عرفتُ الدّيارَ كسُحقِ البُرودِ
مدة
قراءة القصيدة :
4 دقائق
.
عرفتُ الدّيارَ كسُحقِ البُرودِ | كأن لم تكنْ لأنيسٍ ديارا |
ذكرتُ بها نَزواتِ الصِّبا | بساحاتها والشبابَ المعارا |
وقوماً يشنّون لا يفتُرو | ـن إمّا النُّضارَ وإمّا الغِوارا |
أبوا كلما عذلوا في الجميـ | ـل إلاّ " انبعاقاً " وإلا انفجارا |
أمنتُ على القلبِ خوانة ً | تطيعُ جِهاراً وتَعصي سِرارا |
أقادُ إليها على ضنها | ولولا الهوَى لملكتُ الخِيارا |
و قالوا وقد بدلتْ حادثاتُ | زمانيَ ليلَ مشيبي نهارا : |
أتاه المشيبُ بذاك الوَقارِ | فقلت لهمْ: ما أردتُ الوَقارا |
فيا ليتَ دهراً أعارَ السّوا | دَ إذ كان يرجعه ما أعارا |
وليتَ بياضاً أراد الرّحيلَ | عُقيبَ الزِّيارة ماكان زارا |
و مفترشٍ صهواتِ الجيادِ | إذا ما جرى لا يخاف العثارا |
تراه قويماً كصدر القنا | لا يطعمُ الغمضَ إلاّ غرارا |
سرى في الظلام إلى أن أعا | دَ مرآة َ تلك الليّالي سِرارا |
فلما ثناه " جنابُ الأجلَّ " | ـلِ نَفَّضَ عن مَنكِبيهِ الغُبارا |
وشرَّد عنه زَماعَ الرَّحيلِ | فألقى عصاه وأرخى الإزارا |
مزارٌ إذا " أمه " الرائدون | أَبَوْا أن يَؤمُّوا سِواه مَزارا |
و مغنى ً إذا اضطربتْ بالرجال | رحالْ الركائب كان القرار |
فللهِ دَرُّك من آخذِ | و قد وترَ المجدُ ثارا |
و من جبلٍ " ما استجار المروعُ " | به في البوائق إلاّ أجارا |
فتى ً لا ينامُ على رِيبة ٍ | ولا يأخذُ الغَمَّ إلاّ اقتسارا |
ولايصطفى غيرَ سيّارة ٍ | منَ الذّكرِ خاض إِليها الغِمارا |
و قد جربوك خلال الخطو | ب عيَّ بهنّ لبيبٌ فحارا |
فما كنتَ للرُّمح إلاّ السّنانَ | ولا كنتَ للسَّيفِ إلاّ الغِرارا |
و إنك في الروع كالمضرحيَّ | أضاقَ على الطائراتِ المطارا |
و كم لك دون مليك الملوك | مقامٌ ركبتَ إليه الخطارا |
و ملتبسٍ كالتباس الظلا | م أضرمتَ فيه من الرأي نارا |
وكنتَ اليمينَ بتلك الشُّغوبِ | وكان الأنامُ جميعاً يسارا |
ولمّا تبيَّنَ عُقْبى الأمورِ | وأسفرَ دَيجورُها فاستنارا |
درى بعد أن زال ذاك المرا | ءُ من بالصواب عليه أشارا |
" ولولا " دفاعك عمن تراهُ | رأينا أكفَّ رجالٍ قِصارا |
و لي نفثة ٌ بين هذا المديح | صبرتُ فلم أعطَ عنها اصطبارا |
أأدنو إليك بمحض الوداد | وتبعُدُ عنّي وداداً ودارا |
وأُنسى فلا ذكرَ لي في المغيبِ | و ما زادني ذاك إلاّ ادكارا |
و إني لأخشى وحوشيتَ منه | أنْ يحسب الناسُ هذا ازورارا |
و لستُ بمتهمٍ للضمير | ولكنّني أستزيدُ الجِهارا |
و لو قبل الناسُ عذر امرئٍ | لأوسعتُهم عن سِوايَ اعتذارا |
فليس لهمْ غيرَ ما أبصروه | عِياناً وعدّوا سواهُ ضِمارا |
وكانت جواباتُ كُتْبي تجيءُ | إليَّ سراعاً بفخرٍ غزارا |
فقد صِرْنَ إِمّا طوَيْنَ السِّنينَ | وإمّا وَرَدْنَ خِفافاً قِصارا |
وكيف تخيبُ صغارُ الأمورِ | لدى من أنال الأمورَ الكبارا ؟ |
أنجد سارٍ بها ثمّ غارا | |
و من كلمٍ كنبال المصيبِ | وبيتٍ شَرودٍ إذا قيلَ سارا |
يُغنِّي بهنَّ الحُداة ُ الرِّكابَ | و يسقى بهنّ الطروبُ العقارا |
كِ صَيَّرْتَه راعياً لي فصارا | |
ولمّا بنيتَ بساحاتهِ | أطلتَ الذرا ورفعت المنارا |
فلا زلتَ يا فارج المشكلاتِِ | تنالُ المرادَ وتكفي الحذارا |
و هنئتَ بالمهرجانِ الذي | يعودُ كما تبتغيهِ مِرارا |
يعودُ بما شئتَ شَوقاً إليك | مِراراً وإنْ لم تُعِرْه انتظارا |
ولِمْ لا يتيهُ زمانٌ رآ | كَ فَضلاً لأيّامهِ وافتخارا؟ |