أأفاق صب من هوى فأفيقا
مدة
قراءة القصيدة :
5 دقائق
.
أأفاق صَبٌّ مِنْ هَوىً، فأُفِيقَا، | أمْ خانَ عَهْداً، أمْ أطاعَ شَفِيقَا |
إنّ السّلُوّ، كما تَقولُ، لَرَاحَةٌ، | لَوْ رَاحَ قلْبي للسّلُوِّ مُطِيقَا |
هَذا العَقِيقُ، وفِيهِ مَرْأًى مَونِقٌ | لِلْعَينِ، لَوْ كانَ العَقيقُ عَقِيقَا |
أشَقِيقَةَ العَلَمَيْنِ! هلْ من نَظرَةٍ | قتَبُلَّ قلْباً، للغَلِيلِ، شَقيقَا |
وَسَمَتْكِ أرْدِيَةُ السماءِ بِديمَةٍ، | تُحْيي رَجاءً، أوْ تَرُدُّ عَشِيقَا |
وَلَئِنْ تَنَاوَلَ مِنْ بَشاشَتِكِ البِلى | طَرَفاً، وَأوْحشَ أُنْسَكِ الموْموقا |
فَلَرُبّ يَوْمٍ قَدْ غَنِينَا نَجْتَلي | مَغْناكِ، بالرّشَإ الأنِيقِ، أنِيقَا |
عَلَ البَخيلَةَ أن تجودَ بِها النّوى، | وَالدّارَ تَجْمَعُ شائِقاً وَمَشوقَا |
كَذَبَ العَوَاذِلُ أنتِ أقْتلُ لحظةً، | وأغَضُّ أطْرَافاً وَأعْذَبُ رِيقَا |
مَاذا عَلَيْكَ لَوِ اقْتَرَبْتِ بِمَوْعِدٍ | يشِْفي الجَوَى، وَسَقَيْتِنا تَرْنِيقا |
غَدَتِ الجزِيرَةُ، في جَنابِ محَمّدٍ، | رَيّا الجَنابِ، مَغَارِباً، وَشُرُوقَا |
بَرَقَتْ مَخايِلُهُ لهَا، وَتَخَرّقَتْ | فِيها عَزَالي جُودِهِ، تَخْرِيقَا |
صَفَحَتْ لهُ عنْها السنونَ، وَوَاجَهَتْ | أطْرَفُهَا وَجْهَ الزّمان طَلِيقَا |
رَفَعَ الأميرُ أبو سعِيدٍ ذكْرَها، | وَأقَامَ فِيهَا للمَكارِمِ سُوقَا |
يَسْتَمطِرُونَ يداً يَفيِضُ نَوَالُها، | فيُغَرّقُ المَحْرُومَ، والمَرْزُوقا |
يقظٌ، إذا اعترَضَ الخُطوبَ بِرَأيهِ، | تَرَكَ الجَلِيلَ منَ الخُطوبِ دَقيقا |
هَلاّ سَألْتَ مَحمّداً بِمُحمّدٍ، | تَجِدُ الخَبيرَ الصَّادقَ، المَصْدوقا |
وَسَلِ الشُّرَاةَ، فإنّهُمْ أشْقَى بِهِ | مِن أهلِ مُوقانَ الأوَائِلِ مُوقا |
كُنّا نُكَفّرُ مِن أُمَيّةَ عُصْبَةً، | طَلَبُوا الخِلافَةَ فَجْرَةً، وَفُسوقا |
وَنَلومُ طَلْحَةَ والزّبَيْرَ كِليهِما، | وَنُعَنّفُ الصّدّيقَوالفارُوقا |
وَهُمْ قُريشُ الأضبطَحيْن إِذا أنتَمَوا | طَابُوا أْصُولا فيهِمُ وعُرُوقَا |
ونَقُولُ تَيْمٌ قَربتْ وعَدِِيُّها | أَمرْاً بَعِيداَ حَيْثُ كانَ سَحِيقَا |
حتّى غَدَتْ جُشَمُ بنُ بَكْرٍ تبْتغي | إرْثَ النبيّ، وتدّعِيهِ حُقُوقَا |
جاءُوا بِرَاعِيهِمْ ليتّخِذوا بهِ | عَمَداً، إلى قَطْعِ الطريقِ، طَريقَا |
طَرَحُوا عَبَاءَتَهُ وَألْقَوا فوْقَهُ | ثَوْبَ الخِلافَةِ مُشْرَباً، رَاوُوقَا |
عَقَدُوا عِمَامَتَهُ بِرَأسِ قَنَاتِهِ، | وَرَأوْهُ بَرّاً فَاسْتَحالَ عُقُوقَا |
وأقامَ يُنْفِذُ في الجزِيرَةِ حُكْمَهُ، | وَيَظُنُّ وَعْدَ الكاذِبينَ صَدوقَا |
حَتّى إذا ما الحَيّةُ الذّكَرُ انْكَفا، | مِنْ أرْزَنٍ، حَنَقاً، يَمُجُّ حَرِيقَا |
غضْبانَ يلقى الشمسَ منهُ بِهامَةٍ، | تغْْشى العُيونَ تألّقاً وبَريقَا |
أوْفَى عَليْهِ، فَظنَّ منْ دَهَشٍ بهِ | البَرّ بَحْراً، وَالفَضَاءَ مَضِيقَا |
غَدَرَتْ أمَانِيهِ بِهِ، وَتَمَزّقَتْ | عنْهُ غَيَابَةُ سُكْرِهِ تَمْزِيقَا |
طَلَعَتْ جِيادُكَ من رُبا الجُوديّ قدْ | حُمّلْنَ مِنْ دُفَعِ المَنُونِ وُسوقَا |
يطْلُبْنَ ثأَرَ الله عِنْدَ عِصَابَةٍ، | خَلَعوا الإمامَ، وَخالَفوا التّوْفيقا |
يَرْمونَ خالِقَهُمْ بِأقْبَحِ فِعلِهمْ، | وَيُحَرّفُونَ كتابَهُ المَنْسُوقَا |
فدعا فرِيقاً، مِن سيوفك، حتْفُهُمْ، | وَشَدَدْتَ في عُقَدِ الحَديدِ فَريقَا |
وَمَضَى ابْنُ عَمْروٍ قد أساء بعُمْرِهِ | ظنّاً، يُنَزِّقُ مَهْرَهُ تَنْزِيقَا |
رَكِبَتْ جَوَانِحُهُ قَوَادِمَ رَوعِهِ، | يَخَذَفْنَهُ خَذْفَ المَريرِ الفُوقَا |
فاجتازَ دِجْلَةَ خائضاً، وكأنّها | قَعْبٌ على بابِ الكَحِيلِ أُرِيقَا |
لَوْ خاضَها عِمْلِيقُ، أوْ عُوجٌ، إذاً | ما جَوّزَتْ عُوجاً، وَلا عِمْليقَا |
لَوْلا اضْطَرَابُ الخوْفِ في أحشائهِ، | رَسَبَ العُبابُ بهِ، فماتَ غَرِيقَا |
خاضَ الحُتوفَ إلى الحُتوفِ مُعانِقاً | زَجَلاً، كفِهْرِ المَنجنِيقِ، عَتيقَا |
يَجْتابُ حَرَّةَ سهَلِْها وَوعُورها، | والطِّيْرَهَانُ مَرَادُهُ وَدقُوقا |
لَوْ نَفّسَتُهُ الخَيْلُ لِفْتَةَ نَاظِرٍ | مَلأ البِلادَ زَلازِلاً، وَفُتوقَا |
لَثَنَى صُدورَ السُّمرِ تَكشِفُ كُرْبَةً، | وَلوَى رُؤوسَ الخَيْلِ تَفْرِجُ ضِيقَا |
وَلَبَكّرَتْ بَكْرٌ، وَرَاحتْ تَغْلِبٌ، | في نَصْرِ دَعْوَتِهِ إليْهِ، طُرُوقَا |
حَتّى يَعودَ الذّئبُ لَيْثاً ضَيْغَماً، | والغُصْنُ ساقاً، والقَرَارَةُ نِيقَا |
هَيْهاتِ مارَسَ قُلْقُلاً مُتَيَقّظاً | قَلِقاً، إذا سَكَنَ البَليدُ، رَشيقَا |
مُسْتَسْلِفاً، جعَل الغَبُوقَ صَبوحَهُ، | وَمَرَى صَبوحَ غَدٍ، فكانَ غَبوقَا |
لله ركْضُكَ، إذْ يُبادرُكَ المدَى، | وَمُبِرُّ سَبْقِكَ، إذْ أتى مَسْبُوقَا |
جاذَبْتَهُ فَضْلَ الحَيَاةِ فأفْلَتَتْ | منْ كَفّهِ قَمِناً بِذاكَ، حَقِيقَا |
فرَدَدْتَ مُهْجتَهُ، وَقد كرَعَ الرّدَى، | لِيَحُفّ مِنْها مَنْهَلاً، مَطرُوقَا |
لَبِسَ الحَديدَ َخَلاخِلاً وأساوِراً ، | فكَفَيْنَهُ التّسْوِيرَ والتّطْوِيقَا |
بِالتّلّ تَلِّ رَبيعَ، بَينَ مَوَاضِعٍ، | مَا زَالَ دِينُ الله فِيها يُوقَى |
ساتَيدَمَا وَسُيوفُنَا في هَضْبِهِ، | يَفْرِي إياسُ بهَا الطُّلى وَالسُّوقَا |
حَتّى تَنَاولَ تَاجَ قَيْصَرَ مُذْهَباً | بِدَمٍ، وَفَرّقَ جَمْعَهُ تَفْرِيقَا |
والجَازِرَيْن وهَتْمِ إِبراهيم فِي | ثِنَييْهِما تِلْكَ الثَّنَايا الرُّوقَا |
قَتلَ الدّعِيَّ ابنَ الدّعيّ بِضَرْبَةٍ | خَلْسٍ، وَحَرّقَ جيْشَهُ تحْرِيقَا |
وَالزّابُ، إذْ حانَتْ أميّةُ، فاعتَدَتْ | تُزْجي لَنَا جَعْدِيَّهَا الزّنْديقَا |
كشَفوا بِتَلّ كُشافَ أرْوِقَةَ الدّجى | عَنْ عارِضٍ، مَلأ السّماءَ بُرُوقَا |
نِلْنَاهُمُ، قبْلَ الشّرُوقِ، بِأذْرُعٍ | يَهْزُرْنَ في كَبِدِ الظّلامِ شُرُوقَا |
حَتّى تَرَكْنَا الهامَ يَنْدُبُ منْهُمُ | هَاماً، بِبَطْنِ الزّابِيَيْنِ، فَلِيقَا |
يا تَغْلِبُ ابْنَةُ وَائلٍ حتى متى | تَرِدونَ كُفْراً مُوبِقاً، وَمُرُوقَا |
تَتَجاوَبونَ بِدَعَوةٍ مخُذُولَةٍ، | دَعْوَى الحَميرِ، إذا أرَدْنَ نَهِيقَا |
وَلقَدْ نَظَرْنا في الكتابِ، فلمْ نجِدْ | لِمقالِكُمْ في آيِةِ تَحْقِيقَا |
أوَمَا عَلِمْتُمْ أنّ سيْفَ مُحَمّدٍ | أمْسَى عَذاباً، بالطّغاةِ، مُحْيقَا |
لا تَنْتَضُوهُ بِأنْ تَرُومُوا خِطّةً | عَسْرَاءَ تُعْيِي الطّالِبِينَ لُحوقَا |
لا تَحْسِبُنّ النّاسَ، إن صَفَرَتْ بهمْ | رُعْيَانُكُمْ، بُهْماً أطَاعَ، وَنُوقَا |
خَلّوا الخِلافَةَ، إنّ دونَ منالِهَا | قَدَراً، بِأخْذِ الظّالمِينَ، خَلِيقَا |
قدْ رَدّهَا زَيْدُ بنُ حُصْنٍ، بعْدَما | رَدّوا إَِلَيْهِ رِداءَهَا مَشْقُوقَا |
وَرِجالُ طَيٍّ مُصْلِتونَ أمامَهُ | وَرَقاً هُناكَ، منَ الحديدِ، رَقِيقَا |
بالنّهْرَوانِ، وَعَاهَدُوهُ، فأكّدُوا | عَقْداً لهُ، بينَ القُلوبِ، وَثِيقَا |
لَمْ يَرْضَهَا لمّا اجْتَلاها صَعْبَةً، | لمْ تَرْضَهُ خِدْناً لهَا، وَرَفِيقَا |
لَوْ وَاصَلَتْ أحَداً سِوَى أصْحَابِهَا | مِنْهُمْ، لكان لهَا أخاً وَصَديقَا |