رأيتُ وقد أتى نَجْرانُ دوني
مدة
قراءة القصيدة :
دقيقتان
.
رأيتُ وقد أتى نَجْرانُ دوني | و ليلى دونَ أرحلها السديرُ |
لليلى بالفحيمِ ضوءَ نارٍ | يلوحُ كأنّهُ الشِّعرى العَبورُ |
إذا ما قلتُ خابية ٌ زهاها | سوادُ الليلِ والريحُ الدبورُ |
فما كادتْ وقدْ رفعوا سناها | ليبصرَ ضوءها إلاّ البصيرُ |
فبتُّ كأنني شافهتُ خمراً | معتقة ً حمياها تدورُ |
فقلتُ لصحبتي : هل يبلغني | إلى ليلى التهجرُ والبكورُ ؟ |
و إدلاجي إذ الظلماءُ ألقت | مَراسِيَها وهادٍ لا يَجورُ |
وقولي كلَّما جاوَزْتُ خَرْقاً | إلى خَرْقٍ لأُخرى َ القومِ: سيروا |
بناجية ٍ كأنَ الرحلَ منها | وقد قَلِقَتْ من الضُّمْرِ الضُّفورُ |
على أصْلاب جَأْبٍ أخْدَرِيٍّ | من اللاّئي تَضَمَّنهنَّ إِيرُ |
رعى بهُمى الدَّكادِكِ من أَريكٍ | إلى أُبْلى مُناصيهِ حَفيرُ |
فلما أن رأى القريانَ هاجتْ | ظواهرها ولاحتهُ الحرورُ |
و أحنقَ صلبهُ وطوى معاهُ | و كشحيهِ كما يطوى الحصيرُ |
دَعاهُ مَشْرَبٌ مِنْ ذِي أَبانٍ | حساءٌ بالأباطحِ أو غديرُ |
فظلَّ بهنَّ يحدوهنَّ قصداً | كما يحدو قلائصهُ الأجيرُ |
أَقَبَّ كأنَّ مَنْخِرَهُ إذا ما | أَرَنَّ على تواليهِنَّ كيرُ |
لهُ زَجَلُّ تقولُ: أصوتُ حادٍ | إذا طلبَ الوسيقة أو زميرُ |
مُدِلُّ شَرَّدَ الأقرانَ عَنْهُ | عراكٌ ما تعاركهُ الحميرُ |
و أصبحَ في الفلاة ِ يديرُ طرفاً | على حذرٍ توجسهُ كشيرُ |
له زَجَلٌ كأنَّ الرِّجْلَ منهُ | إذا ما قامَ معتمداً كسيرُ |
فأوردهنَّ تقريباً وشداً | شرائعَ لم يكدرها الوقيرُ |
فخاضَ أمامهنَّ الماءَ حتى | تبيّنَ أَنَّ ساحتَهُ قَفِيرُ |
فلما أن تغمرَ صاحَ فيها | و لما يعلهُ الصبحُ المنيرُ |