أَيَا رَبْعَ صبري كَيف طاوعَك البلى
مدة
قراءة القصيدة :
دقيقتان
.
أَيَا رَبْعَ صبري كَيف طاوعَك البلى | فجددتَ عهدَ الشوقِ في دمنِ الهوى |
وأَجْريْتَ مَاءَ الوَصْلِ في تُربة الجَفَا | فأورقَ غصنُ الحبَّ في روضة ِ الرضا |
أَرَدْتَ بتجديد الهَوَى ذِكرَ ما مضى | فأَحْيَيْتَ عَهْدَ الحُبِّ في مأْتمِ النَّوى |
وَ كشفتَ غيمَ الغدرِ عن قمرِ الوفا | فأشرقَ نورُ الوصلِ عن ظلمِ الجفا |
كأنك عاينتَ الذي بي منَ الهوى | فقاسمتني البلوى وقاسمتك البلى |
وَدَارَتْ بُرُوجُ اليَأْسِ في فَلَكِ الرَّجا | وَ هبَّ نسيمُ الشوقِ في أمل المنى |
لَئِنْ مَاتَ يَأْسِي مِنْهُ إذْ عَاشَ مَطْمعي | فإني قد استمسكتُ من لحظهِ الرجا |
وَ ما ذكرتكَ النفسُ إلاّ تصاعدتْ | إلَى العَيْنِ فکنْهَلَّتْ مع الدَّمْعِ في البُكَا |
تواصلني طوراً وتهجرُ تارة ً | ألاَ ربَّ هجرٍ جرَّ أسبابهُ الصفا |
أرى الغيَّ رشداً في هواهُ وإنني | لأَقْنَعُ بالشَّكْوَى إلَى خَيْرِ مُشْتَكَى |
ألم ترَ أني بعتُ عزي بذلة ٍ | وَ طاوعتُ ما تهوى لطوعك ما تا |
وَ ما وَ حياة ِ الحبَّ حلتُ عن الذي | عَهِدْتَ ولكنْ كُلُّ شَيْءٍ إلى کنْتها |
وَرَيَّانَ مِنْ مَاءِ الشَّبَابِ كأَنَّما | يوردُ ماءَ الحسن في خدهِ الحيا |
إذا قابل الليلَ البهيمَ بوجهه | أزالَ ضياءَ الصبح في ظلمة ِ الدجى |
أَبَى لحظُ طَرْفِي أَنْ يُفَارقَ طَرْفَهُ | فلو رمتُ أثنيهِ عن الطرفِ ما انثنى |
أُشَبِّهُ صُدْغَيْهِ بخدَّيْهِ إذْ بدا | بِسَالِفَتَيْ ريمٍ وَعِطْفَيْنِ من رَشَا |
إذا ما انتضى سيفَ الملاحة ِ طرفهُ | فليس لراءٍ طرفهُ لم يمتْ عزا |
أبى أن تنيلَ القلبَ رقة ُ كأسهِ | و دقتْ عن التشبيهِ في اللطفِ بالهوا |
كأنَّ بقايا ما عفا من حبابها | بقية ُ طَلٍّ فوق وَرْدٍ مِنَ الندى |
وَ ندمانِ صدقٍ قال لي بعد رقدة ٍ : | أَلا فکسْقِنِي كأساً على شدَّة الظَّما |
فناولتُه كأساً، فَثنّى بمثلها، | فقابلني حسنَ القبولِ كما انثنى |
تَحَامَى الكرى حتّى كأنَّ جفونَهُ | عليه لهُ منها رقيبٌ من الكرى |
وليلٍ تَمَادى طولُه فَقَصَرْتُه | بِرَاحٍ تُعيرُ الماءَ مِنْ صفوِها صفا |
تجافتْ جفون الشربِ فيه عن الكرى | فمنْ بينِ نشوانٍ وآخرَ ما انتشى |
و قد شربوا حتى ّ كأنَّ رؤسهمْ | منَ السكرِ في أعناقها سنة ُ الكرى |