لولا تعنفني لقلت المنزل
مدة
قراءة القصيدة :
3 دقائق
.
لَوْلاَ تُعَنّفُني لَقُلْتُ: المُنْزِلُ، | مَعْنًى تُبَيِّنُهُ، وَمَغْنًى مُشْكِلُ |
وَبوَقْفَةٍ يَشْفِي غَلِيلَ صَبَابَةٍ، | وَيَقُولُ صَبٌّ مَا أرَادَ وَيَفْعَلُ |
سَالَتْ مُقَدَّمَةُ الدّمُوعِ، وَخَلّفتْ | حُرَقاً تَوَقَّدُ في الحَشَا، ما تَرحَلُ |
إنّ الفِرَاقَ، كَمَا عَلِمتَ، فخَلّني | وَمَدَامِعاً تَسَعُ الفِرَاقَ، وَتَفْضُلُ |
إلاّ يَكُنْ صَبْرٌ جَميلٌ، فالهَوَى | نَشْوَانُ يَجْمُلُ فيهِ مَا لاَ يَجمُلُ |
يا دارُ! لا زَالَتْ رُبَاكِ مَجُودَةً، | منْ كلّ سَادِيَةٍ، تَعِلُّ وَتَنْهَلُ |
أَذْكَرْتِِنَا دُوَلَ الزّمَانِ وَصَرْفَهُ، | وأرَيْتِنَا كَيْفَ الخُطُوبُ النُّزَّلُ |
أصَبَابَةً بِرُسُومِ رَامَةَ، بَعدَمَا | عَرَفَتْ مَعَارَِفها الصَّبَا والشّمْألُ |
وَسألتُ مَنْ لا يَستَجِيبُ فكنتُ في اسْـ | ـتِخْبَارِهِ كَمُجِيبِ مَنْ لا يَسألُ |
ألْيَوْمَ أُطْلِعَ للخِلاَفَةِ سَعْدُها، | وأضَاءَ فيهاِ بَدْرُهَا المُتَهَلِّلُ |
لَبِسَتْ جَلاَلَةَ جَعْفَرٍ، فكَأنّها | سَحَرٌ تَحَلَّلَهُ الصَّباحُ المُقْبِلُ |
جَاءَتْهُ طَائِعَةً، وَلَمْ يُهْزَزْ لَهَا | رُمْحٌ، وَلَمْ يُشْهَرْ عَلَيْها مُنْصُلُ |
أنّى، وَقَدْ كَانتَ تّلَفُ نحوَهُ، | مِنْ قَبلِ أنْ يَقَعَ القَضاءُ، فتُعقَلُ |
حتّى أتَتْهُ يَقُودُها استِحْقَاقُهُ، | وَيَسُوقُهَا حَظٌّ إلَيْهِ مُقْبِلُ |
عَنْ بَيْعَةٍ، إلاّ تَكُنْ عَقِبِيّةً، | فَهيَ التي رَضِيَ الكِتَابُ المُنْزَلُ |
لَمْ تَنْصَرِفْ عَنها النّفُوسُ وَلَم تَزِغْ | فيها القُلُوبُ، وَلَم تَزِلّ الأرْجُلُ |
مَسَحُوا أكُفَّهُمُ بِكَفّ خَلِيفَةٍ، | نَجَمَتْ بدَوْلَتِهِ، الحُقُوقُ الأُفَّلُ |
وَكَفَتْهُمُ الشّورَى شَوَاهِدُ أعرَبتْ | عَن أمرِهِ، وَفَضِيلَةٍ مَا تَشْكُلُ |
فَكأَنَّما الدُّنْيَا هُنالِكَ رَوضَةٌ | راحتْ جَوانِبُها تُراحُ وتُوبَلُ |
أو َمَا تَرَى حُسنَ الزّمانِ، وَمَا بَدا، | وأعَادَ في أيّامِهِ المُتَوَكّلُ |
أشرَقْنَ حَتّى كَادَ يُقْتَبَسُ الدّجَى، | وَرَطِبْنَ حَتّى كَادَ يَجْري الجَنْدَلُ |
مِنْ بَعْدِما اسوَدّ الزَّمانُ المُنْتَضَى | فينا، وَجَفّ لَنا الثّرَى المُتَبَلّلُ |
ألله سَهّلَ بِالخَلِيفَةِ جَعْفَرٍ، | مِنْ دَهْرِنَا، ما لمْ يَكُنْ يَتَسَهّلُ |
مَلِكٌ أذَلَّ المُعتَدينَ بِوَطْأةٍ، | تَرْسُو على كَتِدِ النّفَاقِ، وَتَثْقُلُ |
إنْ كَلّ صَرْفُ الدّهْرِ لمْ يَكْلُل، وإن | غَفِلَ الرّبيعُ، فَجُودُهُ لا يَغفُلُ |
نَفْسٌ مُشَيَّعَةٌ، وَرَأيٌ مُحصَدٌ، | وَيَدٌ مُؤيَّدَةٌ، وَقَوْلٌ فَيصَلُ |
وَلَهُ، وإنْ غَدَتِ البِلادُ عَرِيضَةً، | طَرْفٌ بأطْرافِ البِلاَدِ مُوَكَّلُ |
إسْلَمْ أمِيرَ المُؤمِنينَ لِسُنّةٍ | أحْيَيْتَهَا، والنّاسُ حَيْرَى ضُلَّلُ |
وَرَعِيّةٍ أحْسَنْتَ رَعْيَ سَوَامِهَا، | حتّى غَدَتْ والعَدْلُ فيها مَهْمُلُ |
ألله يَشكُرُ مِنْكَ سعْياً صَادِقاً | في حِفْظِهَا، ثمّ النّبيّ المُرْسَلُ |
فَضْلُ الخَلائِفِ بالخِلاَفَةِ واقِفٌ | في الرّتْبَةِ العُلْيَا، وَفَضْلُكَ أفضَلُ |
أَوفيت عَاشِرهُمْ، فإنْ نُدِبُوا إلى | كَرَمٍ وإحْسَانٍ، فأنْتَ الأوّلُ |
وَغَدَوْتَ في بُرْدِ النّبيّ وَهَدْيِهِ | تُرجَى لِحُكْمٍ قَاصِدٍ، وَتُؤمَّلُ |