ألا هلْ أتاها كيف حزنيَ بعدها
مدة
قراءة القصيدة :
4 دقائق
.
ألا هلْ أتاها كيف حزنيَ بعدها | و أنّ دموعي لست أملك ردها ؟ |
تفيضُ على عينٍ مَرى الوجدُ ماءَها | ولم تستطعْ أنْ يغلِبَ الصَّبرُ وجدَها |
غزيرة ُ أنواءِ الجفونِ كأنَّها | تَناهتْ إلى بعضِ البِحار فمدَّها |
وقد كنتُ من قبلِ الفراقِ أهابُه | كما هابَ ظلمانُ الصريمة ِ أسدها |
و أشفقُ مما لا محالة َ واقعٌ | و هلْ للمنايا قادرٌ أن يردها ؟ |
كأنيَ لما أنْ سمعتُ نعيها | أناخَ على الأحشاءِ فارٍ فقَدَّها |
و لم أستطعْ في رزئها عطَّ مهجتي | و أجللتهُ عن أنْ أمزق بردها |
و مما شجاني أنني لم أجد لها | على خبرتي شبئاً يهون فقدها |
و أنيَ لما أن قضى اللهُ هلكها | على قلبيَ المحزونِ بُقِّيتُ بَعْدَها |
حَنى يومُها الغادي كهولَ عَشيرتي | على جَلَدٍفيهمْ وشيَّبَ مُرْدَها |
و حطّ الرجالَ الشمَّ من كلَّ شامخٍ | يلاقون بالأيدي من الأرض جلدها |
و قلص عنها العزّ ما فدحتْ به | فتحسبُ مولاها من الذلَّ عبدها |
فكم كبدٍ حرى تقطع حسرة ً | وكم عبرة ٍ قد أقرحَ الدَّمعُ خَدَّها |
حرامٌ - وقد غيبتِ - عنيَ أن أرى | منَ الخلقِ إلاَّ نظرة ً لن أودَّها |
و سيانِ عندي أنْ حبتني خربدة ٌ | بوصلٍ يرجى أو " حبتني " صدها |
وهيهاتَ أنْ أُلْفى أُرقِّحُ صَرْمَة ً | وأطلبَ من دارِ المعيشة ِ رَغْدَها |
ومن أينَ لي في غيرِها عِوَضٌ بها | وقد أحرزتْ سُبْلَ الفضائلِ وحدَها؟ |
أُسامُ التسلِّي وهْوَ عنِّي بمعزلٍ | وكيف تُسامُ النَّفْسُ ما ليسَ عندَها؟ |
وبينَ ضُلوعي يا عذولُ نوافذٌ | أبى العذلُ والتأنيبُ لي أنْ يسدها |
و ودي بأنَّ الله يومَ اخترامها | تخرَّمَ من جنبيَّ ما حازَ وُدَّها |
وإنِّيَ لمّا غالها الموتُ غالني | فبعدًا لنفسي إذْ قضَى اللهُ بُعدَها |
أفي كلَّ يومٍ أيها الدهرُ نكبة ٌ | تكدُّ حيازيمي فأحملُ كدَّها؟ |
بلغتُ أشُدِّي، لا بلغتُ وجزتُهُ | وأعجلتَها مِن أنْ تجوزَ أشُدَّها |
ففزتُ بأَسْنَى ما حَوَتْهُ رَواجِبي | و جاوزت في أمَّ المصيباتِ حدها |
فيا قلبُ لمْ أنتُ الجليدُ كأنما | تحادثك الأطماعُ أنْ تستردها ؟ |
و ما كنتُ أهوى أنك اليومَ صابرٌ | ويدعوك فتيانُ العشيرة ِ جَلْدَها |
أليس فراقاً لا تلاقيَ بعده | وغَيبة َ سَفْرٍ لا يُرجّون وفْدَها؟ |
أَلا فالبسِ الأحزانَ لِبسة َ قانعٍ | بأثوابه لا يبتغي أن يجدها |
وصمَّ عنِ المُغْرينَ بالصَّبرِ، إنَّهمْ | يُطَفّون نارًا ألْهبَ اللهُ وقْدَها |
و قبلكَ ما نال الزمانُ معلقاً | بأجبالِ رضوى " يرتعي ثمّ مردها " |
" تواعدَ " في شماءَ يرقبُ مزنة ً | تصوبُ عليه أعذبَ اللهُ وردها |
وتلقاهُ خُلْوًا لا يطالعُ رِيبة ً | و لا يتقي خطءَ الليالي وعمدها |
و داءُ الردى أفنى ظباءَ سويقة ٍ | وطَيَّرَ عن أجزاعِ تَدْمُرَ رُبْدَها |
و أفضى إلى حجبِ الملوكِ ولم يخفْ | " شباها " ولم يرقبْ هنالك حشدها |
يسير إليها كلَّ يومٍ وليلة ٍ | على مهلٍ منه فبيسبقُ شَدَّها |
وكم عُصبة ٍ باتتْ بظلِّ سَعادة ٍ | تخطفها " أو " أولج النحسَ سعدها |
وهدَّمها مَنْ كان شادَ بناءَها | و جردها من كان أحكمَ غمدها |
سلامٌ على أرضِ الطفوف ورحمة ٌ | مَرى اللهُ سُقياها وأضرمَ زَنْدَها |
ولا عَدِمتْ في كلِّ يومٍ وليلة ٍ | حفائرُها من جنَّة ِ اللهِ رِفْدَها |
فكمْ ثَمَّ من أشلاءِ قومٍ أعدَّها | ليعطيَها ما تَبْتَغي مَنْ أعدَّها |
و للهِ منها حفرة ٌ جئتُ طائعاً | فأودعتُ ديني ثمَّ دنيايَ لحدها |
و وليتُ عنها أنفضُ التربَ عن يدٍ | نفضتُ ترابَ القبرِ عنها وزَندَها |
و لم يسلني شيءٌ سوى أنّ جارتي | قضى الله بعدي أن تجاور جدها |
وإنِّيَ لمّا أنْ شققْتُ ضَريحَها | إزاءَ شهيدِ الله أنجزتُ وعْدَها |
وكيفَ تخافُ السَّوءَ يومَ حِسابِها | و قد جعلتْ من أجندِ اللهِ جندها ؟ |
وتمسِكُ في يومِ القيامة ِ منهمُ | بحُجْزَة ِ قومٍ لا يُبالونَ حدَّها |
يَقونَ الّذي والاهُمُ اليومَ حَرَّها | ويُعطونَه عَفْوًا كما شاءَ بَرْدَها |