أناة أيها الفلك المدار
مدة
قراءة القصيدة :
دقيقتان
.
أنَاةً أيّهَا الفَلَكُ المُدارُ، | أنَهْبٌ مَا تُطَرّفُ أمْ جُبَارُ |
سَتَفْنى مثلَ مَا تَفْنى، وَتَبْلى | كمَا تَبلى، فيُدرَكُ منك ثَارُ |
تُنَابُ النّائِباتُ، إذا تَناهَتْ، | وَيَدْمُرُ في تَصَرّفِهِ الدّمَارُ |
وَمَا أهْلُ المَنَازِلِ غَيرُ رَكْبٍ، | مَطَايَاهُمْ رَوَاحٌ وَابْتِكَارُ |
لَنَا في الدّهْرِ آمَالٌ طِوالٌ، | نُرَجّيهَا، وَأعْمَارٌ قِصَارُ |
وأهون بالخطوب على خليعٍ | إلى اللذات ليس لهُ عذار |
فَآخِرُ يَوْمِهِ سُكْرٌ تُجَلّى | غَوَايَتُهُ، وَأوّلُهُ خُمَارُ |
وَيَوْمٍ بالمَطيرَةِ أمْطَرَتْنَا | سَمَاءٌ، صَوْبُ وَابِلِهَا العُقَارُ |
نَزَلْنَا مَنْزِلَ الحَسَنِ بنِ وَهْبٍ | وَقَدْ دَرَسَتْ مَغَانيهِ القِفَارُ |
تَلَقّيْنَا الشّتَاءَ بهِ، وَزُرْنَا | بَناتِ اللّهْوِ، إذْ قَرُبَ المَزَارُ |
أقَمْنَا أكْلُنَا أكْلُ استِلابٍ | هُنَاكَ، وَشُرْبُنَا شُرْبٌ بِدارُ |
تَنَازَعْنَا المُدامَةَ، وَهْيَ صِرْفٌ، | وَأعجَلْنا الطّبائخَ، وَهْيَ نَارُ |
وَلمْ يَكُ ذاكَ سُخفاً، غيرَ أنّي | رَأيتُ الشَّرْبَ، سُخفُهُمُ الوَقارُ |
رَضِينَا، مِن مُخارِقَ وَابنِ خَيرٍ، | بصَوْتِ الأثْلِ، إذْ مَتَعَ النّهارُ |
تُزَعْزِعُهُ الشَّمَالُ، وَقَدْ تَوَافَى | عَلى أنْفَاسِهَا قَطْرٌ صِغَارُ |
غَداةَ دُجُنّةٍ للغَيْثِ، فيها، | خِلالَ الرّوْضِ، حَجٌّ وَاعتِمارُ |
كَأنّ الرّيحَ وَالمَطْرَ المُنَاجي | خَوَاطِرَها، عِتَابٌ، وَاعتِذارُ |
كأنّ مَدارَ دِجلَةَ، دجلة إذ توافت | بأجْمَعِها، هِلالٌ، أوْ سِوَارُ |
أمَا، وأبي بَني حارِ بنِ كَعْبٍ، | لقد طرَدَ الزّمانُ بهمْ، فَسارُوا |
أصَابَ الدّهْرُ دَوْلَةَ آلِ وَهْبٍ، | وَنَالَ اللّيلُ مِنْهَم وَالنّهَارُ |
أعَارَهُمُ رِداءَ العِزّ، حتى | تَقاضَاهمْ، فَرَدّوا ما استَعارُوا |
وَما كانُوا، فأوْجُهُهُمْ بُدورٌ | لمُخْتَبِطٍ، وَأيْديهِمْ بِحَارُ |
وَإنّ عَوَائِدَ الأيّامِ فيهَا، | لمَاْ هاضَتْ بَوَادِئُها، انجِبَارُ |