دنا السرب إلا أن هجرا يباعده
مدة
قراءة القصيدة :
3 دقائق
.
دَنَا السّرْبُ، إلاّ أنّ هَجراً يُباعِدُهْ، | وَلاحَتْ لَنَا أفْرَادُهُ، وَفَرَائِدُهْ |
بَدَأنَ غَرِيبَ الحُسْنِ ثُمّ أعَدْنَهُ، | فَهُنّ بَوَادِيهِ، وَهُنّ عَوَائِدُهْ |
نَوَازِلُ مِن عَرْضِ اللّوَى كلَّ منزِلٍ، | أقامَ طَرِيفُ الحُسنِ فيهِ، وَتَالِدُهْ |
ألا تَرَيَانِ الرَّبْعَ رَاجَعَ أُنْسَهُ، | وَعادَتْ إلى العَهْدِ القَديمِ مَعاهِدُهْ |
كقَصْرِ حُمَيدٍ بَعدمَا غاضَ حُسنُه، | وأَقوّتْ نَوَاحيهِ، وَأجْدَبَ رَائِدُهْ |
تَلافَاهُ سَيْبُ الصّامِتيّ مُحَمّدٍ، | فَعَادَتْ لَهُ أيّامُهُ وَمَشَاهِدُهْ |
فقَد جُمّعتْ أشتاتُ قوْمٍ، وَأُصْلحتْ | جَوَانبُ أمرٍ، بَعدما التَاثَ فاسِدُهْ |
تجَلّى، فأجلى ظُلمَةَ الظّلمِ عَنهُمُ، | وَأشرَقَ فيهِمْ عَدْلُهُ وَرَوَافِدُهْ |
وَمَا زَالَ يُحْبَى الحَقَّ حَتّى أنَارَهُ | لَهُ وَأمَاتَ الجَوْرَ فارْتَدّ خَامِدُهْ |
تَوَسّطَ أوْساطَ الأُمُورِ بِنَفْسِهِ، | وَنَالَ نَوَاحيها الأقاصِي تَعَاهُدُهْ |
فإنْ تَجحَدُوهُ أنْعُماً، بَعدَ أنعُمٍ، | مُرَّددةٍ فيكُمْ، فَهُنّ شَوَاهدُهْ |
وَإنْ تُنقِصُوهُ حَقّ ما أوْجَبَتْ لَهُ | إرَادَتُهُ في الله، فالله رَائِدُهْ |
خَليلُ هُدًى، طَوْعُ الرّشادِ قَضَاؤه؛ | حَليفُ نَدًى أخذُ اليَدَينِ مَوَاعدُهْ |
وَما اشتَدّ خَطْبُ الإ انبرَى لهُ | أبُو نَهشَلٍ، حَتّى تَلينَ شَدائِدُهْ |
فَقُلْ لقَليلٍ في المُرُوءةِ وَالحِجَى؛ | تَكَثَّرُ عندَ النّاسِ، إن قل حاسدُهْ |
حِذار، فإنّ البَغيَ خَوْضُ مَنيّةٍ، | مَصَادِرُهُ مَذْمُومَةٌ، وَمحَامِدهُ |
وَرَاءَكَ مِنْ بَحْرٍ يَغُطُّكَ مَوْجُهُ، | وَمِنْ جَبَلٍ تَعلو علَيكَ جَلامِدُهْ |
تَرُومُ عَظِيماً جَلّ عَنكَ، وَتَرْتَجي | ريَاسَةَ خِرْقٍ عَطّلَتكَ قَلائِدُهْ |
ومسبعة من دون ذاك أسوده | حصاها ومحواةٌ نقاهة اساودةٌ |
وَتَدْبِيرُ مَنْصُورِ العَزِيمَةِ يَغتَدي، | وَتَدْبِيرُهُ حَادي النّجَاحِ وَقَائِدُهْ |
إذا مَا رَمَى بالرّأيِ خَلْفَ أبِيّةٍ | مِنَ الأمْرِ يَوْماً أدرَكَتها مَصَايدُهْ |
لَهُ فِكَرٌ بَينَ الغُيُوبِ، إذا انتَهَى | إلى مُقْفَلٍ مِنْهَا، فَهُنّ مَقالِدُهْ |
صَوَاعِقُ آرَاءٍ لَوِ انْقَضّ بَعْضُهَا | على يَذبُلٍ، لانقَضّ أوْ ذابَ جامدُهْ |
غَمَامُ حَياً ما تَسترِيحُ بُرُوقُهُ، | وَعارِضُ مَوْتٍ لا تَفيلُ رَوَاعِدُهْ |
وَعَمْرُو بنُ مَعدي، إن ذَهبتَ تَهيجُه، | وَأوْسُ بنُ سُعدى، إن ذهَبتَ تُكايدُه |
تَظَلُّ العَطَايَا وَالمَنَايَا قَرَائِناً | لِعَافٍ يُرَجّيهِ، وَغَاوٍ يُعَانِدُهْ |
إذا افْتَرَقَتْ أسْيَافُهُ وَسْطَ جَحفلٍ، | تَفَرّقَ عَنْهُ هَامُهُ، وَسَوَاعِدُهْ |
فَلا تَسْألَنْهُ خِطّةَ الظّلْمِ إنّهُ | إلى مَنصِبٍ، تَأبَى الظّلامَ مَحاتِدُهْ |
فَصَامتهُ، وَشَمْسُهُ، وَحَميدُهُ، | وَرَبْعِيّهُ، تِرْبُ الرّبيعِ، وَخالِدُهْ |
وَأكْرِمْ بغَرْسٍ، هَؤلاء أُصُولُهُ؛ | وَأعْظِمْ بِبَيْتٍ، هَؤلاءِ قَوَاعِدُهْ |
لَهُ بِدَعٌ في الجُودِ تَدْعُو عَذُولَهُ | عَلَيْهِ إلى استِحسانِها، فيُساعِدْهُ |
إذا ذَهَبَتْ أمْوَالُهُ نَحْوَ أوْجُهٍ | من البَذلِ جاءَتْ من وُجوهٍ مَحامدُهْ |
وَلَوْ أنّ خَلفَ المَجدِ للمَرْءِ غايَةً، | لحَازَ المدَى الأقصَى الذي حازَ وَالِدُه |
يُعَارِضُهُ في كُلّ فِعْلٍ، كَأنّهُ، | غَداةَ يُبَارِيهِ، عَدُوٌّ يُجَاهِدُهْ |