سلام عليكم لا وفاء ولا عهد
مدة
قراءة القصيدة :
3 دقائق
.
سَلامٌ عَلَيْكُمْ، لا وَفَاءٌ وَلاَ عَهْدُ، | أما لَكُمُ من هَجرِ أحبابكُمْ بُدُّ |
أأحبَابَنا قَدْ أنجَزَ البَينُ وَعْدَهُ | وَشيكاً، وَلمْ يُنْجَزْ لنَا منكُمُ وَعْدُ |
أأطلالَ دارِ العَامرِيّةِ باللّوَى، | سَقَتْ رَبعَكِ الأنوَاءُ، ما فعلَتْ هندُ؟ |
أدَارَ اللّوَى بَينَ الصريمَةِ والحمَى، | أمَا للهّوَى، إلاّ رَسيسُ الجَوَى قَصْدُ |
بنَفْسِيَ مَنْ عَذّبْتُ نَفسِي بحُبّهِ، | وإنْ لمْ يكُنْ منهُ وِصَالٌ، وَلاَ وِدّ |
حَبيبٌ مَنِ الأحبابِ شطّتْ بهِ النّوَى، | وأيُّ حَبيبٍ ما أتَى دونَهُ البُعْدُ |
إذا جُزْتَ صَحْرَاءَ الغُوَيْرِ مُغَرِّباً، | وَجَازَتْكَ بَطْحَاءُ السّوَاجيرِ يا سَعْدُ |
فقُلْ لبَني الضّحّاكِ: مَهْلاً، فإنّني | أنا الأُفْعُوَانُ الصِّلُّ والضّيغمُ الوَرْدُ |
بَني واصلٍ مَهْلاً، فإنّ ابنَ أُختكم | لَهُ عَزَماتٌ هَزْلُ آرَائهَا جِدّ |
متى هِجْتُمُوهُ لا تَهيجوا سوَى الرّدى، | وإنْ كانَ خِرْقاً ما يُحَلُّ لَهُ عَقْدُ |
مَهيباً كَنَصْلِ السّيفِ لوْ قذفت بهِ | ذُرَى أجإٍ ظَلّتْ وأعلامُه وَهْدُ |
يَوَدُّ رِجَالٌ أنّني كُنتُ بَعضَ مَنْ | طَوَتْهُ المنايا، لا أرُوحُ وَلا أغدُو |
وَلَوْلا احتمَالي ثِقْلَ كُلّ مُلمّةٍ، | تَسُوءُ الأعادي، لم يَوَدّوا الذي وَدّوا |
ذَرِيني وإيّاهُمْ، فحَسبي صَرَيمَتي | إذا الحَرْبُ لمْ يُقدَحْ لمُخْمِدِها زَنْدُ |
وَلي صَاحبٌ عَضْبُ المَضَارِبِ صَارِمٌ، | طَوِيلُ النِجَادٍ، ما يُفَلُّ لَهُ حَدّ |
وَبَاكِيَةٍ تَشْكُو الفرَاقَ بأدْمُعٍ | تُبَادِرَها سَحّاً، كَمَا انتَثَرَ العِقْدُ |
رَشَادَكِ لا يُحْزِنْكِ بَينُ ابنِ همّةٍ | يَتُوقُ إلى العَلْيَاءِ لَيسَ لَهُ نِدّ |
فَمَنْ كَانَ حُرّاً فَهْوَ للعَزْمِ والسُّرَى، | وَللّيلِ من أفعالِهِ، والكَرَى عَبدُ |
وَلَيْلٍ، كأنّ الصّبحَ في أُخرَيَاتهِ، | حُشَاشَةُ نَصْلٍ، ضَمّ إفرِندَهُ غِمدُ |
تَسَرْبَلْتُهُ والذّئْبُ وَسْنانُ هاجِعٌ، | بعَينِ ابنِ لَيلٍ، ما لهُ بالكَرَى عهدُ |
أُثيرُ القَطا الكُدْرِيَّ عَنْ جَثَماتهِ، | وَتألَفُني فيهِ الثّعَالبُ، والرُّبْدُ |
وأطْلَسَ مِلْءِ العَينِ يَحملُ زَوْرَهُ، | وأضْلاعُهُ منْ جَانبَيْهِ شَوًى نَهْدُ |
لَهُ ذَنَبٌ مثلُ الرِّشَاءِ يَجُرّهُ، | وَمَتنٌ كَمَتنِ القَوْسِ أعوَجُ، مُنْأدّ |
طَوَاهُ الطّوَى حَتّى استَمَرّ مَرِيرُهُ، | فَما فيهِ إلاّ العَظْمُ والرّوحُ والجِلْدُ |
يُقَضْقِضُ عُصْلاً، في أسرّتها الرّدى، | كَقَضْقَضَةِ المَقْرُورِ، أرْعدَهُ البَرْدُ |
سَمَا لي، وَبي منْ شدّةِ الجوعِ ما به، | ببَيداءَ لمْ تحسسْ بها عَيشَةٌ رَغْدُ |
كلانا بها ذِئْبٌ يُحَدّثُ نَفْسَهُ | بصَاحبهِ، والجَدُّ يُتْعِسُهُ الجَدّ |
عوَى ثمّ أقْعَى، وارتَجَزْتُ، فهِجْتُه، | فأقْبَلَ مثْلَ البَرْقِ يَتْبَعُهُ الرّعْدُ |
فأوْجَرْتُهُ خَرْقَاءَ، تَحسبُ رِيشَها | على كوْكبٍ يَنقَضُّ واللّيلُ مُسوَدّ |
فَما ازْدادَ إلاّ جُرْأةً وَصَرَامَةً، | وأيْقَنْتُ أنّ الأمْرَ منْهُ هوَ الجِدّ |
فأتْبَعْتُهَا أُخرَى، فأضْلَلْتُ نَصْلَها | بحَيثُ يكونُ اللُّبُّ والرُّعبُ والحِقْدُ |
فَخَرّ وَقَدْ أوْرَدْتُهُ مَنهَلَ الرّدَى | على ظَمَإٍ، لَوْ أنّهُ عَذُبَ الوِرْدُ |
وَقُمْتُ فجَمّعتُ الحَصَى، فاشتَوَيتُه | عَلَيْهِ، وللرّمضَاءِ من تحته وَقْدُ |
وَنلْتُ خَسيساً منهُ، ثمّ تَرَكْتُهُ، | وأقْلَعْتُ عَنهُ، وَهْوَ مُنْعَفِرٌ فَرْدُ |
لَقَدْ حَكَمَتْ فينا اللّيالي بجَوْرِها، | وَحُكمُ بَناتِ الدّهرِ لَيسَ لَهُ قَصْدُ |
أفي العَدلِ أنْ يَشقَى الكَرِيمُ بجَوْرِها، | ويأخُذَ منها صَفوَها القُعدُدُ الوَغْدُ |
ذَرِينيَ من ضَرْبِ القِداحِ على السُّرَى، | فعَزْميَ لا يَثنيهِ نَحسٌ، ولا سَعدُ |
سأحملُ نَفْسِي عندَ كلّ مُلمّةٍ | على مثلِ حدّ السّيفِ أخلَصَهُ الهندُ |
ليَعْلَمَ مَنْ هَابَ السُّرى خَشيةَ الرّدى | بأنّ قَضَاءَ الله لَيسَ لَهُ رَدّ |
فإنْ عشتُ مَحموداً فمثلي بغَى الغنى | ليَكسِبَ مالاً، أو يُنَثَّ لَهُ حَمْدُ |
وإنْ مُتُّ لمْ أظفَرْ، فلَيسَ على امرِىءٍ | غَدا طالباً، إلاّ تَقَصّيهِ، والجُهْدُ |