حديث النهي عن الاستنجاء باليمين
مدة
قراءة المادة :
4 دقائق
.
حديث النهي عن الاستنجاء باليمين• عَنْ أَبِي قَتَادَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه وسلم: "لاَ يُمْسِكَنَّ أَحَدُكُمْ ذَكَرَهُ بِيَمِينِهِ وَهُوَ يَبُولُ.
وَلاَ يَتَمَسَّحْ مِنَ الْخَلاَءِ بِيَمِينِهِ.
وَلاَ يَتَنَفَّسْ فِي الإِنَاءِ".
وفي رواية لمسلم: "أَنَّ النَّبِيَّ صلّى الله عليه وسلّم نَهَى أَنْ يَتَنَفَّسَ فِي الإِنَاءِ.
وَأَنْ يَمَسَّ ذَكَرَهُ بِيَمِينِهِ".
ألفاظ الحديث:
(وَلاَ يَتَمَسَّحْ مِنَ الْخَلاَءِ بِيَمِينِهِ): أي لا يستنج بحجر أو ماء من البول أو الغائط بيده اليمنى.
من فوائد الحديث:
الفائدة الأولى: في الحديث دليل على نهي البائل أن يمسك ذكره بيمينه أثناء البول لأن هذا ينافي تكريم اليمين، وهل النهي هنا للتحريم أو للكراهة؟ على قولين:
وقول جمهور العلماء أن النهي هنا للكراهة لأن النهي من باب الآداب والإرشاد ومع ذلك فالأحوط للمسلم ألا يمسَّ ذكره باليمين إلا لضرورة، فإذا اضُطر لذلك جاز له ذلك من غير كراهة كأن تكون يده اليسرى مشلولة أو فيها جرح، وهل النهي عن مس الذكر باليمين فقط في حال البول أو أنه عام مطلق في حال البول وغيره؟ على قولين:
القول الأول: أنه عام مطلق للرواية الأخرى المتفق عليها: " نهى النبي صلى الله عليه وسلم أن يمس ذكره بيمينه "
حيث لم يذكر النبي صلى الله عليه وسلم حال البول مما يدل على النهي عن مس الذكر باليمين مطلقاً.
والقول الثاني: أن النهي مقيد بحال البول فقط لحديث الباب أيضاً حيث قيَّد النهي أثناء البول، ويحمل المطلق على المقيَّد وهذا القول هو الأظهر والله أعلم.
الفائدة الثانية: لم يرد في الحديث النهي عن مس الدبر باليمين عند التغوط والصحيح أن الدبر له حكم القبل بل هو أولى ولعل النبي صلى الله عليه وسلم نبه على الأخف للدلالة على ما هو أشد.
والصحيح أن المرأة كالرجل في النهي عن مس القبل والدبر باليمين، لأن العلة واحدة وهي إكرام اليمين وصيانتها عن الأقذار.
الفائدة الثالثة: في الحديث النهي عن الاستنجاء باليمين من البول والغائط سواء كان ذلك بالأحجار أم الماء، وهل النهي للتحريم أو للكراهة؟ على قولين كما سبق في المسألة السابقة:
وقول جمهور العلماء أن النهي للكراهة لأن النهي هنا من باب الآداب والإرشاد ومع ذلك فالأحوط للمسلم ألا يستنجي بيمينه إلا من حاجة كما سبق لعموم قول النبي صلى الله عليه وسلم: "وما نهيتكم عنه فاجتنبوه" متفق عليه، فإن وجدت الحاجة فلا بأس.
الفائدة الرابعة: قيل في الحكمة من النهي عن استعمال اليمين في قضاء الحاجة لأن اليمين معدة للأكل فلو باشر يمينه في الأذى لربما تذكر ذلك عند الأكل فيتأذى بذلك وينفر طبعه ويتنكد في طعامه.
الفائدة الخامسة: في الحديث دليل على النهي عن التنفس في الإناء وإنما يتنفس خارج الإناء لما في ذلك من الأدب خوفاً من تنتينه وسقوط شيء فيه، وجاءت سنة النبي صلى الله عليه وسلم مبيِّنة لما هو أصلح في شرب الإناء وهو ألا يشرب الإناء دفعة واحدة في نفس واحد بل يشرب في نفسين أو ثلاثة ويتنفس خارج الإناء.
روى مسلم في صحيحه عن أنس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يتنفس في الشراب ثلاثاً ويقول: " إنه أروى، وأبرأُ، وأمرأُ " قال أنس - رضي الله عنه -: فأنا أتنفس في الشراب ثلاثاً.
وعند أبي داود " أهنأ "، بدل " أروى "، قال ابن حجر:" والمعنى أنه يصير هنيئاً مرياً بريا سالما أو مبريا من مرض أو عطاش أو أذى، ويؤخذ من ذلك أنه أقمع للعطش وأقوى على الهضم وأقل ضرراً في ضعف الأعضاء وبرد المعدة " انظر:" الفتح "
مستلة من إبهاج المسلم بشرح صحيح مسلم (كتاب الطهارة)