أجز من غلة الصدر العميد
مدة
قراءة القصيدة :
دقيقتان
.
أجِزْ منْ غُلّةِ الصّدْرِ العَميدِ، | وَسَكِّنْ نَافِرَ الجائش الشَّرُودِ |
فَما جَزعُ الجَزُوعِ مِنَ اللّيالي | بمُحْرِزِهِ، ولا جَلَدُ الجَلِيدِ |
جَحَدْنا سُهْمةَ الحَدَثانِ فينا، | لَوَ أنّ الحقّ يبطُلُ بالجُحُودِ |
وَنُنْكِرُ أنْ تَطَرّقَنا المنايا، | كأنّا قَدْ خُلِقْنا للخُلودِ |
فيا وَيْحَ الحوادِثِ كيْف تُعْطي | شَقِيَّ القَوْمِ من حظِّ السعيدِ |
وَكيْفَ تجوزُ، إن همّتْ بحُكمٍ، | فتحْمهلَ للْغَوِيّ عَلى الرّشيدِ |
وَمَا بَرِحَتْ صُرُوفُ الدّهرِ، حتى | أرَتْنا الأُسْدَ قتْلى للقُرُودِ |
أُعَزّي الأرْيَحِيَّ أبَا عليٍّ | على الخِرْقِ الأغَرِّ أبي سعيدِ |
وَمَا عَزّيْتُ إلاّ بحْرَ عِلْمٍ، | نُطيفُ بفَيضِهِ، عن بحْرِ جودِ |
قَتِيلٌ لَمْ يُمَهِّلْ قَاتِلُوهُ | مَدَى الأجَلِ المُوَقَّتِ في ثَمودِ |
تُدُورِكَ ثَارُهُ غَضّاً، ولَمّا | يُؤخَّرْ لِلْتّهَدّدِ، والوَعِيدِ |
وكان السّيْفُ أدْنَى مِنْ ورِيد الْـ | ـمُعِينِ عَلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الوَرِيدِ |
وَلَيْسَ دَمُ اللّعِينِ، وَإنْ شَفانا، | كفيا عِنْدَنا لِدَمِ الشّهيدِ |
وَما أرْضَتْكَ من مُهَجِ الموَالي، | غَداةَ رُزِئْتَهَا، مُهَجُ العَبيدِ |
فَلَوْ عَلِمَ القَتِيلُ، وَأيُّ عِلْمٍ | لِمَيْتٍ، منْ ورَاء التُّرْبِ، مُودِ |
رَأى لأخِيهِ عَزْماً، أنْقذَتْنا | صَريمتُهُ منَ التّلَفِ المُبِيدِ |
سَمَا بالخَيْلِ أرْسلاً لِسيما، | فَمِنْ شوسٍ إلى الداعي، وَقُودِ |
فَما انْفكّتْ تجُولُ عليْهِ، حتى | تدَهْدَأ رَأسُ جَبّارٍ عَنِيدِ |
إذا ما الحَيُّ أعْطَى في أخِيهِ الـ | ـدّنِيئةَ فهْوَ كالمَيْتِ الفَقِيدِ |
ذكَرْتُ أخي أبا بكْرٍ، ففاضتْ | دُموعٌ، غَيرُ مُعْوِزَةِ الجمودِ |
وَللْفَجْعِ العَتيقِ مُحرِّكاتٌ، | مُهَيِّجَةٌ منَ الفَجْعِ الجَديدِ |
سَلامُ الله والسّقيا، سِجالاً، | عَلى تِلْكَ الضّرَائِحِ وَاللحودِ |
رَزَايا منْ شُيوخِ الأزْدِ ألْقَتْ | عَلَيْنَا كلَّ مُوهِنَةٍ، هَدُودِ |
نَصُكُّ لهَا الجِبَاهَ، إذا احتشمنا، | حياءَ النّاس منْ لَطمِ الخُدودِ |
مبَاك نَسْتَزِيدُ الدّمْعَ مِنها، | وَما للدّمْعِ فِيها منْ مَزِيدِ |
أقُولُ أبا عليٍّ طِبْتَ حَيّاً، | وَمَيْتاً، تحْتَ أرْوِقَةِ الصّعِيدِ |
لقَدْ طَلَبَتْكَ من غُرّ المَرَاثي | قَوَافٍ، مثْلُ أفْوَافِ البُرُودِ |
فَلا تبْعُدْ، فما كان المُرَجّي | نَوالَكَ، مِنْ نَوالِكَ، بالبَعِيدِ |
هممْتُ بنُصرَةٍ، فعجِزْتُ عنها، | وَأنْتَ تُرَادُ للخَطْبِ المُفيدِ |
وَلمّا لمْ أجِدْ للسّيْفِ حَدّاً | أصُولُ بِهِ، نَصَرْتُكَ بالقَصِيدِ |