قل للخيال إذا أردت فعاود
مدة
قراءة القصيدة :
دقيقتان
.
قُلْ للخَيالِ، إذا أرَدتَ، فعَاوِدِ، | تُدْنَ المَسَافَةُ من هَوًى مُتَباعِدِ |
فلأنْتَ في نَفِسي، وإنْ عَنّيْتَني | وَبَعَثْتَ لي الأشجانَ، أحْلَى وافدِ |
باتَتْ بأحْلامِ النّيامِ تَغُرُّني | رَوْدُ التّثَنّي، كالقَضِيبِ المائِدِ |
ضَاهَتْ بحُلّتِهَا تلهب خَدّهَا، | حتّى اغتدتْ في أرْجُوَانٍ جاسِدِ |
لتَجُدْ أهاضِيبُ السّحابِ على اللّوَى، | وَعلى تَنَاضُرِ نَبْتِهِ المُسْتأسِدِ |
كانَ الوِصَالُ بُعَيْدَ هَجرٍ مُنقضٍ | زَمَنَ اللّوَى، وَقُبَيْلَ بَينٍ آفدِ |
ما كانَ إلاّ لَفْتَةً مِنْ نَاظِرٍ | عَجِلٍ بها، أوْ نَهْلَةً مِنْ وَارِدِ |
هلْ أنتَ من برج الصّبَابَةِ عاذري، | أمْ أنْتَ من شكوى الصّبَابَةِ عائِدي |
شَوْقٌ تَلَبّسَ بالفُؤادِ دَخيلُهُ، | والشّوْقُ يُسرِعُ في الفؤادِ الوَاجِدِ |
قَصَدتْ لنَجرَانِ العِرَاقِ رِكابُنا، | فطْلُبْنَ أرْحَبَها، مَحَلّةَ ماجِدِ |
آلَيتُ لا يثنَينَ جِدّاً صَاعِداً | في مَطلَبٍ، حتّى يُنَخنَ بصَاعِدِ |
خِرْقٌ أضَافَ إلَيهِ عَلْتا مَذحِجٍ، | حَسَبٌ تَنَاصَرَ، كالشّهابِ الوَاقِدِ |
كسب المحامد في زمان لم يبت | راجي الصريفيين فيه بحامد |
أيْهاتِ يَلْحَقُ من غُبارِكَ لمحةً، | وَلَوَ أنّ في يَدِهِ عِنَانَ الذائِدِ |
رَغبتْ بنَفسكَ عن خَساسةِ نَفسِهِ، | شِيَمٌ رَغِبْنَ بمُخلدٍ عن خالِدِ |
وَيَرُدُّ غَرْبَ مُساجليكَ، إذا غَلوا، | سَعْيٌ أطَلْتَ بهِ عَنَاءَ الحاسِدِ |
جَهِدُوا على أنْ يَلحقوكَ، وأفحشَ الـ | حـِرْمانِ يُقْدَرُ للحَرِيصِ الجاهِدِ |
نبهت ديوان الضياع وقد علت | أسبابه سنة الحسير الهاجد |
بصَرِيمَةٍ، كالسّيفِ هَزّ غِرَارَهُ | ماضِي الجَنانِ بهِ، طَوِيلُ السّاعِدِ |
وإذا قَسَطْتَ على العَزِيزِ، صَغَا به | ذُلٌّ إلَيْكَ، وَطاعَ غَيرَ مُعانِدِ |
وَإذا طَلَبْتَ الفَيْءَ طِيرَ بِقَائِمٍ | مِمّنْ تُطَالِبُهُ، وَقِيمَ بقاعِدِ |
لله أنْتَ ضِيَاءُ خَطْبٍ مُظْلِمٍ، | حتّى انجَلى، وَصَلاحُ أمرٍ فاسِدِ |
كمْ نِعْمَةٍ لكَ لمْ تخَلْها تُلتَوي، | باتَتْ تُقَلْقَلُ طَوْعَ بَيْتٍ شارِدِ |
سَيّرْتَ عاجِلَ ذِكْرِها بغَرَائِبٍ، | يَطْلُبنَ قاصِيَةَ المَدَى المُتَبَاعِدِ |
وأرَى المُقِرَّ بِنعْمَةٍ ما لمْ يَسِرْ | في النّاسِ حُسنُ حديثِها كالجاحِدِ |
لي ما عَلِمتَ من اتّصالِ مَوَدّةٍ، | وَمُقَدَّمَاتِ رَسائِلٍ، وَقَصَائِدِ |
وأقَلُّ ما بَيني وَبَيْنَكَ أنّنَا | نَرْمي القَبَائِلَ عَنْ قَبِيلٍ وَاحِدِ |