ناهيك من حرق أبيت أقاسي
مدة
قراءة القصيدة :
دقيقتان
.
نَاهِيكَ مِنْ حُرَقٍ أبِيتُ أُقاسِي، | وَجُرُوحِ حُبٍّ ما لَهُنّ أوَاسِ |
إمّا لَحَظْتَ، فأنْتَ جُؤذُرُ رَمْلَةٍ، | وإذا صَدَدْتَ، فأنتَ ظبيُ كِناسِ |
قَد كانَ منّي الحُزْنُ، غِبَّ تَذَكّرٍ، | إذْ كَانَ مِنْكَ الصّبرُ غِبَّ تَناسِ |
تَجرِي دُمُوعي، حينَ دَمعُكَ جامد، | وَيَلينُ قَلبي، حينَ قَلبُكَ قاسِ |
أسَمِعتَ عاذِلَةً، فَهَلْ طاوَعتَها، | وَرَأيتَ شانِئَةً، فَهَلْ مِنْ بَاسِ |
ما قُلْتُ للطّيْفِ المُسَلِّمِ: لا تَعُدْ | تَغشَى، وَلاَ كَفكَفْتُ حاملَ كاسِ |
يا بَرْقُ! أسفِرْ عَنْ قُوَيْقَ، فطُرّتَيْ | حَلَبٍ، فأعلى القَضرِ منْ بَطْيَاسِ |
عَن مَنْبِتِ الوَرْدِ، المُعَصْفَرِ صِبْغُهُ، | في كُلّ ضَاحيَةٍ، وَمَجْنَى الآسِ |
أرْضٌ، إذا استَوْحَشتُ ثمّ أتَيْتُها | حَشَدَتْ عليّ، فأكثَرَتْ إينَاسي |
أليَوْمَ حَوّلَني المَشيبُ إلى النُّهَى، | وَذَلَلْتُ للعُذّالِ، بَعْدَ شِمَاسِ |
وَرَفَعْتُ مِنْ نظَري إلى أهلِ الحِجَى، | وَلَوَيْتُ، عَنْ أهْلِ الغِوايَةِ، رَاسِي |
وَرَضِيتُ، مِنْ عَوْدِ البَخِيلِ وَبَدْئِهِ، | باليَأسِ، لَوْ نَفَعَ الرّضَى باليَاسِ |
أبلِغْ أبَا الحَسَنِ الذي لَبِسَ النّدى | للخابِطِينَ، فَكَانَ خَيرَ لِبَاسِ |
مَهْمَا نَسيتُ، فلَستُ للحَسنِ الذي | أوْلَيْتَ، في قِدَمِ الزّمَانِ، بِنَاسِ |
وَلَئِنْ أطَلْتُ البُعْدَ عَنْكَ فلمْ تَزَلْ | نَفْسي إلَيْكَ كَثِيرَةَ الإنْفَاسِ |
إنْ تُكسَ مِنْ وَشْيِ المَديحِ، فإنّهُ | مِن ضَوْءِ سَيْبِكَ في المَحَافِلِ كاسِ |
وَكَأنّكَ العَبّاسُ نُبْلَ خَليقَةٍ، | وَعُلُوَّ هَمٍّ في بَني العَبّاسِ |
وَتَفَاضُلُ الأخْلاَقِ، إنْ حَصّلْتَهَا | في النّاسِ، حَسبُ تَفَاضُلِ الأجناسِ |
لَوْ جَلّ خَلْقٌ قَطّ عَنْ أُكْرُومَةٍ | تُنْثَى، جَلَلْتَ عن النّدى والبَاسِ |
وأبي أبيكَ، لَقَدْ تُقَصّي غَايَةً | في المَكْرُمَاتِ، قَليلَةَ الأُنَاسِ |
فإذا بَنَى غُفْلُ الرّجالِ بُنًى عَلى | جَدَدٍ، بَنَيتَ على ذُرًى وأسَاسِ |
وإنِ استَطاعَتْهُ المَنُونُ، فبَعْدَما | دَخَلَتْ على الآسادِ في الأخْيَاسِ |
قَدْ قُلتُ للرّامِينَ مَجْدَكَ بالمُنَى، | وَلحَاسِدِيكَ الرُّذّلِ الأنْكاسِ |
رُودوا بأفْنِيَةِ الظِّرَابِ، وَنَكِّبُوا | عَنْ ذَلكَ الجَبَلِ الأشَمّ الرّاسِي |
فَهُنَاكَ أرْوَعُ مِنْ أرُومَةِ هَاشِمٍ، | رَحْبُ النّدِيّ، مُوَقَّرُ الجُلاّسِ |
ساحَتْ مَوَاهِبُهُ فلَمْ تُحوِجْ ألى | جَذْبِ الدّلاءِ، تُمدُّ بالأمْرَاسِ |
لا مُطلِقٌ هُجرَ الحَديثِ، إذا احتَبَى | فيهِمْ، ولا شَرِسُ السّجيّةِ جاسِ |
حَيثُ السّجايا الباذِلاتُ ضَوَاحِكٌ، | زُهْرٌ، وَحَيْثُ العَاذِلاتُ خَوَاسِي |
لا مِنْ طَرِيفٍ جَمّعَتْهُ خِيَانَةٌ، | ما مِنْهُ يَبْذُلُ جاهِداً، وَيُوَاسي |
لَيْسَ الذي يُعْطيكَ تالَدِ مالِهِ، | مِثْلَ الذي يُعطيكَ مالَ النّاسِ |