تبسم عن واضح ذي أشر
مدة
قراءة القصيدة :
3 دقائق
.
تَبَسَّمُ عَنْ واضِحٍ ذي أشَرْ، | وَتَنْظُرُ مِنْ فاتِرٍ ذي حَوَرْ |
وَتَهْتَزُّ هِزّةَ غُصْنِ الأرَاكِ | عَارَضَهُ نشرُ رِيحٍ خَصِرْ |
وَمِمّا يُبَدّدُ لُبَّ الحَليمِ | حُسْنُ القَوَامِ، وَفَترُ النّظَرْ |
وَمَا أنسَ لا أنْسَ عَهدَ الشّبَا | بِ، وَعَلوَةَ، إذْ عَيّرَتني الكِبَرْ |
كَوَاكِبُ شَيْبٍ عَلِقْنَ الصّبَا | فَقَلّلْنَ مِنْ حُسْنِهِ ما كَثُرْ |
وإنّي وَجَدتُ، فلا تَكذِبَنّ، | سَوَادَ الهَوَى في بَياضِ الشّعَرْ |
وَلا بُدّ مِنْ تَرْكِ إحدَى اثنَتَينِ: | إمّا الشّبابُ، وإمّا العُمُرْ |
ألَمْ تَرَ للبرقِ كَيْفَ انْبَرَى، | وَطَيفِ البَخيلةِ كيفَ احتُضِرْ |
خيال آلم لها من سوى | ونحن هجود على بطن مر |
وماذا أرَادتْ إلى مُحرِمِينَ، | يَجُرّونَ وَهْناً فُضُولَ الأُزُرْ |
سرَوْا مُوجِفِينَ لسَعيِ الصّفَا، | وَرَمْيِ الجِمَارِ، وَمَسحِ الحجَرْ |
حَجَجْنا البَنِيّةَ شُكْراً لِمَا | حَبَانَا بهِ الله في المُنتَصِرْ |
من الحِلمِ عندَ انتِقَاضِ الحُلُومِ، | والحَزْمِ عندَ انتِقَاضِ المِرَرْ |
تَطَوّلَ بالعدْلِ لَمّا قَضَى، | وأجْمَلَ في العَفوِ لمّا قَدَرْ |
وَدامَ على خُلُقٍ واحِدٍ، | عَظيمَ الغَنَاءِ، جَليلَ الخَطَرْ |
وَلم يسعَ في المُلْكِ سَعيَ امرِىءٍ | تَبَدّا بِخَيْرٍ، وَثَنّى بِخيَرّ |
وَلاَ كَانَ مُختَلِفَ الحَالَتَينِ، | يَرُوحُ بنَفعٍ، ويَغْدُو بِضُرّ |
وَلَكِنْ مُصَفَّى كَمَاءِ الغَمَا | مِ، طابَتْ أوَائِلُهُ والأُخَرْ |
تَلاَفَى الَرعِيّةَ مِنْ فِتْنَةٍ، | أظَلَّهُمُ لَيْلُهَا المُعتَكِرْ |
وَلَمّا ادْلَهَمّتْ دَيَاجِيرُها | تَبَلّجَ فيها فَكانَ القَمَرْ |
بحَزْمٍ يُجَلّي الدّجَى والعَمَى، | وَعَزْمٍ يُقيمُ الصَّغَا والصَّعَرْ |
شُدادٍ فَتَلْتَ بهِ يومَ ذَا | كَ حَبلَ الخِلاَفَةِ حتّى استَمَرّ |
وَسَطْوٍ ثَبَتَّ بهِ قَائِماً | على كاهلِ الملكِ، حتّى استَقَرّ |
وَلَوْ كَانَ غَيرُكَ لم يَنتَهِضْ | بتلكَ الخُطُوبِ، وَلَمْ يَقتَدِرْ |
رَدَدْتَ المَظالِمَ، واستَرجعَتْ | يَداكَ الحُقُوقَ لِمَنْ قَد قُهِرْ |
وآلُ أبي طالِبٍ بَعْدَ مَا | أُذِيع بِسِرْبِهِمِ فابْذَعَرّ |
وَنَالَتْ أدانِيهِمُ جَفْوَةٌ، | تَكَادُ السَّمَاءُ لهَا تَنْفَطِر |
وَصَلْتَ شوابكَ أرحامِهِم | وقد أوشَكَ الحَبلُ أن يَنبَترْ |
فَقَرّبْتَ مِنْ حَظّهِمْ ما نَأى، | وَصَفّيتَ من شُرْبِهِمْ ما كَدَرْ |
وأينَ بِكُمْ عَنْهُمُ، واللّقَا | ء لا عَنْ تناءٍ وَلاَ عَنْ عَفَرْ |
قَرَابَتُكُمْ بَلْ إشِقّاؤكُمْ، | وإخْوَتُكُمْ دونَ هذا البَشَرْ |
وَمَنْ هُمْ وأنْتُمْ يَدَا نُصْرَةٍ، | وَحَدّا حُسامٍ، قَديمِ الأثَرْ |
يُشادُ بتَقديمكُمْ في الكِتَابِ، | وَتُتْلَى فَضَائِلُكُمْ في السّوَرْ |
وإنّ عَلِيّاً لأوْلى بِكُمْ، | وأزْكَى يَداً عِندَكُمْ من عُمَرْ |
وَكُلٌّ لَهُ فَضْلُهُ والحُجُولُ | يَوْمَ التّفَاضُلِ، دُونَ الغُرَرْ |
بَقِيتَ إمَامَ الهُدَى للهُدَى، | تُجَدِّدُ مِنْ نَهْجِهِ ما دَثَرْ |