يكاد يبدي لسعدى غيب ما أجد
مدة
قراءة القصيدة :
3 دقائق
.
يكادُ يُبْدي لسعدى غَيْبَ ما أجِدُ، | تَحَدُّرٌ منْ دِارَكِ الدّمْعِ مطّرِدُ |
خَبْلٌ من الحُبّ لم يزْجُرْ سفَاهَتَهُ | حِلْمٌ، وَلمْ يَتَدارَك غَيَّهُ رَشَدُ |
ما أُنفِقُ الدمعَ إسرَافاً كَذي كَلَفٍ | تَرْفَضُّ عَبْرَتُهُ عن لوعَةٍ تَقِدُ |
إنْ أخَلَقَتْ حُرُقاتٌ منْ صَبابَتِهِ، | تَرَادفَتْ حُرُقاتٌ بعْدَهَا جُدُدُ |
أضْحَتْ معاهِدُ ذاكَ الحزن مُقْويَةً، | وَأقْفَرَتْ منهُمُ العَلْياءُ وَالسّنَدُ |
وَحْشٌ تأبّدَ في تِلك الطّلولِ، وَقَدْ | تكُونُ أُنّاسَهُنّ الأنَّسُ الخُرُدُ |
لقد كفانا اعتِسافَ البِيدِ أوْبُ فَتىً، | جاءَتْ مطاياهُ أرْسالاً بِهِ تَخِدُ |
زَارَ العِرَاقَ، فقالَ الآهِلُونَ لَهُ: | أهْلاً، وَرَحّبَ منْ أُنْسٍ بهِ البلَدُ |
زِيارَةٌ من عَمِيدٍ لمْ يَزل رَغَباً، | يَزْدارُ في شَرقهِ الأقصى، وَيعتمِدُ |
إنْ ساحَ فيْضُ يديه لم يكُنْ عجَباً | أن يُسرَفَ الظّنُّ فيهِ، وَهْوَ مقتصِدُ |
أوْ ضَمّن اليوْمَ من جدوَاهُ مَرْغَبَةً | كانَ الكَفِيلَ عَلَيْها بالوَفاءِ غَدُ |
يُمِيلُ وَزْنَ القَوَافي بالنّوَال، وَلَوْ | راح النّوَالُ، وَفي مِيزَانِهِ أُحُدُ |
وَالشّكْرُ أن يُخْبِرَ الوُرّادُ سائِلَهُمْ | عنْ فَضْلِ مُخْتَبَرِ العِدّ الذي وَرَدُوا |
يبين بالفضل اقوام ويفضلهم | موحد بغريب الذكر منفرد |
تَوَحّدَ القَمرُ السّاري بشُهْرَتِهِ، | وَأنْجُمُ اللّيْلِ نَثْرٌ، حَوْلَهُ، بَدَدُ |
أحْيَتْ خِلالُ أبي لَيْلى أبا دُلَفٍ، | وَمِثْلُهُ أوْجَدَ الأقْوَامُ ما افتقَدُوا |
ماانفَكّ صائبُ غَزْرٍ من سحائبه، | تُضَامُ فِيهِ الغَوَادي ثُمّ تُضطَهَدُ |
نعْمَ المُفَرِّقُ في الإمحَاءِ ذو لِبَدٍ، | أبْطالَهُ، بِصَفِيحِ الهِندِ، يجتَلِدُ |
وَشاغَلَ الدّهرُ حين الدهر من كَلَبٍ | خَصْمُ لَنَا مَعَهُ الإلْطَاطُ وَالَّلدَدُ |
مُستكرِهٌ لِعُرُوض البيضِ إنْ قصُرَتْ | طِوَالُ خَطِّيّةٍ، خُرْصَانُها قِصَدُ |
لَمْ يُحص عِدّةُ ما أوْلاهُ من حسنٍ | وَسَيّدُ النّيْلِ ما لمْ يْحصِهِ العددُ |
مَوَاهِبٌ قُسّمَتْ في الخابِطينَ فَما | تَخْلو الرّفاقُ إلى جُمّاتها تفِدُ |
يُطالِبُ الأرحبيُّ العَودُ سُهْمَتَهُ | فِيها، وَتَرْزَؤهُا العَيْرَانَةُ الأُجُدُ |
عَفْوٌ من الجودِ لمْ تَكْذِبْ مخيلَتُهُ، | يُقصَّرُ القَطْرُ عنْهُ، وَهْوَ مُجتَهِدُ |
إنْ قَصّرَتْ هِمَمُ العافِينَ جاشَ لهُم | جِحافُ أغْلَبَ في حافاتِهِ الزّبَدُ |
لا تحْقُرَنّ صَغِيرَ العرفِ تبذله، | فَقَدْ يُرَوّي غَليلَ الهائِمِ الثَّمَدُ |
وَيَرْخُصُ الحَمْدُ، حتى أنّ عارِفَةً | بذلُ السّلامِ، فكيْفَ الرّفدُ وَالصّفَدُ |
ما استغرَب النّاسُ إفْضالاً ولا اشتهَرُوا | منْ حاتِمٍ، غير جود بالّذي يَجِدُ |
كمْ قَدْ عجِلْتَ إلى النَّعماءِ تصنعها | مُبادِراً، وَبَخيلُ القَوْمِ مُتّئِدُ |
وَكمْ وَعدْتَ، وأنتَ الغيْثُ تعرِفُهُ، | مُذْ حالَفَ الجُودَ يُعْطي فوْقَ ما يعدُ |
إنْ لمْ تُعِنّي على رَجْعِ الحبِيبِ، فلنْ | يُرْجى، لعَوْني عليْهِ منهمُ، أحَدُ |
وَإنْ ملكْتَ اعتِبادي بارتِجاعِكَتهُ، | فالحُرُّ يُمْلَكُ بالنُّعمَى، وَيُعتَبَدُ |
وَخَيْرُ وأيَيْكَ إنْ ميّلْتَ بيْنهُما، | ما قِيدَ عنْهُ، وَوَافانا بِهِ العَتَدُ |
والبَغْلُ، ينتزف الغادي عُلالتَهُ، | خِيارُ ما يُمْتَطَى منها، وَيُقْتَعَدُ |
إن أنتَ أفقَدتني ظهْرَيِهما، ظهَرَتْ | نَفَاسَةٌ من قلوب القوْمِ، أوْ حسدُ |