أرشيف المقالات

الداعية وثقافة المدعو

مدة قراءة المادة : 3 دقائق .
الداعية وثقافة المدعو

تتعرض الطالبة أثناء تنشئتها في أسرتها ومجتمعها إلى كثير من الأفكار والمعارف والمواقف التي تؤثر في تكوينها العقلي وطريقة تفكيرها ونظرتها للأمور، وفي تفسيرها للمواقف وردود الأفعال.
 
وتتجمع هذه الأمور مع مرور الزمان لتكوَّن خلفية ثقافية وثوابت فكرية تؤثر على تعاملها في شؤون حياتها مع من حولها، سواء شعرت بذلك أم لم تشعر.
 
وقد يكون لهذه الخلفية التأثير الإيجابي كما قد يكون لها التأثير السلبي على موقفها من الدعوة.
 
وتأثير الخلفية الثقافية أمر ملموس، لا على المستوى الفردي فقط بل يتجاوز ذلك إلى مستوى المجتمع..
 
حيث (لا يخلو مجتمع من مجموعة من العقائد الموجَّهة نحو الكون والحياة وعلاقات الناس بخالقهم وأبناء جنسهم، ونحو كينونتهم وعلاقتهم بالماضي، على جانب مجموعة من التطلعات والاستشراقات للمستقبل...
وحين تطرح قضية من القضايا؛ فإن الناس لا يتعاملون معها من فراغ وإنما من خلال الثوابت لديهم)
[1].
 
وهذه الخلفية تمنع في بعض الأحيان قبول الدعوة والنصيحة، وذلك حين تنتصر الطالبة لما تحمله من سوابق الأفكار والمعتقدات والعادات، وتدافع عنها وتحرص عليها، وترفض التنازل عن أي شيء من معتقداتها السابقة المتأصلة في عقلها.
 
وهذا الشعور الباطني عند الطالبة قد لا يستند - بوجهٍ عام - على دليل أو برهان، إنما يستند إلى تعميم خاطئ وتعصب دون تبصر، فكم من سوابق الأفكار والمعتقدات التي في وجدان الإنسان هي قضايا باطلة، وكم من العادات المتأصلة في السلوك هي عادات سيئة يجب إلغاؤها أو إصلاحها أو تعديلها.
 
إن هذا المعوّق يحتاج من الداعية إلى التحلي بالصبر الجميل والتدرج الحكيم، واستخدام الأساليب غير المباشرة لتعديل هذه الخلفيات بصورة تدريجية، ثم بناءها من جديد بالأساليب العقلية والإقناع، وعرض الحجج والبراهين[2].



[1] باختصار: مقدمات للنهوض بالعمل الدعوي: د.
عبدالكريم بكار ص 118-119.


[2] ينظر: فقه الدعوة إلى الله: عبدالرحمن الميداني من ص 553-557، وبصائر للمسلم المعاصر: عبدالرحمن الميداني ص 114-116.

شارك الخبر

مشكاة أسفل ٢