مالي بدارٍ خلَتْ من أهلِها شُغُلٌ ،
مدة
قراءة القصيدة :
دقيقتان
.
مالي بدارٍ خلَتْ من أهلِها شُغُلٌ ، | ولا شَجاني لها شَخصٌ ولا طَلَلُ |
ولا رُسُومٌ، ولا أبكي لمَنْزِلَة ٍ، | للأهل عَنها، وللجيرانِ مُنْتَقَلُ |
ولا قَـطَـعْتُ على حَرْفٍ مذَكَّرَة ٍ | في مرْفَقَيْها، إذا استَعرَضْتهَا، فَتَلُ |
بيْداءَ مقْفِرَة ً يوْماً، فأنْعَتها، | ولا سـرَى بي ، فأحكيـهِ بها ، جملُ |
ولا شَتَوْتُ بها عاماً فأدرَكَني | فيها المَصيفُ ، فلي عن ذاكَ مرْتحَلُ |
ولا شَدَدْتُ بها مِنْ خَيمَة ٍ طُنُباً، | جارى بها الضّبُّ والحرْباءُ والوَرَلُ |
لا الْحَزْنُ مني برأي العَينِ أعْرِفُهُ، | وليسَ يعرِفُني سَهْلٌ ولا جَبَلُ |
لا أنعتُ الـرّوضُ إلاّ رأيتُ بـهِ | قَصراً مُنيفاً، عليهِ النّخلُ مشتَمِلُ |
فهاكَ من صِفتي إن كنتَ مُـختَبـراً ، | ومُخبـراً نَـفـراً عني ، إذا سـألُـوا |
نخلٌ، إذا جُلِيَتْ إبّانَ زينتِها، | لاحَتْ بأعنـاقِهـا أعْـذاقُـها النُّـحُـلُ |
أسقاطُ عَسجَدِهِ فيها لآلِئها، | منـضُـودَة ٌ ، بسمـوطِ الدُّرّ تتّصِـلُ |
يَفْـتَضّـها فَـطِـنٌ عِـلْـجٌ بها خَبِـرٌ ، | فضَّ العذارى ، حُلاها الرَّيطُ والحُللُ |
فافتَضّ أوّلَها منها وآخرَها | فأصْبَحَتْ، وبها مِن فَحلِها حَبَلُ |
لم تَمْتَنِعْ عِفّة ً منْهُ، ولا وَرَعاً | بلا صَـداقٍ ، ولم يُوجَـدْ لها عَقَـلُ |
حتى إذا لَقِحَتْ أرْختْ عَقائِصَها، | فمالَ مُنتَثِـراً عُرْجونُها الرجِـلُ |
فَبِيْنَما هي والأرْواحُ تَنْفَحُها، | شهريـنِ بارحَـة ً وَهْناً ، وتَنتَحِـلُ |
أرْخَتْ عُقـوداً مِنَ الياقوتِ تُرْضِعُهُ ، | حتى تَمَكّـنَ في أوْصَالِهِ العَسَـلُ |
يا طيبَ تلكَ عرُوساً في مَجاسِدِها، | لو كانَ يَصْلُحُ منهـا الشّمُّ والقُبَـلُ |
خلالَها شَجَرٌ في فيْئِهِ نَقَدٌ، | لا يرْهبُ الذّئْبَ فيها الكبشُ والحملُ |
إنْ جئتَ زائـرَها غَنّـاكَ طائِـرُها ، | برجع الحنة في صوتها هدل |
من بُلْبُلٍ غَرِدٍ ناداكَ مِن غُصُنٍ، | يَبكي لبُـلْـبُلَـة ٍ أوْدَى بهـا خَـبَـلُ |
هذا فصِفْهُ، وقلْ في وَصْفِهِ سدَداً، | مُدّتْ لواصِفِهِ في عُمرِهِ الطِّوَلُ |
ما بينَ رَبْـعٍ ولارَسْـمٍ ولا طَـلَـلٍ | أقوى وبَينيَ في حكمِ الْهَوَى عملُ |
مالي وعَوْسَجُها بالقاعِ جانيها | أفعَى يُقابِلُها عَن جحْرِهِ وَرَلُ |
إنّي امـرُؤٌ همّتي ، واللهُ يكـلؤني ، | أمْرانِ ما فيهِما شرْبٌ ولا أكلُ |
حبّ النديم، وما في النّاسِ من حسنٍ | كفّـي إلَيـهِ إذا راجعْتُـهُ خَـضِـلُ |
لا أمْـدَحَـنّ ولا أُخْـطي خَلائقَـهُ | مَنْ عنْده لي إذا ما جئتُهُ نُزُلُ... |