أما ترى الرَّبعَ الّذي أقفرا
مدة
قراءة القصيدة :
3 دقائق
.
أما ترى الرَّبعَ الّذي أقفرا | عراهُ من يرب البلى ما عرا ؟ |
لو لم أكنْ صبّاً لسكّانهِ | لم يجرِ من دمعي له ماجَرى |
رأيته بعد تمامٍ له | مقلباً أبطنهُ أظهرا |
كأنّني شكّاً وعِلماً بهِ | أقرأ مِن أطلالهِ أسطُرا |
وقفتُ فيه أينُقاً ضُمرّاً | شذب من أوصالهنّ السرى |
لي بأناس شغلٌ عن هوى ً | و معشري أبكى لهم معشرا |
أجلْ بأرض الطفّ عينيك ما | بينَ أناسٍ سُرْبلوا العِثْيَرا |
حَكَّم فيهم بغيُ أعدائِهمْ | عليهم الذؤبانَ والأنسرا |
تخال من لألاءِ أنوارهمْ | ليلَ الفيافي لهمُ مقمرا |
صَرعى ولكنْ بعد أن صَرَّعوا | وقطَّروا كلَّ فتى ً قَطَّرا |
لم يرتضوا درعاً ولم يلبسوا | بالطعن إلاّ العلقَ الأحمرا |
من كلّ طيانِ الحشا ضامرٍ | يركبُ في يوم الوغَى ضُمَّرا |
قلْ لبني حربٍ وكم قَوْلة ٍ | سطرها في القوم من سطرا |
تهتمْ عن الحقّ كأنّ الذي | أنذركم في الله ما أنذرا |
كأنَّه لم يَقرِكُمْ ضُلَّلاً | عن الهدى القصدَ بأمّ القرى |
ولا تَدرَّعْتُم بأثوابهِ | من بعد أن أصبحتمُ حسرا |
و لا فريتمْ أدماً " مرة ً " | ولم تكونوا قطُّ ممَّن فَرى |
وقلتُمُ: عنصرنا واحدٌ | هيهات لا قربى ولا عنصرا ! |
ما قدم الأصلُ امرءاً في الورى | أخره في الفرع ما أخرا |
وغرَّكُم بالجهل إمْهالُكم | وإنَّما اغترَّ الَّذي غُرِّرا |
حلأَّتُمُ بالطفّ قوماً عن الْـ | ـماءِ فحُلِّئْتُمْ به الكَوْثرا |
فإنْ لَقُوا ثَمَّ بكم مُنكَراً | فسوف تَلْقَون بهم مُنكرا |
في ساعة يحكم في أمرها | جدهم العدل كما أمرا |
و كيف بعتمْ دينكمْ بالذي أسـ | ـتَنْزره الحازمُ واستحقرا! |
لولا الذي قدر من أمركمْ | وَجَدتُم شأنَكمُ أَحقر |
كانت منَ الدَّهرِ بكم عثرة ٌ | لا بدّ للسابق أن يعثرا |
لاتفخروا قطُّ بشيءٍ فما | تركتُمُ فينا لكم مَفْخرا |
ونِلتموها بَيعة ً فَلتة ً | حتّى ترى العينُ الّذي قُدِّرا |
كأنَّني بالخيل مثلُ الدُّبى | هبتْ به نكباؤه صرصرا |
وفوقَها كلُّ شديدِ القُوى | تخاله من حنقٍ قسورا |
لا يمطرُ السمرَ غداة َ الوغى | إلاَّ برشَّ الدمِ إنْ أمطرا |
فيرجعُ الحقُّ إلى أهلهِ | و يقبلُ الأمر الذي أدبرا |
ياحججَ اللهِ على خلقهِ | و من بهم أبصرَ من أبصرا |
أنتمْ على الله نزولٌ وإن | خالَ أُناسٌ أنكمْ في الثَّرى |
قد جعل الله إِليكمْ كما | علمتُمُ المبعثَ والمحشرا |
فإِن يكنْ ذنبٌ فقولوا لمن | شفعكمْ في العفو أن يغفرا |
إذا توليتكمُ صادقاً | فليس منِّي ”مُنكَرٌ” مُنكِرا |
نَصرتُكمْ قولاً على أنّني | لآملٌ بالسيفِ أن أنصرا |
وبينَ أضلاعيَ سِرٌّ لكمْ | حوشيَ أن يبدو وأن يظهرا |
أنظرُ وقتاً قيل لي بُحْ به | و حقّ للموعود أن ينظرا |
وقد تبصَّرتُ ولكنَّني | قد ضقتُ أن أكظم أو أصبرا |
و أيُّ قلبٍ حملتْ حزنكمْ | جَوانحٌ منه وما فُطِّرا |
لاعاشَ مِن بعدكُمُ عائشٌ | فينا، ولا عُمِّرَ مَن عَمَّرا |
و لا استقرت قدمٌ بعدكم | قرارة ً مَبْدى ولا مَحضَرا |
و لا سقى اللهُ لنا ظامئاً | من بعد أن جنبتمُ الأبحرا |
و لا علتْ رجلٌ وقد زحزحت | أرجُلُكمْ عن مَتْنهِ مِنْبرا |