طَرِبْنَِ إلى نَجْدٍ وأنَّى لها نَجْدُ
مدة
قراءة القصيدة :
3 دقائق
.
طَرِبْنَِ إلى نَجْدٍ وأنَّى لها نَجْدُ | وبغداذُ لم تُنْجِزْ لنا مَوْعِداً بَعْدُ |
وَأَسْعَدَها سَعْدٌ على ما تُجِنِّهُ | مِنَ الوَجْدِ، لاأَدمى جَوانِحَهُ الوَجْدُ |
فيا نضْوُ لا يَجمَحْ بِكَ الشَّوْقُ وَاصْطَبرِ | قَليلاً وَكَفْكِفْ مِنْ دُموعِكَ ياسَعْدُ |
فما بِكُما دونَ الّذي بي مِنَ الهَوى | ولكنْ أَبَى أَنْ يَجْزَعَ الأَسَدُ الوَرْدُ |
سَتَرعى وإنْ طالَتْ بنا غُرْبَة ُ النَّوى | رُباً في حَواشي رُوْضِها النَّفَلُ الجَعْدُ |
بِحَيثُ تُناجينا بِأَلحاظِها المَها | إذا ضَمَّنا وَالرَّبْرَبَ الأَجْرَعُ الفَرْدُ |
وَلَيْلَة َ رَفَّهْنا عَنِ العِيسِ بَعْدَما | قَضَتْ وَطَراً مِنْهُنَّ مَلْوِيَّة ٍ جُرْدُ |
سَرَتْ أُمَّ عَمْروٍ وَالنَّجومُ كَأَنَّها | على مُسْتَدارِ الحَلْيِ مِنْ نَحْرِها عِقْدُ |
فَلَمَّا انْتَبَهْنا لِلْخَيالِ تَوَلَّعَتْ | بِنا صَبَواتٌ فَلَّ مِنْ غَرْبِها البُعْدُ |
وَقُلْتُ لِعَيْني وَهْيَ نَشْوَى مِنْ الكَرى | أَبِيني لنا حُلْمٌ رَأَيْناهُ أَمْ هِنْدُ |
لَئِنْ أَخْلَفَ الطَّيْفُ المَواعيدَ بالِّلوى | فَبِالهَضباتِ الحُمْرِ لَمْ يُخْلَفِ الوَعْدُ |
وَبِتْنا بِرَوضٍ يَنْثُرُ الطَّلُّ زَهْرَهُ | علينا، وَيُرخي مِنْ ذَوائِبِهِ الرَّنْدُ |
وَنحنَ وراءَ الحَيِّ نَحذَرُ مِنْهُمُ | عُيوناً تُلَظِّيها الحَفيظَة ُ وَالحِقدُ |
وَتَجْري أَحادِيثٌ تَلينُ مُتونُها | وَيَفْتَنُّ في أَطْرافِها الهَزْلُ وَالجِدُّ |
وتحتَ نِجادي مَشْرَفيٌّ، إذا الْتَوى | بِجَنبيَ رَوْعٌ كادَ يَلْفِظُهُ الغِمْدُ |
وهل يَرْهبُ الأَعْداءَ مَنْ غَضِبَتْ لَهُ | مَغاويرُ مِنْ بَكْرٍ كَأَنَّهُمُ الأُسْدُ |
يَذودونَ عَنّي بالأَسِنَّة ِ والظُّبا | ولولاهُمُ أدنى خُطا العاجِز القِدُّ |
فَأَوْجُهُهُمْ، وَالخَطْبُ داجٍ، مُضيئة ٌ | وَأَلْسُنُهُمْ والعيُ مُحْتَصَرٌ، لُدُّ |
إذا انْتَسَبوا مَدَّ الفَخارُ أَكُفَّهُمْ | إلى شَرَفٍ أعلى دَعائِمَهُ المَجْدُ |
فَكُلٌّ سَعى لِلمْكَرماتِ، وإنما | إلى ناصِرِ الدِّينِ انتهى الحَسَبُ العَدُّ |
أَغَرُّ يَهُزُّ الحَمْدُ عِطْفَيْهِ لِلنَّدى | على حِينَ لا شُكْرٌ يُراعَى وَلا حَمْدُ |
أَتَتْهُ العُلا طَوْعاً، وكم رُدَّ طالِبٌ | على عَقِبَيْهِ بعدما استُفْرِغَ الجُهْدُ |
ترى سيمياءَ العِزِّ فوقَ جَبينِهِ | كما لاحَ حَدُّ السَّيفِ أَخْلَصَهُ الهِنْدُ |
له نِعْمَة ٌ تأوي إلى ظِلِّها المُنى | وَيَسْحَبُ أذيالَ الثَّراءِ بها الوَفْدُ |
وَعَزْمَة ُ ذي شِبلَيْنِ ضاقَ بِهَمِّهِ | زراعاً فلا يثنيهِ زجرٌ ولا ردُّ |
يقلِّبُ عيناً لا يذالُ لدى الوغى | يذرُّ عليها من خبيئتهُ الزندُ |
إذا السَّنواتُ الشُّهْبُ أَجلى قَتامُها | عَنِ المَحْلِ حتّى عَيَّ بِالصَّدَرِ الوِرْدُ |
حَلَبْنا أَفاوِيقَ الغِنى مِنْ يَمينِهِ | وما غَرَّنا البَرْقُ اللَّموعُ ولا الرَّعْد |
وَدَرَّتْ عَلَيْنا راحَة ٌ خَلَصَتْ بِها | إلينا اليَدُ البَيْضاءُ وَالعِيشَة ُ الرَّغْدُ |
فِداهُ مِنَ الأَقْوامِ كُلُ مُبَخَّلٍ | لَهُ مَنْظَرٌ حُرٌّ وَمُخْتَبَرٌ عَبْدُ |
إذا بَسَطَ المَدْحُ الوُجوهَ وَأَشرقَتَ | زَوَى بينَ عَيْنَيْهِ على الشّاعِرِ الوَغْدُ |
فلا بَلَغَتْ إنْ زُرْتُهُ ما تَرومُهُ | رَكائِبُ أَنْضاها التَّوَقُّصُ وَالوَخْدُ |
يَخُضْنَ الدُّجى خُوصاً كأَنَّ عُيونَها | وَهُنَّ جَلِيَّاتٌ، أَناسِيُّها رُمْدُ |
إذا ما المَطايا جُرْنَ عن سَنَنِ الهُدى | وَجاذَبَنا قَصْدَ النِّجادِ بِها الوَهْدُ |
ذَكَرْناكَ وَالظَّلْماءُ تَثْنى صُدورَها | إلى الغَيِّ حتّى يَسْتَقيمَ بِها الرُّشْدُ |
حَمَلْنَ إليكَ الشِّعْرَ غَضّاً كأنّما | غَذَتْهُ بِرَيّا الشِّيحِ عُذْرَة ُ أَو نَهْدُ |
فما زِلْتُ أَحْدوهُ إليكَ مُحَبَّراً | وللهِ دَرّي أيَّ ذي فِقَرٍ أَحْدو |
وَلاعَبْتُ ظِلّي في فِنائِكَ بَعْدَما | أَبَى أن يُزيرَ الأرضَ طُرَّتَهُ البُرْدُ |
وقد كانَ عَهْدي بِالمُنى يَسْتَميلُني | إليكَ، وَتُدْنيني البَشاشَة ُ والوُدُّ |
فما بالُنا نُجْفَى ومنكَ تَعَلَّمَتْ | صُروفُ اللَّيالي أنْ يَدومَ لها عَهْدُ |
وما بي نَوالٌ أَرْتَجيه، فَطالَما | نَقَعْتُ الصَّدى وَالمَاءُ مُقْتَسَمٌ ثَمْدُ |
ولكنّكَ ابنُ العَمِّ، والعَمُّ والِدٌ | وما لامرِئٍ مِنْ بِرِّ والِدِهِ بُدُّ |