قل للنّوائب قد أصبتِ المقتلا
مدة
قراءة القصيدة :
3 دقائق
.
قل للنّوائب قد أصبتِ المقتلا | وسَقيتِنا فيما جَنيتِ الحنظلا |
أثكلتِ مَنْ لمّا جزعنا ثُكلَه | أنسيتنا من قبه ما أثكلا |
فالعينُ يجرى ماؤها لا للصّدى | والقلبُ يوقدُ جمرهُ لا للصّلى |
عادات هذا الدّهر أن يستلّ منّا الأمثلُ المأمولَ ثمّ الأمثلا | ـنَا الأمثلَ المأمولَ ثمَّ الأَمثلا |
إنّا نبدِّلُ كلَّ يومٍ حالة ً | بخلافِها من قبلِ أنْ تُستبدلا |
ويُنَقَّلُ الإنسانُ عن حالاتِهِ | ولداته من غير أن يتنقّلا |
نبنى المعاقلَ للخطوب فإنْ أتتْ | رُسُلُ الحِمامِ فما ابْتَنينا مَعْقلا |
كم ذا لنا تحتَ التُّرابِ محاسنٌ | تُرمَى على عمدٍ إلى نحوِ البِلى |
والمرءُ في كفِّ الزَّمانِ وديعة ٌ | كي تُقتضَى وحديقة ٌ كي تُختَلى |
ماذا البكاءُ على الذى ولّى وقد | جعلتْ له جنّاتُ عدنٍ منزلا ؟ |
وعلى مَ نُسقَى الصَّابَ فيه؟ وإنَّهُ | يسقى هناك كما يشاء السّلسلا |
ملكَ الملوكِ أصخ لقولة ِ ناصحٍ | حكمُ الصّوابِ لمثلها أن تقبلا |
إنْ كنتَ حُمِّلْتَ الثَّقيلَ فلم تزلْ | للحزمِ أنهضَ للثّقيلِ وأَحملا |
عمرٌ قصيرٌ ما انقضى حتّى قضى | فينا بأنّ لك البقاءَ الأطولا |
يا حاملاً أثقالَنا حُوشيتَ أنْ | تَعْيا بأمرٍ كارثٍ إِنْ أعضلا |
ما إنْ عهدنا الدّهرَ إلاّ فارجاً | بكَ ضيِّقاً أو مُوضحاً بك مُشكلا |
فدعِ التفجّعَ والتوجّعَ والأسى | وخذ الأجلَّ من الفتى والأجملا |
خيرٌ من الماضى لنا الباقى ومنْ | ثاوٍ تعجّلهُ الرّدى منْ أجّلا |
فلئنْ هوَى جبلٌ فقد أثوَى لنا | خَلَفاً لهُ ملأَ الكِنانة َ أنصُلا |
لا تَعجبوا منه يصابُ فإنَّما | نَدعو إلى ثِقْلِ الرِّحالِ الأبْزَلا |
إن العواصفَ لا تنالُ منَ البنا | إِلاّ بناءً كان منها أطوَلا |
فاصبرْ لها فلَطالما أوْسَعتنا | فى المعضلاتِ تجلّداً وتحمّلا |
وإذا جزعتَ منَ المصاب فقلْ لنا: | مَن ذا يكون إِذا جزعنا المَوْئلا؟ |
فتعزَّ بالباقى عن الفانى ردًى | وبمن ثَوى ولهُ الهَوى عمَّن خلا |
أخذَ الذي أعطى وبقّى بعدَه | أوفَى وأليَقَ بالبقاءِ وأجملا |
وإِذا قضَى اللهُ القضاءَ فكنْ إلى | بغتاتهِ مستأنساً مسترسلا |
لا تألمنَّ بنافعٍ لك دهره | يعطى المرادَ ولا تجوّر أعدلا |
ما إنْ ترى فى العمر سوءًا بعدها | فاقبل من الدّهر المسىء تنصّلا |
كم ذا شققتَ إلى بلوغِ إرادة ٍ | قلبَ الخميس وخضت فيه القسطلا |
وقطعتَ في أَرَبٍ بهيماً مظلماً | وركبتَ في طَلَبٍ أغرَّ مُحَجَّلا |
للهِ دَرُّكَ في مكانٍ ضيِّقٍ | أرضَيتَ لمّا أنْ غضبتَ المُنْصُلا |
والذّابلُ العسّالُ يأبى كلّما | طعنَ الشَّواكلَ والكُلى أن يذبُلا |
والخيلُ يخبطن الجماجمَ كلّما | خبطتْ خيولُ النّاكلين الجَرْوَلا |
لا راعَنا فيك الزّمانُ ولا رأتْ | عينُ امرئٍ شعباً حللتَ معطّلا |
وَعَلتْ ديارَك كلُّ هَوْجاءِ الخُطا | تدع الكمى َّ معفّراً ومجدّلا |
وإذا تحلحلَ يذبلٌ عن جانبٍ | أرسَى به جُنِّبْتَ أنْ تتحَلْحَلا |
وبقيتَ فينا آمراً متحكِّماً | ومعظّماً بين الأنامِ مبجّلا |
وسقى الإلهُ ترابَ من كانتْ على | رغم الأنوف بنا الغمامَ المسبلا |