَ إذْ رَاحوا مُطيعينَ للنّوَى، | وَقد وَقَفَتْ ذاتُ الوِشاحينِ وَالوَقفِ |
ثنَتْ طَرْفَها دونَ المَشيبِ، ومَن يشِبْ | فكُلُّ الغَوَاني عَنهُ مُثنيَةُ الطَّرْفِ |
وَجُنَّ الهَوَى فيها، عَشِيّةَ أعرَضَتْ | بِناظِرَتَيْ ريْمٍ، وَسَالِفَتَيْ خِشْفِ |
وَأفْلَجَ بَرّاقٍ، يَرُوحُ رُضَابُهُ | حَرَاماً على التّقبيلِ بَسلاً على الرَّشفِ |
لآلِ حُمَيْدٍ مَذْهَبٌ فيّ لَمْ أكُنْ | لأذْهَبَهُ فيهِمْ، وَلَوْ جدَعوا أنفي |
وَإنّ الذي أُبْدي لَهُمْ من مَوَدّتي، | على عُدَوَاءِ الدَّارِ، دونَ الذي أُخفي |
وَكنتُ إذا وَلّيتُ بالوِدّ عَنْهُمُ، | دَعَوْني، فألْفَوْني لَهمْ لَيّنَ العطفِ |
وَلمْ أرْمِ، إلاّ كانَ عِرْضُ عَدوّهمْ | من النّاسِ قُدّامي، وَأعرَاضُهم خلفي |
جَعَلْتُ لِساني دونَهُمْ، وَلَوَ أنّهم | أهابُوا بسَيفي كانَ أسرَعَ من طَرْفي |
دَعَاني، إلى قَوْلِ الخَنَا وَاستِماعِهِ، | أبو نَهشَلٍ، بَعْدَ المَوَدّةِ وَالحِلْفِ |
وَأخْطَرَني للشّاتِمِينَ، وَلمْ أكُنْ | لأُشْتَمَ إلاّ بالتّكذيُّبِِ وَالقَرْفِ |
فَما ثَلَمُوا حدِّي، وَلا فتَلوا يَدي، | وَلا ضَعضَعوا عزمّي، وَلا زَعزَعوا كهفي |
وَهَلْ هَضَباتُ ابْنَيْ شَمَامٍ بَوَارِحٌ | إذا عصَفتْ هوجُ الجَنائبِ بالعَصْفِ |
رَجعتُ إِلى حِلمي، وَلَوْ شِئْتُ شُرِّدت | نوافِذُ تمْضِي في الدِّلاصِيَةِ الزَّعفِ |
أبَى لي العَبيدونَ الثّلاثَةُ أنْ أرَى | رَسيلَ لَئيمٍ، في المُباذاةِ، وَالقَذْفِ |
وَأجبُنُ عَن تَعرِيضِ عِرْضِي لجاهلٍ، | وَإنْ كنتُ في الإقدامِ أطعَنُ في الصّفّ |
وَلَمّا تَبَاذَيْنَا، فَرَرْتُ منَ الخَنَا | بأشياخِ صِدْقٍ لم يَفِرّوا من الزّحْفِ |
جمَعتُ قُوَى حَزْمي، وَوَجّهتُ همّتي، | فسِرْتُ وَمثلي سارَ عن خُطّةِ الخَسفِ |
وَإنّي مَليءٌ إنْ ثَنَيْتُ رَكَائِبي | بدَيمُومَةٍ تَسفي بها الرّيحُ ما تَسفي |
تَرَكتُكَ للقَوْمِ الذينَ تَرَكْتَني | لهم وَسَلا الإلْفُ المَشوقُ إِلىِ الإلْفِ |
وَقَالَ ليَ الأعداءُ: ما أنتَ قائِلٌ؟ | وَلَيس يَرَاني الله أنحَتُ مِنْ حَرْفي |
وَإنّي لَئيمٌ، إنْ تَرَكْتُ لأُسرَتيء | أوَابدَ تَبقى في القَرَاطيسِ، وَالصُّحْفِ |
أبَا نَهْشَلٍ للحادِثِ النُّكْرِ إنْ عرَا، | وَللدّهرِ ذي الخَطبِ المُبرِّحِ وَالصّرْفِ |
كَرُمْتَ، فَما كَدّرْتَ نَيلَكَ عندنا | بمَنٍّ، وَلا أخلَفتَ وَعدَكَ في الخُلفِ |
وَما الهَجرُ منّي عن قِلًى، غيرَ أنّها | مُجازَاةُ أوْغادٍ نفََضْتُ بها كَفّي |
وَلَمّا رَأيتُ القُرْبَ يَدوِي اتّصَالُهُ، | بَعُدْتُ، لعَلّ البُعدَ من ظالمٍ يَشفي |
فلِمْ صرْتُ في جَدَواكَ أسوَةَ وَاحِدٍ، | وَقد نُبتُ في تَفوِيفِ مَدحكَ عن ألْفِ |
وإِني لأسْتَبْقي وَدادَكَ للّتي | تُلِمُّ، وَأرْضَى منكَ دونَ الذي يكفي |
وَأسْألُكَ النِّصْفَ احتِجازاً، وَرُبّما | أبَيْتُ، فلَم أسمحْ لغَيرِكَ بالنِّصْفِ |
وَإنّي لمَحسُودٌ عَلَيْكَ، مُنافَسٌ، | وَإنْ كُنْتُ أستَبطي كَثيراً وَأستَجفي |
وَكَمْ لكَ عندي مِنْ يَدٍ صَامِتيّةٍ، | يَقِلُّ لهَا شكرِي، وَيَعيَا بهَا وَصْفي |
فَلا تَجعَلِ المَعرُوفَ رِقّاً، فإنّنا | خُلِقنا نجوماً لَيسَ يُملَكنَ بالعُرْفِ |
لكَ الشّكْرُ منّي وَالثّناءُ مُخَلَّداً، | وَشِعرٌ كمَوْجِ البحرِ يَصْفو وَلا يُصْفي |