بين الشقيقة فاللوى فالأجرع
مدة
قراءة القصيدة :
4 دقائق
.
بَينَ الشّقِيقَةِ ، فاللّوى، فالأجْرَعِ، | دِمَنٌ حُبِسْنَ على الرّياحِ الأرْبَعِ |
فَكَأنّمَا ضَمِنَتْ مَعَالِمُهَا الّذي | ضَمِنَتْهُ أحْشَاءُ المُحِبّ الموجَعِ |
لَوْ أنّ أنْوَاءَ السّحابِ تُطِيعُني | لَشَفى الرّبيعُ غَليلَ تِلْكَ الأرْبُعِ |
مَا أحْسَنَ الأيّامَ، ِإِلاَّ أنّهَا | يا صاحِبيّ، إذا مَضَتْ لمْ تَرْجِعِ |
كانوا جَميعاً، ثمّ فَرّق بَيْنهُمْ | بَينٌ كَتَقْوِيضِ الجَهام المُقلِعِ |
مِن وَاقِفٍ في الهَجْرِ ليسَ بِوَاقِفٍ، | وَمُوَدِّعٍ بالبَيْنِ غَيرِ مُوَدِّعِ |
وَوَرَاءَهُمْ صُعَدَاءُ أنْفاسٍ، إذا | ذُكِرَ الفِرَاقُ أقَمْنَ عُوجَ الأضْلُعِ |
أمّا الثّغورُ، فقَدْ غَدَوْنَ عَوَاصِماً | لِثُغورِ رَأيٍ، كالجِبالِ الشُّرّعِ |
مَدّتْ وِلايَةُ يُوسُفَ بْنِ مُحَمّدٍ | سُوراً على ذَاكَ الفَضَاءِ البَلْقَعِ |
لا يَرْهَبُ الطّرْفُ البَعِيدُ تَطَرّفاً، | عادَ المضَيَّعُ، وهوَ غَيرُ مُضَيَّعِ |
وَهْيَ الوَديعَةُ لا يُؤمَّلُ حِفْظُهَا، | حَتّى تصِحّ حفِيظَةُ المُسْتَوْدِعِ |
وَأعِنّةُ الإسْلامِ في يَدِ حازِمٍ، | قَدْ قادَها زَمَناً، وَلمْ يتَرَعْرَعِ |
أمْسَى يُدَبّرُهَا بِهَدْي أُسامَةٍ، | وَبِكَيْدِ بَهْرَامٍ، وَنَجْدَةِ تُبّعِ |
فَكَفاكَ منْ شَرَفِ الرّياسَةِ أَنْهٌُ | يَثْني الأعِنّةَ كُلَّهُنّ باصْبَعِ |
أدْمَى فِجاجَ الرّومِ، حتى ما لَهَا | سُبُلٌ سِوَى دَفْعِ الدّماءِ الهُمَّعِ |
قَطَعَ القَرائِنَ، وَاللّوَاءُ لِغَيْرِهِ، | بالمَشْرَفِيّة، حُسَّراً في الأدْرُعِ |
وَلِوَاؤهُ المَعْقُودُ يُقْسِمُ في غَدٍ | أنْ سَوْفَ يَصْنعُ فيهِ ما لمْ يُصْنعِ |
صَدْيانُ منْ ظمَإ الحُقودِ لوَ انّهُ | يُسْقى جميَع دمائهِمِ لم ينقعِ |
ماضِ، إذا وَقَفَ المُشَهَّرُ لم يُعِفْ، | يَقِظٌ، إذا هجَعَ السُّهَا لمْ يهْجَعِ |
وَمُهَيِّجٌ هَيْجَاءَ يَبْلُغُ رُمْحُهُ | صَفّ العِدى، وَالرّمحُ خمسَةُ أذْرُعِ |
وَيُضيءُ من خلْفِ السّنانِ، إذا دجا | وَجْهُ الكَمِيّ على الكَمِيّ الأرْوَعِ |
بحْرٌ لأهْلِ الثّغْرِ ليْسَ بغائِضٍ، | وَسَحَابُ جُودٍ لَيْسَ بالمُتَقَشِّعِ |
نُصِرُوا بِدَوْلَتِهِ الّتي غَلَبُوا بهَا | في الجمعِ، فَانتصَفوا بها في المَجمَعِ |
وإذا هُمُ قَحَطوا، فأعشَبُ مَرْبَعٍ، | وإذا همُ فَزِعوا، فأقرَبُ مَفزَعِ |
رَجَعوا من الشِّبلِ، الذي عهِدوا، إلى | خَلَفٍ من اللّيثِ الضُّبارِمِ مُقنَعِ |
ما غابَ عنهُمْ غيرُ نَزْعَةِ أشيَبٍ، | مَكسُوّةٍ صَدَأً، وَشَيبَةِ أنزَعِ |
هذا ابنُ ذاكَ وِلادَةً. وَأخُوّةً، | عِندَ الزّعازِعِ وَالقَنا المُتَزَعزِعِ |
مُتَشابِهانِ، إذا الأمورُ تشابَهَتْ، | حَزْماً وَعِلماً بِالطّريقِ المَهْيَعِ |
عُودَاهُمَا مِنْ نَبعَةٍ، وَثَرَاهُما | مِنْ تُرْبَةٍ، وَصَفَاهُما منْ مقطَعِ |
يَا يوسُفُ بنُ أبي سَعِيدٍ لِلّتي | يُدْعى أبوك لهَا، وَفيها، فاسمَعِ |
إلاّ تَكُنهُ على حِقيقَتِهِ يَغِبْ | عَمروٌ، وَيشهَدْ عاصِمُ بنُ الأسفَعِ |
وَلتَهنِكَ الآنَ الوِلايَةُ، إنّهَا | طَلَبَتكَ منْ بلَدٍ بَعِيدِ المَنزِعِ |
لمْ تُعظِها أمَلاً، وَلمْ تُشغِلْ بِهَا | فِكراً، وَلمْ تسألْ لهَا عنْ موْضِعِ |
وَرَأيتَ نَفسَكَ فوْقها، وَهيَ الّتي | فوْقَ العَلِيّ منَ الرّجالِ، الأرْفَعِ |
وَصَلَتكَ حِينَ هجرْتَها، وَتَزَيّنَتْ | بأغَرّ وَافي السّاعِدَينِ سَمَيذَعِ |
وَمَهاوِلٍ دُونَ العُلا كلفتَهَا | خُلْقاً، إذا ضَرّ النّدَى لمْ ينْفَعِ |
فقَطَعْتَها رَكض الجوَادِ، وَلَوْ مشَى | في جانِبَيْها الشَّنْفَرَى لمْ يُسْرِعِ |
سعْي، إذا سمِعَتْ رَبِيعةُ ذِكْرَهُ، | رَبعَتْ فلَمْ تَذكُرْ مَساعي مِسمَعِ |
أعطَيْتَ ما لمْ يُعْطِ في بذْلِ اللُّهَى، | وَمَنَعْتَ في الحُرُماتِ ما لمْ يَمنَعِ |
وَبَعَثْتَ كيْدَكَ غازِياً في غارَةٍ، | ما كانَ فيها السّيْفُ غيرَ مُشَيَّعِ |
كيْدٌ، كفى الجيشَ القِتالَ، وَردَّهمْ | بَينَ الغنيمَةِ وَالإيابِ المُسْرِعِ |
جَزِعَتْ لهُ أُمُّ الصّليبِ، وَمن يَصُبْ | بحَرِيمِهِ وَبْلُ المنِيّةِ يَجْزَعِ |
أعْطَوْا رَسولَكَ ما سألتَ، فكيْفَ لَوْ | سافَهْتَهُمْ بِصُدورِهِنّ اللُّمّعِ |
وَاستقرَضُوا من أهلِ مَرْعَش وَقعَةً، | فقَضَوْكَ منْها الضِّعْفَ ممِا تدّعي |
منْ أيّهِمْ لمْ تَستْفِدْ، وَلأيّهِمْ | لمْ تَنْجَرِدْ، وَبِأيّهِمْ لمْ تُوقِعِ |
بَلْ أيُّ نَسْلٍ مِنْهُمُ لمْ تَسْتبِحْ، | وَثَنِيّةٍ مِنْ أرْضِهِمْ لمْ تَطْلُعِ |