إذا عرضت أحداج سلمى فنادها
مدة
قراءة القصيدة :
3 دقائق
.
إذا عَرَضَتْ أحْدَاجُ سلمى، فنادِها: | سقَتكِ غَوَادي المُزْنِ صَوْبَ عِهَادِها |
أمَا لُبْثَةٌ تُقْضَى لُبَانَةُ عاشِقٍ | بها، أوْ يُرَوّى صائِمٌ باتّئَادِها |
وَدِدْتُ، وَهَلْ نَفسُ امرِىءٍ بملومة | إذا هيَ لمْ تُعطِ المنَى مِنْ وَدادها |
لَوَ أنّ سُلَيْمَى أسْجَحَتْ، أوْ لَو أنّهُ | أُعِيرَ فُؤَادي سَلوَةً من فُؤادِهَا |
يُكَثَّرُ فينَا الكَاشِحُونَ، وَبَيْنَنَا | حَوَاجِزُ مِنْ سُلْمَى وَبَرْكِ غِمادِهَا |
وَنُحْسَدُ إنْ تَسرِي إلَيْنا منَ الهَوَى | عَقابيلُ يَعتَادُ الجَوَى باعْتِيَادِها |
فَكَمْ نَافَسُوا في حُرْقَةٍ إثْرَ فُرْقَةٍ | تُعَجِّبُ مِن أنْفَاسِنا وامْتِدَادِها |
وَفي لَيلَةٍ بِعْنَا لِطَارِقِ شَوْقِهَا | كَرَى أعيُنٍ، مَطْرُوفَةٍ بسُهَادِهَا |
غَدا المُهْتَدِي بالله، والغَيْثُ مُلحَقٌ | بأخلاقِهِ، أوْ زائد في عِدادِها |
حَمِدنا بهِ عَهْدَ اللّيالي، وأشرَقَتْ | لَنَا أوْجُهُ الأيّامِ، بعدَ ارْبِدَادِها |
إذا كَرّتِ الآمَالُ فيهِ تَلاَحَقَتْ | مَواهبُ مَكْرُورِ الأيَادي، مُعَادِهَا |
وَقَدْ أعجَزَ العُذّالَ أنْ يَتَدارَكُوا | لُهًى تَسبُقُ الألحاظَ، قبلَ ارتِدادِها |
سَعتْ تَتَبَغّاهُ الخِلاَفَةُ رَغْبَةً | إلَيهِ، بأوْفَى قَصْدِها واعتِمَادِها |
فَما علَقَتْهُ، خَبْطَ عاشيَةِ الدّجَى، | وَلكِنّها اختارَتْهُ بَعدَ ارْتِيَادِهَا |
إمَامٌ إذا أمضَى الأُمُورَ تَتَابَعَتْ | عَلى سَنَنٍ مِنْ قَصْدِها وَسَدادِها |
مَتَى يَتَعَمّمْ بالسّحَابِ تَلُثْ عَلى | كَفيءٍ لَها يُحتازِ إرْثِ اسْوِدادِها |
وإنْ يَتَقَلّدْ ذا الفَقَارِ يُضَفْ إلى | شُجاعِ قُرَيشٍ، في الوَغَى، وَجَوادِها |
مُزَايِدُ نَفْسٍ في تُقَى الله لمْ تَدَعْ | لَهُ غَايَةً في جِدّها، واجتِهَادِهَا |
لهُ عَزْمَةٌ ما استَبطأ المُلكُ نُجحَها، | ولا استعْتَبَ الإسلامَ وَرْيُ زِنَادِها |
إذا شُوهِدَتْ بالرّأيِ بانَ اختِيَارُها، | وإن بانَ ذو الرّأيِ اكتفتْ بانفِرَادِها |
رَشيدِيّةٌ في نَجْرِها، واثِقِيّةٌ، | يَرَى الله أيثَارَ التّقَى مِن عَتادِها |
وَمَا نَقَلَتْ مِنْهُ الخِلاَفَةُ شِيمَةً، | وَقَدْ مكَنَتْهُ، عَنوَةً، مِنْ قِيَادِها |
وَلاَ مالَتِ الدّنْيَا بهِ حينَ أشرَقَتْ | لهُ في تَنَاهي حُسْنِها، واحتِشَادِها |
لَسَجّادَةُ السّجّادِ أحْسَنُ مَنظَراً | منَ التّاجِ في أحجارِهِ، واتّقَادِهَا |
وَللصّوفُ أوْلَى بالأئِمّةِ مِنْ سَبَا الـ | ـحَريرِ، وإنْ رَاقَتْ بصِبغِ جِسادِها |
رَدَدْتَ هَدايَا المِهرَجَانِ، وَلم تكُنْ | لتَسخو النّفُوسُ الوُفرُ عن مُستَفادِها |
وَعَادَيتَ أعْيَادَ المُضِلّينَ مُعْلِناً، | وَلَوْلا التّحَرّي للهُدَى لمْ تُعَادِها |
وَقَامَتْ سَبِيلُ الحجِ للعَصَبِ التي | هَوَتْ نَحْوَهُ مِنْ قُرْبِها وَبِعَادِها |
فَهَوّنْتَ مَشْكُوراً فَرِيضَةَ حَجّها، | وَكَانَتْ تَعُدُّ الحَجُّ مِنْ جِهَادِها |
كفيت بلادا ظل موسى بجيشه | زعيمك في إصلاحها وفسادها |
إذا عُصْبَةٌ ضَلّتْ، فأبْدَتْ سَوَادَهَا | لشَغبٍ على مَلْكٍ، رَمى في سَوَادِها |
وإنْ بَاتَتِ الأعداءُ، دونَ بِلادِهِ، | تَوَرّدَها مَكْرُوهُهُ في بِلاَدِها |
تَشَوّفَ أهلُ الغَرْبِ، فارْمِ بعَزْمَةٍ | إلى إرَمٍ، إذْ مانَعَتْ، وعِمَادِهَا |
لتَسكُنَ ضَوْضَاءُ العَرِيسِ، وَتَنْتَهي | فِلَسطُونُ عَنْ عِصْيانِها وَعِنَادِهَا |
فكَم ثَمّ مِنْ إجْلاَبَةٍ، تَحتَ خفتةٍ، | وَمن جَمرَةٍ مَخبوءَةٍ في رَمَادِها |
وَما بعُيُونِ القَوْمِ عن ذاكَ منْ عَمًى، | ولَكِنْ زُرُوعٌ أيْنَعَتْ لحِصَادِها |
فَهَلْ هيَ إلاّ نَهضَةٌ مِنْ مشيعٍ، | يُرَاوِحُها بالخَيْلِ، إنْ لَم يُغَادِهَا |
كَتائِبُ، نَصرُ الله أمضَى سِلاحِها، | وعَاجِلُ تَقوَى الله أكبَرُ زَادِها |
عَلَيهِنّ مِنْ شوسِ المَوالي فَوَارِسٌ، | عِدادُ حصَى البطحاءِ دونَ عِدادِها |
وَقد طَارَدَتْهُمْ، بالثَّدِيّينِ، خَيلُهُ، | فَباتَتْ حُماةُ الكُفرِ صرْعى طِرَادِها |
بَقِيتَ، أمِيرَ المؤمِنينَ، وأنْفَدَتْ | حَيَاتُكَ عُمْرَ الدّهرِ قَبلَ نَفادِها |
وَلاَ زَالَ للدّنيا بَهَاءٌ وَبَهْجَةٌ | بمُلْكِكَ يَزْدَادَانِ طولَ ازْدِيَادِها |
سأشكُرُ مِنْ نعماكَ آلاءَ منعم، | وَجَدْتُ طَرِيفي كُلَّهُ من تِلاَدِها |