سَلِ الدَّهْرَ عَنِّي أَيَّ خَطْبٍ أُمارِسِ
مدة
قراءة القصيدة :
3 دقائق
.
سَلِ الدَّهْرَ عَنِّي أَيَّ خَطْبٍ أُمارِسِ | وَعَنْ ضَحِكي في وَجْهِهِ وَهْوَ عابِسُ |
فَما لِبَنيهِ يَشْتَكونََ بَنائِهِ | وَهَلْ يُبْتَلى بِالْبَلْهِ إلاّ الأَكايسُ |
سَأَحْمِلُ أَعْباءَ الخُطوبِ ، فَطالَما | تَماشَتْ على الأينِ الجِمالُ القَناعِسُ |
وَأَنْتظِرُ العُقْبى وَإن بَعُدَ المَدى | وَأرْقُبُ ضَوْءَ الفَجْرِ وَاللَّيْلُ دامِسُ |
فَلِلّهِ دَرِّي حينَ تُوقِظُ هِمَّتي | ولا أنا مِمَّا يَضْمَنُ النُّجْحَ آيِسُ |
وَصَحْبي وَجيهِيٌّ وَرُمْحٌ وَصارِمٌ | |
وَإنِّي لأَقْري النَّائِباتِ عَزائِماً | تَروضُ إباءَ الدَّهرِ وَالدَّهْرُ شامِسَ |
مَطامِعُ، لَحْظي نَحْوَها مُتَشاوِسُ | |
تَجافَيْتُ عَنْها وَهْيَ خَوْدٌ غريرة ٌ | فَهَلْ أَبْتَغيِها وَهْيَ شَمْطاءُ عانِسُ؟ |
وَفيَّ عُرَيْقٌ مِنْ قُرَيْشٍ تَعَطَّفَتْ | عَلَيَّ بِهِ أَعْياصُها وَالعَنابِسُ |
أُغالِي بِعِرْضي في الخَصاصَة ِ وَالمُنى | تُراوِدُني عَنْ بَيْعِهِ وَأُماكِسُ |
وَأَصْدَى إذا ما أَعْقَبَ الرِّيُ ذِلَّة ً | وَأَزْجُرُ عِيسي وَهْيَ هِيمٌ خَوامِسُ |
وَلي مُقْلَة ٌ وَحْشيَّة ٌ لا تَرُوقُها | نَفائِسُ تَحْويها نُفوسٌ خَسائِسُ |
وقد صَرَّتِ الخَضْراءُ أَخْلافَ مُزْنِها | وَلَيسَ على الغَبْراءِ رَطْبٌ وَبابِسُ |
وَخِرْقٍ إلى فَرْعَيْ خُزَيْمَة َ يَنْتَمي | وَيَعْلَمُ أَنَّ الجودَ لِلْعَرضِ حارِسُ |
لَحاني على تَرْكِ الغِنَى ، وَمُعَرِّسي | جَديبٌ ، وجارِي ضارِعُ الخَدِّ بائِسُ |
فَقُلْتُ لَهُ إِنَّ العُلا مِنْ مَآرِبي | وَما لِيَ عَنْها غَيْرَ عُدْمِيَ حابِسُ |
وَإِنِّي بِطَرْفٍ صِيغَ لِلْعِزِّ طامِحٌ | إليها ، وَأْنْفٍ أُودِعَ الكِبْرَ عاطِسُ |
فَشَدَّ بِعَبْدِ اللّهِ أَزْري وَأَعْصَمَتْ | يَميني بِمَنْ بَاهى بِهِ العُرْبَ فارِسُ |
بِأَرْوَعَ مِنْ آلائِهِ البحرُ مُطْرِقٌ | حَياءً، وَمِنْ لأَلائِهِ البَدْرُ قابسُ |
حَوى خَرَزاتِ المُلْكِ بِالْبَأْسِ وَالنَّدَى | وَغُصْنُ الصِّبا لَدْنُ المَهَزَّة ِ مائِسُ |
وَأَجْدادُهُ مِمَّنْ رَعاهُنَّ سِتَّة ٌ | تَطيبُ بِهِمْ أَعْراقُهُ وَالمَغارِسُ |
فَصارُوا بِهِ كَالسَّبْعَة ِ الشُّهْبِ مالَهُمْ | مُسامٍ ، كَما لَمْ يَدْنُ مِنْهُنَّ لامِسُ |
وَأَعْلى منارَ العِلمِ حينَ أَظَلَّنا | زَمانٌ لأَشلاءِ الأَفاضلِ ناهِسُ |
وقد كانَ كَالرُّبْعِ الّذي خَفَّ أَهْلُهُ | لَهُ أَثَرٌ أَلْوى به الدَّهْرُ دارِسُ |
إذا رَكبَ اختالَتْ بِهِ الخَيلُ أَو مَشَى | لَوَتْ مِنْ هَواديها إليهِ المَجالِسُ |
وَإنْ طَرَقَ الأَعْداءُ أَقْمَرَ لَيْلُهُمْ | بهِ، وَأَديمُ الأَرضِ بالدَّمِ وارِسُ |
حَباهُ أميرُ المؤمنينَ بِصارِمٍ | كَناظِرَتَيْهِ، دُونَهُ القِرْنُ ناكِسُ |
وَطِرْفٍ إذا الآجالُ قَفَّيْتَها بِهِ | فَهُنَّ لآجالٍ قُضِينَ فَرائِسُ |
وَمُرْضِعَة ٍ ما لَمْ تَلِدْهُ ، فَإنْ بَكَى | تَبَسَّمَ في وَجْهٍ الصَّباحِ الحَنادِسُ |
إلى خِلَعٍ تَحْكي رِياضاً أَنيقَة ً | بِكَفَّيْهِ تَسْقيها الغَمامُ الرَّواجِسُ |
وَكَيفَ يُبالي بِالمَلابِسِ ساحِبٌ | ذُيولَ المَعالي ، وَهْوَ لِلْمَجْدِ لابِسُ |
وَأَحْسَنُ ما يُكْسَى الكِرامُ قَصائِدٌ | أَوابِدُ مَعْناها بِوادِيكَ آنِسُ |
تُزَفُّ إلى نادِيكَ مُلْساً مُتونُها | وَتُهْدَى إلى أَكْفائِهِنَّ العَرائِسُ |
وَتَدْفَعُ عَنْكَ الكاشِحينَ كَأَنَّما | مَناطُ قَوافيها الرِّماحُ المَداعِسُ |
وَتُبْعَثُ أَرْسالاً عِجالاً إليهُمُ | كَما تابَعَ الطَّعْنَ الكَمِيُّ المخَالِسُ |
وَلَولاكَ ما أوهى قُوى الفكرِ مادِحٌ | ولا افترَّ عَنْ بَيتٍ مِنَ الشِّعرِ هاجسُ |
رَعَيْتَ ذِمامَ الدِّينِ بالعَدْلِ بَعْدَما | أُضيعَ وَلَمْ يَحْمِ الرَّعيَّة َ سائِسُ |
فَظَلَّ يَمُرُّ السَّخْلُ بِالذِّئْبِ آمِناً | ولا تَرْهَبُ الأُسْدَ الظِّباءُ الكَوانِسُ |
وَعَرَّضْتَ مَنْ عاداكَ لِلْهُلْكِ فَانْتَهَى | عَنِ المُلْكِ حَتَى قَلَّ فيهِ المُنافِسُ |
وَأَرْهَفْتَ مِنْ غَربِي وما كانَ نابياً | كَما سَنَّتْ البيضَ الرِّقاقَ المَداوِسُ |
وَجابَتْ إِلَيْكَ البيدَ هُوجٌ عَرامِسٌ | عَلَيْهِنَّ صِيدٌ مِنْ قُرَيْشٍ أَحامِسُ |
فما أنتَ مِمَّنْ يَبْخسُ الشِّعْرَ حَقَّهُ |