ترى الليل يقضي عقبة من هزيعه
مدة
قراءة القصيدة :
3 دقائق
.
تُرَى اللّيلُ يَقضِي عُقبَةً من هَزِيعِهِ، | أمِ الصّبْحُ يَجلُو غُرّةً من صَديعِهِ |
أوِ المَنْزِلُ العافي يَرُدُّ أنيسَهُ | بُكَاءٌ عَلى أطْلاَلِهِ، وَرُبُوعِهِ |
إذا ارْتَفَقَ المُشْتَاقُ كانَ سُهَادُهُ | أحَقَّ بجَفْنَيْ عَيْنِهِ مِنْ هُجُوعِهِ |
وَلُوعُكَ أنّ الصّبّ إمّا مُتَمِّمٌ | على وَجْدِهِ، أوْ زَائِدٌ في وَلُوعِهِ |
وَلاَ تَتَعَجّبْ مِنْ تَمَادِيهِ إنّهَا | صَبَابَةُ قَلْبٍ مُؤيِسٍ مِنْ نُزُوعِهِ |
وَكنتُ أُرَجّي في الشّبَابِ شَفَاعةً، | وَكَيْفَ لبَاغي حَاجَةٍ بشَفيعِهِ |
مَشيبٌ كَنَثّ السّرّ عَيَّ بحَمْلِهِ | مُحَدّثُهُ، أوْ ضَاقَ صَدرُ مُذيعِهِ |
تَلاَحَقَ حتّى كادَ يأتي بطيئُهُ، | بحَثّ اللّيَالي، قَبْلَ أتْيِ سَرِيعِهِ |
أخَذْتُ لهَذا الدّهْرِ أُهْبَةَ صَرْفِهِ، | وَلَمّا أُشَارِكْ عاجِزِاً في هُلُوعِهِ |
وَلَمْ تُبْنَ دارُ العَجْزِ للمُحْلِسِ الذي | مَطِيّتُهُ مَشْدُودَةٌ بِنُسُوعِهِ |
وَلَيْسَ امرَاً إلاّ امرُؤٌ ذَهَبَتْ بِهِ | قَنَاعَتُهُ، مُنْحَازَةً عَنْ قُنُوعِهِ |
إذا صَنَعَ الصَّفّارُ سُوءَاً لنَفْسِهِ، | فَلا تَحْسُدِ الصَّفّارَ سُوءَ صَنيعهِ |
وَكانَ اختيالُ العِلجِ من عَطَشِ الرّدَى | إلى نَفْسِهِ، شَرَّ النّفُوسِ، وَجُوعِهِ |
عَبَا لجَميعِ الشرّ هِمّةَ مَائِقٍ، | وَقَد كانَ يكفي بَعضُهُ من جَمِيعِهِ |
وَرَدّتْ يَدَيْهِ، عَنْ مُسَاوَاةِ رَافعٍ، | زِيَادَةُ عالي القَدْرِ عَنْهُ، رَفيعِهِ |
بصَوْلَتِهِ كَانَ انْقِضَاضُ بِنَائِهِ | لأسفَلِ سِفْلٍ، وانفِضَاضُ جموعِهِ |
وَلَمْ يَنْقَلِبْ مِنْ بَسْتَ، إلاّ وَرَأيُهُ | شَعَاعٌ، وإلاّ رَوْعُهُ شُغْلُ رُوعِهِ |
فإنْ يَحْيَ لا يُفلِحْ، وإن يَثْوِ لا يكنْ | لِبَاكٍ عَلَيْهِ مَوْضِعٌ لدُمُوعِه |
دَمٌ إنْ يُرَقْ لا يَقْضِ تَبْلاً مَرَاقُهُ، | وَلاَ يُطْفِىءُ الأوْغَامَ لُؤمُ نَجِيعِهِ |
شَفَى بَرَحَ الأكْبَادِ أنّ ابنَ طاهِرٍ | هَوَتْ أُمّ عاصِيهِ بسَيْفِ مُطيعِهِ |
تُرَجّي خُرَاسَانٌ جِلاَءَ ظَلاَمِهَا | ببَدْرٍ، منَ الغَرْبِ ارْتِقَابُ طُلُوعِهِ |
مَتَى يأتِهَا يُعْرَفْ مُقَوِّمُ دَرْئِهَا، | وَلاَ يَخْفَ كافي شأنِهَا من مُضِيعِهِ |
مَتَى قِظْتَ في شَرْقِ البِلادِ، فإنّني | زَعِيمٌ بأنّ قَيْظَهُ مِنْ رَبِيعِهِ |
لَقَدْ جَشِمَ الأعْدَاءُ وِرْدَ نَفَاسَةٍ | عَلَيْكَ، يُلاقُونَ الرّدى في شُرُوعِهِ |
وَكَمْ ظَهَرَتْ، بعْدَ استِتَارِ مكانِها، | شَنَاةٌ، خَباها كاشحٌ في ضُلُوعِهِ |
وَمَرْضَى من الحُسّادِ قد كانَ شَفَّهُمْ | تَوَقُّعُ هَذا الأمْرِ، قَبْلَ وُقُوعِهِ |
وَمَا عُذْرُهُمْ في أنْ تُعَلّ صُدُورُهمْ | على ناشرِ الإحْسانِ فيهِمْ، مُشيعِهِ |
لَئِنْ شَهَرَ السّلطانُ أمضَى سُيُوفِهِ، | وَرَشّحَ عُودُ المُلْكِ أزْكَى فُرُوعِهِ |
فَلاَ عَجَبٌ أنْ يَطْلُبَ السّيلُ نَهْجَهُ، | وأنْ يَستَقيمَ المُشتَري مِنْ رُجُوعِهِ |