أقلا فشأنكما غيرُ شانى
مدة
قراءة القصيدة :
4 دقائق
.
أقلا فشأنكما غيرُ شانى | ولستُ بطوعكما فاتركانى |
ولا تجْشَما عَذْلَ مَن لا يُصيخُ | فما تُعدِلاني بأنْ تَعذُلاني |
غرامي بغيرِ ذواتِ الخدودِ | ووجدى بغير وصالِ الغوانى |
ولي شُغُلٌ عن هوى الغانياتِ | وما الحبُّ إلاّ فراغُ الجنانِ |
ومن أجلِ وَسْواسِ هذا الغرامِ | أقامَ العزيزُ بدارِ الهَوانِ |
ولولا الهوى ما رأيتَ الشُّجاعَ | يَقنِصُ في حَومة ٍ للجبانِ |
ولي عِوَضٌ بوجوهِ الصَّوابِ | مشرقة ً عن وجوه الحسانِ |
فأغنى من البيضِ بيضُ الضّراب | وأغنى من السّمرِ سمرُ الطّعانِ |
دعانى إليهِ فلبّيتهُ | مليكُ الورى والعلا والزّمانِ |
دعانى ولولا ولائى الصّريح | لدولتهِ وجدها ما دعانى |
أتتهُ ولم يأتها ريبة ً | يَغارُ على مِثلها الفَرقدانِ |
وكنتُ أراها له بالظُّنونِ | فقد صرتُ أُبصرها بالعِيانِ |
فدونَكَها دولة ً لاتَبيدُ | كما لا يبيدُ لنا النّيّرانِ |
بناها لك اللهُ فى شامخٍ | بعيدِ الرِّعانِ رفيعِ القِنانِ |
فقد علمَ المُلكُ ثمَّ الملوكُ | أنّك أولاهمُ بالرّهانِ |
وأنَّك أضرَبُهُمْ بالحُسامِ | وأنَّكَ أطعنُهمْ بالسِّنانِ |
وأنّكَ أبذَلهمْ للبدُورِ | وأملاهُمُ في قِرى ً للجِفانِ |
وأنّك سلماً وحرباً أحقُّ | بظهر السَّريرِ وظهرِ الحِصانِ |
وأنّك فى خشناتِ الخطوبِ | أبعدُهُمْ عن محلِّ اللِّيانِ |
فللّهِ دَرُّك يومَ التَوَتْ | عليك الخطوبُ التواءَ المثانى |
وقد ذهبوا عن طريق الصّوابِ | وأنتَ عليه وما ثمَّ ثانِ |
دعوك إليها دعاءَ الرّكوبِ | سُرَى اللّيل للقمر الأَضْحَيانِ |
وقالوا هلمَّ إلى خطّرٍ | تُقَعْقِعُ بالشَّرِّ لا بالشِّنانِ |
عشيّة َ لاكوا ثمارَ النّكولِ | وذاقوا جنى عجزهمْ والتّوانى |
ولاحتْ شواهدُ مشنوءة ٍ | ودلّ على النّارِ لونُ الدّخانِ |
وأشعرنا الحزمُ قبلَ اللّقاءِ | بيومٍ يسيلُ ردى ً أرْدَنانِ |
وأنتَ على ظهر مجدولة ٍ | منَ الشَّدِّ والطَّرْدِ جَدْلَ العِنانِ |
كأنّ الذى فوقها راكبٌ | قرا يذبلٍ أوْ سراتى ْ أبانِ |
إلى أن جذبتَ صِعابَ الرِّقابِ | وشُمَّ المخاطمِ جَذْبَ العِرانِ |
وغيرُك يندمُ في فائتٍ | وليس له غيرُ عضِّ البنانِ |
وغرَّهمُ منك طولُ الأناة ِ | وكم غُرَّ في السَّرْعِ من بُعْدِ دانِ |
فلا تَسْتغرّوا بإطراقة ٍ | تهابُ كإطراقة ِ الأفعوانِ |
ولا تحسبوا حلمهُ ديدناً | فكم نزعَ الحِلْمَ إصرارُ جانِ |
وإنّك فى معشرٍ شأنهمْ | إذا شَهدوا معركاً خيرُ شانِ |
لهمْ رممٌ كلّما رجّلتْ | فبالسّائل العَصْبِ لا بالدِّهانِ |
وأيمانهمْ خلقتْ فى الهياجِ | لضربٍ يقطٌّ الطّلى أو طعانِ |
يحلّون فى كلّ مرهوبة ٍ | محلَّ الغرارِ الحسامِ اليمانى |
وإنْ أنتَ طاعنتَ أغنوك فى الـ | ـقناة ِ، وقد حضروا، عن سِنانِ |
فيا رُكنَ أدياننا والجمال | لمِلَّتنا في نأى ً أو تَدانِ |
أبوك الذي سامني مدحَه | ومازلتُ عنه طويلَ الحِرانِ |
إلى أنْ ثناني إليه الوِدا | دُ منه وكرَّمني فاشتراني |
وما زال يجذبنى باليدين | حتّى عطفتُ إليه عنانى |
ولمَّا رَقاني ولم أعْيِهِ | وأعييتُ من قبله منْ رقانى |
فسيَّرتُ فيه منَ الصّائباتِ | دراكاً نحورَ العدا والمعانى |
وأطربتهُ بغناءِ المديحِ | فأغنيتهُ عن غناءٍ القيانِ |
فخذ منّى اليومَ ما شئتَ منْ | صنيعِ الضّمير ونسجِ اللّسانِ |
كلاماً يغور إليه البليدُ | وينقلُهُ مُسرعاً كلُّ وانِ |
شموساً يبرّحُ بالهاتفين | ولمّا هَتَفْتُ به ماعصاني |
غنيّاً بصنعته لم يطفْ | بلفظِ فلانٍ ومعنى فلانِ |
فلو رامه الأفقُ ما ناله | ولولاكَ كُفْواً لهُ ما عَداني |
ولي خدمة ٌ سَلفتْ في الزَّمانِ | صدعتُ بها غرّة ً فى زمانى |
ولمّا رأتْنِيَ منكَ اللِّحاظُ | حمتنى هنالك منك اليدانِ |
وأسكنتُ عندك ظلاًّ أقول : | كفانيَ مانلتُ منه كفاني |
وما زلتُ مذْ ذاك تحنو على | ودادك فى الصّدرِ منّى الحوانى |
يَهابُ مراسِيَ مَن رامني | ويُخطئني خِيفة ً مَن رماني |
ولولا دفاعك عنّى لما | تغيّبَ عن ريبِ دهرى مكانى |
ولا كنتُ ممّنْ يَرى سيِّئاً | بغير ومقلتُهُ لاتَراني |
ولمْ لا أتِيهُ وأنتَ الذي | تَنَخَّلَني خِبرة ً واصطفاني؟ |
ولمّا انتسبتُ إلى عزّهِ | حميتُ الذى كان قدماً حمانى |
فلا زلتَ من تبعاتِ الخطوب | ومن كلّ طارقة ٍ فى أمانِ |
وأصبحتَ مُصًطبحاً ماتَبيتَ | تُرامقُهُ من مُنى ً أو تراني |
ولا فارقتكَ ضروبُ السّرورِ | ولا صارمتك فنونُ التّهانى |