أعاد شكوى من الطيف الذي اعتادا
مدة
قراءة القصيدة :
3 دقائق
.
أعادَ شَكوى منَ الطّيفِ الذي اعتَادَا، | رُشْداً تَوَخّيتُ أمْ غَيّاً وَإفْنَادَا |
ألَمّ بي، وَبَياضُ الصّبحِ مُنتَظَرٌ، | قَدْ رَقّ عَنهُ سَوَادُ اللّيلِ، أوْ كادَا |
فأيُّ مُفتَرَقٍ لَمْ يَبْتعِثْ أسَفاً، | وَمُلْتَقًى لَمْ يَكُنْ للبَثّ ميعادا |
أتْوَيْتَ لُبّي، وَمن شأنِ المُحبّ، إذا | ما قيدَ للشّيْءِ يتوِي لُبَّهُ انْقَادَا |
يَرْجو العَوَاذِلُ إقصَارِي، وَفي كبدي | نَارٌ تَزِيدُ، على الإطْفَاءِ، إيقَادَا |
ما حقُّنَا من سُلَيمى، أنْ تَقيضَ لَنا | بالبَذْلِ مَنعاً، وَبالإدْنَاءِ إبْعَادَا |
غادَتْكَ منها، غَداةَ السّبتِ، مؤذِنةٌ | بنِيّةٍ، وَأشَقُّ الكُرْهِ مَا غَادَى |
كانَتْ أثَانِينَ أيّامُ الفِرَاقِ، فَقَدْ | صَارَتْ سُبُوتاً نُخشَاها، وَآحَادَا |
أدِلّةُ المَرْءِ أيّامُ عُدِدْنَ لَهُ، | يُرِينَهُ القَصْدَ تَقْوِيماً، وَإرْشَادَا |
وقد يطالبن ما قدمن من سلف | فيه فينقصنه الفضل الذي ازدادا |
حتى يعود الجديد المشتري خلقاً | ترذله العين والمنصات منآدا |
أكثرْتَ عَن مُتر في مصرَ السّؤالَ، وَلن | تَلْقَى ثَمُوداً بِوَاديهَا، وَلا عَادَا |
لمْ أرَ مثلَ الرّدَى وِرْداً وَفَى بهِمِ، | وَلا كحشدِ بني اللّكعاءِ وُرّادَا |
من حَينِهِمْ أنّ عكسَ الحَظّ أعلقَهم | حُتوفَهم، ما ابتَغى مَنّاً، وَلا فادَى |
ألله أعْلَى عَلِيّاً في مِرَاسِهِمِ | عَنّا، وكادَ لَهُ الحزْبَ الذي كادَا |
ما زال يَعمَلُ، وَالأقدارُ تَرْفُدُهُ، | للسّيفِ حَصْداً، وَللهاماتِ إحصَادَا |
لا تُستَعارُ الهُوَيْنا في صَريمَتِهِ | إن ساتر الحمر الأعداء أوْ بادَى |
بَنو الحُسَينِ كُنوزُ الدّهرِ من كَرَمٍ، | لا يرِثُ الدّهرُ أقصاهُنّ إنفَادَا |
مُكَرَّرُونَ عَلى الأيّامِ في شِيَمٍ، | تَقَيّلُوها أُبُوّاتٍ وَأجْدَادَا |
أفْرَادُ أُكْرُومَةٍ لا يُشرَكونَ، وَقدْ | تُدْعى الصّوَارِمُ في الأجْفانِ أفرَادَا |
إنْ ساوَقَ المَحْلَ أقْوَامٌ ببُخلِهِمِ، | جَاءُوا مَعَ المَطَرِ الرِّبْعيّ أجوَادَا |
مُخَيِّمُونَ عَلى سَيْحِ العِرَاقِ، أبتْ | إلاّ سُمُوّاً مَساعيهِمْ وَإنْجَادَا |
تخَيّرُوا الأرْضَ قبلَ النّاسِ أم عمَرُوا، | لَدَى الدّساكرِ تلكَ الأرْضَ رُوّادَا |
تُمسِي سهولاً لهمْ يَرْضَوْنَ بَسطَتَها، | وَيُصْبِحُونَ لهَا بالعِزّ أوْتَادَا |
يُرَفَّهُونَ بِسَيْحِ النّهْرَوَانِ، إذا | ضَنّ السّحابُ بجارِي سَيْلِهِ جَادَا |
فازُوا بأرْحَبِ دارٍ مِنْهُ أفْنِيَةً، | فِيحاً، وَأقدَمِ مُلْكٍ منه ميلادَا |
وَما نُخِلُّ بتَقرِيظٍ نَخُصُّ بِهِ | أبَا مُحَمّدِهمْ شكراً، وَإحمادَا |
من خَيرِهمْ خُلُقاً سَمحاً، وَأقعَدِهم | فَضْلاً، وأكثرِهمْ في السّرْوِ إسنادَا |
يرضيك من حسن قصد إلى حسن | أخلد يرمي إلى علياه أخلادا |
ما دَيرُ عاقُولِكُمْ بالبُعْدِ مانِعُنَا | مِنْ أنْ نَجيئَكَ مِنْ بَغدادَ عُوّادَا |
نُجِدُّ عَهداً بأوْفَى المُفضِلينَ نَدًى، | وَأقْوَمِ القَوْمِ في خَطْبٍ، وَإنْ آدَا |
لا تَنْظُرَنّ إلى الفَيّاضِ مِنْ صِغَرٍ | في السِّنِّ، وانْظُرْ إلى المَجْدِ الذي شادا |
إنّ النّجومَ، نجومَ اللّيلِ، أصْغَرُها | في العَينِ أذْهَبُها في الجَوّ إصْعادَا |
لَنَا عَوَارِفُ نُعمَى مِنْ تَطَوّلِهِ، | يُضْعَفنَ فوْقَ صُرُوفِ الدّهرِ أعدادَا |
تَدَفُّقُ البَحرِ، إنْ بادَهْتَ جُمّتَهُ، | سَقتكَ رَيّا، وَإنْ عاوَدْتَهُ عَادَا |
وَكَمْ أنَافَتْ مِنَ الأبْناءِ مَكْرُمَةٌ | مَشهُودَةٌ، تَدَعُ الآبَاءَ حُسّادَا |
أنْتُمْ مَيامينُ في الحاجاتِ نَطلُبُها، | وَلَسْتُمُ مُستَقِلّي النّفْعِ أنْكَادَا |
ثَلاثَةٌ تُسرِعُ النُّجحَ المَكيثَ، إذا | تَسَانَدوا فيهِ أعْواناً وَرُفّادَا |