أثرها وهي تنتعلُ الظِّلالا
مدة
قراءة القصيدة :
4 دقائق
.
أثرها وهي تنتعلُ الظِّلالا | وَإنْ ناجتْ مناسمها الكلالا |
فليسَ بمنحنى العلمينِ وردٌ | يروِّي الرَّكبَ والإبلَ النِّهالا |
وَهبها فارقتهُ فأيُّ وادٍ | تُصادفُ في مذانبهِ بلالا |
كأنَّكَ حينَ تزجرها وترخي | أَزِمَّتَها تَروَعُ بِها رِئَالا |
فَكَم تُدمي أَخِشَّتَها بِسَيرٍ | يُحَكِّمُ في غوارِبِها الرِّحالا |
وتسري في ضميرِ اللَّيلِ سرَّاً | وتخطرُ في جواشنهِ خيالا |
وَتَفْري الأَرضَ أحياناً يميناً | على لَغَبٍ، وآونة ً شِمالا |
فتوطئها وإنْ حفيت- جِبالاً | وتغشيها- وقد رزحتْ- رمالا |
بِآمالٍ تُلَقِّحُهُنَّ عُجْباً | بهنَّ وهنَّ يسررنَ الحِيالا |
وَلو خبرَ البريَّة َ من رجاهمْ | لشد على مطيته العقالا |
إذا لم يَسْتَفِدْ مِنِهـمْ نَوالاً | فلم يزجي على ظلعٍ جمالا |
طَلائِحَ كالقِسيّ، فَإنْ تَرامتْ | على عجلٍ به حكتِ النِّبالا |
وَأَينَ أَغَرُّ إنْ يَفْزَعْ كَريمٌ | إليهِ يجدهُ للعافي ثمالا |
إذا التفتت عُلاهُ إلى القوافي | وَفَدْنَ عَلى مَكارِمِهِ عِجالا |
مَتى تُرِدِ الثَّراءَ فَلسْتَ مِنّي | وخدني غيرُ من سألَ الرِّجالا |
فلا تصحب منَ اللُّؤَماءِ وغداً | يكونُ على عشيرتهِ عيالا |
وشايعيني فإنيّ لستُ أبدي | لِمَنْ يَنْوي مُخالَصَتي مَلالا |
ومن أعلقتهُ أهدابَ وعدٍ | بما يهواهُ لم يخفِ المطالا |
أنا ابنُ الأكرمينَ أباً وأمّاً | وهم خيرُ الورى عمّاً وخالا |
أَشَدُّهُمُ إذا اجْتَلَدوا قِتالاً | وَأَوْثَقُهُمْ إذا عَقَدوا حِبالا |
وأرجحهم إذا قدروا حلوماً | وأصدقهم إذا افتخروا مقالا |
وَأَصْلَبُهُمْ لَدى الغَمَراتِ عُوداً | إذا الخَفِراتُ خَلَّيْنَ الحِجالا |
غَنُوا في جاهِلِيَّتِهِمْ لَقاحاً | ونارُ الحربِ تشتعلُ اشتعالا |
ويسمعُ للكماة ِ بها أليلٌ | إذا خضبت ترائبهم إلالا |
وإنْ دعيت نزالِ، مشوا سراعاً | إلى الأقرانِ، وابتدروا النِّزالا |
يكبُّونَ العشارَ لمعتفيهم | ويروونَ الأسنَّة َ والنِّصالا |
ويثنونَ المغيرة َ عن هواها | إذا الوادي بِظَعْنِ الحَيِّ سالا |
ويحتقبون أعماراً قصاراً | وَيَعْتَقِلونَ أَرماحاً طِوالا |
على أثباجِ مقربة ٍ تمطَّتْ | بِهمْ، وَرِعالُها تَنْضوا الرِّعالا |
فجروُّا السُّمر راجفة ً صدوراً | وَقادوا الجُرْدَ راعِفَة ً نِعالا |
بِأَيْدٍ يُسْتَشَفُّ الجودُ فيها | تُفيدُ مَحامِداً وَتُفيتُ مالا |
وَأَوْجُهُهُمْ إذا بَرِقَتْ تَجَلَّتْ | عَلَيها هَيْبَة ٌ حَضَنَتْ جَمالا |
وإن أشرقنَ فاكتحلتْ عيونٌ | بها لم ترضَ بالقمرِ اكتحالا |
وَقَدْ مُلِئَتْ أَسِرَّتُها حَياءً | وألبستِ المهابة َ والجلالا |
وفي الإسلامِ ساسوا النَّاسَ حتّى | هُدوا لِلْحَقِّ فَاجْتَنَبوا الضَّلالا |
وَهُمْ فَتَحوا البِلادَ بِباتِراتٍ | كأنَّ على أغرَّتِها نمالا |
ولولاهم لما درّت بفيءٍ | ولا أرغى بها العربُ الفصالا |
وَقَدْ عَلِمَ القَبائِلُ أَنَّ قَوْمِي | أَعزُّهُمُ وأَكْرَمُهُمْ فَعالا |
وأصرحهم إذا انتسبوا أصولاً | وأعظمهم إذا وهبوا سجالا |
مَضَوا وَأَزالَ مُلْكَهُمُ اللَّيالي | وَأَيَّة دَولَة ٍ أَمِنَتْ زَوالا |
وقد كانوا إذا ركبوا خفافاً | وَفي النّادي إذا جَلَسُوا ثِقالا |
ولم يسلبهمُ سفة ٌ حباهم | وَكَيْفَ تُزَعْزِعُ الرِّيحُ الجِبالا |
وفيمن خلَّفوا أسارُ حربٍ | كَأُسْدِ الغابِ تَقْتَحِمُ المَصالا |
يراميهم أراذلُ كلِّ حيٍّ | وَهُمْ نَفَرٌ يُجيدُونَ النِّضالا |
وَيَدْنو شَأوُ حاسِدِهِمْ وَيَنْأى | عليهِ مناطُ مجدهمُ منالا |
وها أنا منهمُ، والعرقُ زاكٍ | أَشُدُ لِمَنْ يَكِيدُهُمُ القِبالا |
نماني من أميَّة َ كلُّ قرمٍ | تردُّ البزلَ هدرتهُ إفالا |
أُشَيِّدُ ما بَناهُ أَبي وَجَدِّي | وأحمي العرضَ خيفة َ أن يذالا |
بعارفة ٍ أريشُ بها كريماً | إذا طلبَ الغنى كرهَ السُّؤالا |
وكابي اللَّونِ يغمرهُ نجيعٌ | فيصدأُ أو أجدُّ لهُ صقالا |
وكلِّ مفاضة ٍ تحكي غديراً | يعانقُ وهوَ مرتعدٌ شمالا |
وقد أهدى الدَّبى حدقاً صغارا | لَها فَتَحَوَّلَتْ حَلَقاً دِخالا |
وأسمرَ في نحولِ الصَّبِّ لدنٍ | كقدِّ الحبِّ ليناً واعتدالا |
تبينُ لهُ مقاتلُ لم تصبها | بَسالَة ُ أَعْزَلٍ شَهِدَ القِتالا |
وكيفَ يضلُّ في الظَّلماءِ سارٍ | وَيَحْمِلُ فَوْقَ قِمَّتِهِ ذُبالا |
فإن أفخر بآبائي فإنِّي | أراهُمْ أَشْرَفَ الثَّقَلَيْنِ آلا |
وفيَّ فضائلٌ يغنينَ عنهم | بها أوطأتُ أخمصيَ الهِلالا |
تَريعُ شَوارِدُ الكَلِمِ البَواقِي | إِليَّ فَلا اجْتِلابَ ولا انْتِحالا |
فإن أمدح إماماً أو هماماً | فلا جاهاً أرومُ ولا نوالا |
وأنظمُ حينَ أفخرَ رائعاتٍ | تَكونُ لِكُلُّ ذي حَسَبٍ مِثالا |
وأعبثُ بالنَّسيبِ ولستُ أغشى الـ | ـحرامَ فيقطرُ السِّحرَ الحَلالا |
إذا وسعَ التُّقى كرمي فأهونْ | بخودٍ ضاقَ قلباها مجالا |
ومن علقَ العفافُ ببردتيهِ | رَأَى هَجْرانَ غانِيَة ٍ وِصالا |
فَلَمْ أَسَلِ المَعاصِمَ عَنْ سِوارٍ | وَلا عَنْ حَجْلها القَصَبَ الخِدالا |
ولولا نوشة ُ الأيَّامِ منِّي | لما نعمَ اللِّئامُ لديَّ بالا |
ولكنّي منيتُ بدهرِ سوءٍ | هُوَ الدّاءُ الذي يُدْعَى عُضالا |
يُقَدِّمُ مَنْ يَنالُ النَّقْصُ مِنْهُ | وَيَحْرِمُ كُلَّ مَنْ رُزِقَ الكَمالا |