أتَعْرِفُ رَسْماً دارِساً قَدْ تَغَيّرا
مدة
قراءة القصيدة :
4 دقائق
.
أتَعْرِفُ رَسْماً دارِساً قَدْ تَغَيّرا | بِذَرْوة َ أَقْوى بَعْدَ ليلى وأَقْفَرا |
كما خطَّ عبرانية ً بيمينهِ | بتيماءَ حبرٌ ثمّ عرضَ أسطرا |
أقولُ وقد شدّتْ برحليَ ناقتي | ونَهْنَهْتُ دمعَ العينِ أنْ يتحدّرا |
على أمَّ بيضاءَ السلامُ مضاعفاً | عديدَ الحصى ما بين حمصَ وشيزرا |
و قلتُ لها : يا أمَّ بيضاءَ إنهُ | كذلك بينا يعرفُ المرءُ أنكرا |
فَقَوْلُ ابْنَتي أَصْبَحْتَ شيخاً ومن أكُنْ | لهُ لدة ً يصبحْ من الشيبِ أوجرا |
كأنَّ الشَّبابَ كانَ رَوْحة راكبٍ | قضى أرباً من أهل سقفٍ لغضورا |
لقومٌ تصاببتُ المعيشة َ بعدهمْ | أعزُّ عليَّ من عِفاءٍ تَغَيَّرا |
تَذكَّرْتُ لمّاأثقلَ الَّدينُ كاهلي | وصانَ يَزيدُ مالَهُ وتَعَذَّرا |
رجالاً مضوا مني فلستُ مقايضاً | بِهِمْ أبداً منْ سائرِ الناسِ مَعْشراً |
ولمّا رأيتُ الأَمْرَ عَرْش هَوِيَّة ٍ | تَسلَّيْتُ حاجاتِ الفؤادِ بِشَمَّرا |
فقربتُ مبراة ً تخالُ ضلوعها | من الماسخياتِ القسيَّ المؤترا |
جُماليّة ٌ لو يُجعلُ السَّيفُ غَرْضَها | على حدهِ - لاستكبرتْ أن تضورا |
ولا عَيْبَ في مكروهِها غيرَ أنّهُ | تَبَدَّلَ جَوْناً بَعْدما كانَ أَزْهرا |
كأنَّ ذراعيها ذراعا مدلة ٍ | بُعَيْدَ السِّبابِ حاوَلَتْ أنْ تَعذَّرا |
مُمجَّدة ِ الأعْراقِ قال ابنُ ضَرَّة ٍ | عليها كلاماً جارَ فيهِ وأهجرا |
تقولُ لها جاراتُها إذْ أَتَيْنها | يحقُّ لليلى أنْ تعانَ وتنصرا |
يَغَرْنَ لِمِبْهاجٍ أزالَتْ حَليلَها | غَمامة ُ صيْفٍ ماؤُها غيرُ أكدَرا |
من البيضِ أعْطافاً إذا اتّصلتْ دَعتْ | فِراسَ بنَ غَنْمٍ أو لَقيطَ بنَ يَعْمُرا |
بِها شَرَقٌ من زَعْفرانٍ وعَنْبرٍ | أَطارَتْ من الحُسْنِ الرِّداءَ المُحبَّرا |
تقولُ وقد بلَّ الدموعُ خِمارَها: | أبى عِفّتي ومَنْصِبي أَنْ أُعَيّرا |
كأنَّ ابنَ آوى موثقٌ تحت غرضها | إذا هُوَ لم يَكلِمْ بِنابيْهِ ظَفَّرا |
كأنَّ بذفراها مناديلَ قارفتْ | أَكُفَّ رِجالٍ يعصِرُون الصَّنَوْبَرا |
وتَقْسِمُ طرفَ العيْنِ شطراً أمامَها | و شطراً تراهُ خشية السوطِ أخزرا |
لها مَنْسِمٌ مِثْلُ المَحارة ِ خُفُّهُ | كَأَنَّ الحصى من خَلْفِهِ حَذْفُ أعْسَرا |
إذا وردتْ ماءً هدوءاً جمامهُ | أَصاتَ سَدِيساها بِهِ فَتَشَوَّرا |
و قد أنعلتها الشمسُ نعلاً كأنهُ | قلوصُ نعامٍ زفها قدْ تمورا |
سرتْ من أعالي رحرحانَ فأصبحتْ | بفيدٍ وباقي ليلها ما تحسرا |
إذا قطعتْ قفاً كميتاً بدا لها | سماوة ُ قفًّ بين وردٍ وأشقرا |
و راحتْ رواحاً من زرودَ فنازعتْ | زبالة َ جلباباً من الليلِ أخضرا |
فأضحتْ بصحراءِ البُسَيْطة ِ عاصِفاً | تولي الحصى سمرَ العجاياتِ مجمرا |
و أضحتْ على ماءِ العذيبِ وعينها | كوقبِ الصفا جلسيها قدْ تغورا |
فلمّا دَنَتْ للبطنِ عاجَتْ جِرانَها | إلى حارِكٍ يَنْمي بِه غيرُ أَدْبرا |
وقد أَلْبَسَتْ أعلى البُرَيْدينِ غُرَّة ً | من الشَّمسِ إلباسَ الفتاة ِ الحَزَّورا |
و أعرضَ من خفانَ أجمٌ يزينهُ | شماريخُ باهي بانياهُ المشقرا |
فروَّحَها الرجَّافَ خَوْصاءَ تَحْتَذي | على اليمَّ باريَّ العراقِ المضفرا |
تحنُّ على شطَّ الفراتِ وقدْ بدا | سُهيلٌ لها من دونِهِ سَرْوُ حِمْيَرا |
ففاءتْ إلى قومٍ تريحُ رعاؤهمْ | عليْها ابنَ عِرسٍ والإِوَزَّ المُكَفَّرا |
إِذا ناهَبَتْ وُرْدَ البراذِينِ حَظَّها | من القتَّ لم ينظرنها أنْ تحدرا |
كأنَّ على أنيابها حينَ تنتحي | صياحَ الدجاجِ غدوة ً حينَ بشرا |
إذا ارتدفاها بعد طولِ هبابها | أَبَسّابِها من خَشْية ٍ ثمَّ قَرْقَرا |
وقد لَبِسَتْ عِنْدَ الإلهة ساطعاً | منَ الفَجرِ لمّا صاحَ بالليلِ بَقَّرا |
فلما تدلتْ من أجاردَ أرقلتْ | و جاءتْ بماءٍ كالعنية أصفرا |
فكلُّ بعيرٍ أحسنَ الناسُ نعتهُ | و آخرُ لم ينعتْ ، فداءٌ لضمزرا |