لا تلمِ الدّهرَ ولا تعذلِ
مدة
قراءة القصيدة :
3 دقائق
.
لا تلمِ الدّهرَ ولا تعذلِ | فطالما صُمَّ عن العُذَّلِ |
فى كلّ يومٍ مرّ من صرفهِ | لنا أَميمُ الرَّأسِ بالجندلِ |
مفوّقاً أسهمه وجهتى | من كان مدلولاً على مقتلى |
أنقل من سفلٍ إلى علوه | طَوراً ومن عالٍ إِلى أسفلِ |
كأنَّني قسطلة ٌ أُلقيتْ | في كفِّ مجنونٍ منَ الشَّمْأَلِ |
يا موتُ ما أبقيتَ من شمّخٍ | غرٍّ وما جاوزتَ من رذّلِ |
صرعى بكاساتك مملوءة ً | مترعة ً من ذلك الأقتلِ |
كم أخرجتْ كفّك مستعصماً | لا يحذر السّوءَ من المعقلِ |
أينَ أناسٌ سكنوا قبلنا | ذُرا العُلى في الزَّمن الأوَّلِ؟ |
من كلّ غرثانِ الشّوى من خنًى | مُستَمَعِ الأقوالِ في المحفِلِ |
كأنّما طلعته طلقة ً | سيفٌ قريبُ العهد بالصّيقلِ |
سيقوا إلى الموتِ كما سُوِّقَتْ | نجائبُ الغادين بالأرحلِ |
و فجعة ٍ جاءتْ على بغتة ٍ | تغصّنى بالبارد السّلسلِ |
كأنَّما جَرَّعَني نابهٌ | بذكرِها كأساً منَ الحنظلِ |
إنّ أبا الفتح قضى هالكاً | بفادحٍ من قَدَرٍ مُنزَلِ |
ثلّمَ من مروى َ فقدانه | و حزّ لمّا حزّ بالمفصلِ |
فالآنَ قلبي جُرُحٌ كلُّه | ربّ جروحٍ لسنَ بالأنصلِ |
نجمَ المعالى إنّها خطّة ٌ | يبينُ فيها كلُّ مُستَبْسِلِ |
حملتَ منها أيّما صخرة ٍ | و الثّقلُ محمولٌ على البزّلِ |
لا تنظرِ اليومَ إلى حرِّها | لذّاعة ً تَعنِفُ بالمُصْطَلي |
وانظرْ إلى ماتركتْ بعدَها | من نعمٍ للواهب المجزلِ |
دع زمناً في الغاب خلّى لنا | أسوده تعبث بالأشبلِ |
ولا تلُمْهُ ورؤوسٌ لنا | سليمة ٌ إنْ عاثَ بالأرجُلِ |
وفي كثيبٍ فاتَنا سَلْوة ٌ | إنْ دفعَ السَّوءُ عن الأجبُلِ |
و اصبرْ عليها طخية ً مرّة ٍ | فإنَّها عن كَثَبٍ تَنْجلي |
عداك ما أرهف من حدّها | و عن أبيك الأوحدِ الأكملِ |
ثُمَّ بَنيكَ الغُرِّ مُلِّيتَ مِنْ | بقائِهمْ بالأمثلِ الأمثلِ |
فاعدِلْ لهذي نِعماً ضَخْمة ً | عن سنّة ِ المكتئبِ المعولِ |
وكذّبِ القائلَ فى قولهِ : | قد ظلمَ الدَّهرُ ولم يعدِلِ |
إنْ كان حزنٌ فليكُنْ من فتى ً | لم يقل السّوء ولم يفعلِ |
فالحزنُ مغفورٌ ولولا الأسى | لم يحسنِ الصّبرُ ولم يجملِ |
لابدّ للمصبح فى نعمة ٍ | يصبحه فى ليلهِ الألبلِ |
وليس للقاطنِ فى بلدة ٍ | مُعرِّساً بدٌّ منَ المَرْحَلِ |
إِنِّيَ منكمْ بِوِدَادِي لكُمْ | ووسط أبياتكمُ منزلى |
ما مسَّكُمْ من جَذَلٍ مَسَّني | وما يصبْ من حرقٍ فهوَ لى |
يا راحِلاً لا أرتجي عودَهُ | وإنْ رَجَونا عودَة َ الرُّحَلِ |
سقى الذى واراك فى تربة ٍ | سحُّ قطارِ الواكفِ المسبلِ |
ولا يزلْ قبرك فى روضة ٍ | يُنفَحُ بالجادِيِّ والمَنْدَلِ |
تعاقبُ الأنواءُ نوّاره | فمن ملثِّ القطرِ أو منجلِ |