خلِّ مَن كان للجنادل جارا
مدة
قراءة القصيدة :
4 دقائق
.
خلِّ مَن كان للجنادل جارا | لا تعرهُ تلهفاً وادكارا |
فغبين الرجال من سلبتهُ | نوبُ الدهرِ في المصابِ اصطبارا |
واعتَبِرْ بالَّذين حَلُّوا منَ العليا | ء والكبرياء داراً فدارا |
ملكوا الأرضَ كلَّها ثمَّ مَن كا | ن على الأرض في الزمان مرارا |
فترى دورَهُمْ وكنَّ مِلاءً | بالمسرّات بعدهُنَّ قِفارا |
مُظلماتٍ من بعد | ِ أن أوقدتْ فيـ |
وأكفّاً يوابساً طالمَا فِضْـ | ـن على الخلق عسجداً أو نضارا |
أينَ قومٌ كنّا نراهُمْ على الأطـ | ـواد حلوا ثرى الصعيد انتشارا |
زَحموا الأنجمَ العُلا غيرَ راضيـ | ـن لهم ذلك الجوارَ جوارا |
كلُّ قرمٍ قد طاب أصلاً وفرعاً | و قديماً وحادثاً ونجارا |
ضمَّ ملكاً وبسطة ً بيديهِ | طيعاتٍ إلى البراري البحارا |
و تراه يجرّ في كلَّ فجٍّ | طلبَ العزَّ جيشه الجرارا |
لم يزل آنس المفارق حتى | خلع الموتُ تاجه والسوارا |
ثمَّ ولَّى ممكِّناً مِن رَداهُ | فيه تلك الأنيابَ والأظفارا |
إنّ هذا الزمان يأخذ منا | كلَّ يومٍ خيارنا والخيارا |
وأعزّاؤنا إذا لم يفوتو | نا صغاراً فاتوا وماتوا كبارا |
وكأنّ الذي تهالكَ في الفَجْـ | ـطَتْ بنا القارعاتُ فينا جُبارا |
و إذا لم تطقْ ثقيلَ الرزايا | فعلى ما نعجزُ الأغمارا ؟ |
عزّ من بزّ من أراد وأفنى | حِمْيَراً تارة ً وأخرى نِزارا |
فتراهمْ من بعد عزٍّ عزيزٍ | في بطون الهوى غباراً مطارا |
وإذا ما أجَلْتَ بينَ ديارٍ | لهُمُ اللّحظَ لم تجدْها ديارا |
لم تدعْ حادثاتُ هذي الليالي | منهمُ أعيناً ولا آثارا |
وطَوَتْ عنهُمُ ومنهمْ إلى الأحـ | ـياءِ منّا الأنباءَ والأخبارا |
ورأينا من واعظاتِ المواضي | للبواقي ما يملأ الأبصارا |
غير أنا نزداد في كلّ يومٍ | خدعاً من زماننا واغترارا |
فإلى كم نصدق المينَ منه | كلَّ يومٍ ونأمنُ الغَرّارا |
ونسومُ الأرباحَ، والرِّبحُ ياصا | ح إذا ما مضيتَ كان خَسارا |
يا بن عبد العزيز ليتك ما بنتَ | ولاسارَ سائرٌ بكَ سارا |
كان " حذري " عليك يستلب الغمضَ سهاداً فقد كفيتُ الحذارا | ـضَ سُهاداً فقد كفيتُ الحِذارا |
إنما المرءُ سكن الوكـ | رَ قليلاً مهجراً ثمَّ طارا |
وطِوالُ السّنين بعدَ تَقَضٍّ | و نفادٍ ما كنّ إلاَّ قصارا |
أيُّ بدرٍ لم يُنتَقَصْ بمُحاقٍ | بعد أن كان للعيون استدارا ؟ |
وظلامٍ ما جاء غِبَّ صباحٍ | ملأ الأرضَ كلَّها واستنارا |
ليس عاراً هذا المصابُ وكان الضْـ | ـضعفُ عنه بينَ الأجالدِ عارا |
إنما العيشُ لو تأمَّلتَ ثوبٌ | خِيلَ مُلكاً لنا وكان مُعارا |
أيُّها الثّاكلُ المحبَّة َ لاتثـ | ـكلْ جزاءً عنها طويلاً كُثارا |
واصطبرْ مُؤثراً تفُزْ بثوابٍ | لاتُضِعْهُ بأنْ صبرتَ اضطرارا |
فدعِ الشَّكوَ من جُروح اللّيالي | " فجروح " الأيام كنّ جبارا |
لا تشكنَّ بالذي قسمَ الأعما | وتولّى به الغمامُ يُسقِّيـ |
و بلغتَ الأوطارَ قدماً فما را | بَك يوماً أن تُحرمَ الأوطارا |
قد مضى رائداً أمامك بشرى | لكَ في عَرْصة ِ الجنانِ قرارا |
أيُّ نفعٍ في أن تقيمَ وتَمضي | حيداً عن ثوابه وازورارا |
وإذا ما وزنتَ ذاك بهذا | كنتَ معطى ً فيما عراك الخيارا |
كنْ وَقوراً على مَضاضة ِ خَطْبٍ | حُطَّ عن مَنْكِبَيْ سِواك الوَقارا |
و إذا ما سواك كان دثاراً | كنتَ لي بالودادِ منك شعارا |
وتَرى بَرقَه ضَحوكاً وإنْ كا | نَ عَبوساً ورعدَهُ النقَّارا |
و عدته الجدوبُ في كلَّ محلٍ | وكَسَتْهُ أنوارُه الأَنوار |