تلكَ الدِّيارُ برامَتينِ هُمودُ
مدة
قراءة القصيدة :
5 دقائق
.
تلكَ الدِّيارُ برامَتينِ هُمودُ | دَرَسَتْ ولم تدْرُسْ لهنَّ عُهودُ |
حيث التوى ذاك اللوى ثمّ استوى | والتفَّ من شملِ الأراكِ بَديدُ |
أوَ ما رأيت وقوفنا بمحجرٍ | والدَّمعُ مِنْ جَفْني عليه يجودُ؟ |
مُتَرنِّحينَ منَ الغرامِ كأنَّنا | قُضُبٌ تميلُ معَ الصِّبا وتميدُ |
والرَّكبُ إمّا سادِرٌ مُتَهالكٌ | أو راكبٌ ثبجَ السلوِ جليدُ |
وعلى أهاضيبِ المُشقَّرِ غادة ٌ | للرِّيمِ منها طَرفُهُ والجيدُ |
صدتْ ولم تردِ الصدودَ وربما | جاءَ العناءُ ولم يُرِدْهُ مُريدُ |
ولقد طَرقتَ وما طَرَقْتَ صبابة ً | " عيني " ونحن إلى الرحالِ " هجود " |
في ظلِّ خُوصٍ كالقسيِّ طَلائح | أخَذَتْ عَوارِيَهُنَّ منها البِيدُ |
أني اهتديتَ وكيف زرتَ وبيننا | دون الزيارة ِ مربخٌ وزرودُ ؟ |
و مفاوزٌ منْ دونهنّ مفاوزُ | و تهائمٌ منْ فوقهنّ نجودُ |
" وغرائرٍ " أنكرنَ شيبَ ذوائبي | و البيضُ مني " عندهنّ " السودُ |
أنكرنَ داءً ليسَ فيهِ حِيلة ٌ | وذَمَمْنَ مَفْضًى ليس عنهُ مَحيدُ |
يهوى الشبابُ وإنْ تقادم عهدهُ | ويُمَلُّ هذا الشَّيبُ وهْوَ جديدُ |
لا تَبْعُدَنْ عهدَ الشَّبابِ، ومِنْ جوًى | أدعو له بالقربِ وهو بعيدُ |
أيّامَ أُرمَى باللحاظِ وأرتمي | و أصادُ في شركِ الهوى وأصيدُ |
قد قلتُ للركب السراعِ يحثهمْ | مُترنِّمٌ بحُدائه غِرِّيدُ |
في سَبْسَبٍ خافي المعالمِ والصُّوَى | فكأنَّما موجودُهُ مفقودُ: |
منْ مبلغٌ فخرَ الملوكِ رسالة ً | أعيَتْ عليَّ يقولُها المجهودُ؟ |
أتَرى لياليَّ اللواتي طِبنَ لي | في ظلِّكَ الوافي عليَّ تعودُ؟ |
ومتى أزورُ ربيعَ أرضِك زَوْرَة ً | و عليَّ من نسجِ الربيعِ " برودُ " |
ومتى أراكَ وأنتَ تُسجِلُ مُعلِناً | بفضيلتي بكَ والأنامُ شهودُ؟ |
و أنا الذي من بعد نأيكَ نازحٌ | عن كلَّ ما فيه الهوى مطرودُ |
أضحى أرى ما غيرهُ عندي الرضا | وأُريدُ كُرهاً ما سِواهُ أُريدُ |
للهِ حِلْمُك والرِّواقُ يُرى بهِ | " للسائلين من الوفود " وفودُ |
و القول يرزقهُ الشجاعُ " ويمترى " | منه ويُحرَمُ نُطقَه الرِّعديدُ |
في موقفٍ ينتابُ تامورَ الفتى | للرُّعبِ إقرارٌ بهِ وجُحودُ |
وعلى الأسرَّة ِ من ضيائك بارقٌ | أو كوكبٌ جَهَرالنُّجومَ فَريدُ |
وكأَنَّ وجهَك قُدَّ من شمسِ الضُّحَى | أو منْ سنا قمرِ الدجى " مقدودُ " |
لاذوا بمن ثَمَرُ المروءَة يانعٌ | منه وأمُّ المكرماتِ ولودُ |
والمنهلُ العِدُّ النَّميرُ، وحيثما | يدنى المذودُ ويمنحُ المحدودُ |
يا فخرَ مُلكِ بني بُويهِ ومَنْ له | ظلٌ على هذا الورى ممدودُ |
و المعتلي قمم " العلاءِ " بهمة ٍ | قامتْ وهمَّاتُ الرِّجالِ قُعودُ |
والمُنشىء َ الغُرِّ الغرائبِ في النَّدى | حتى تعلمَ منه كيف الجودُ |
هي دولة ٌ ما زلتَ ترأبُ شعبها | و تذبُّ عنها كالئاً وتذودُ |
تُنْمَى إذا انتسبتْ إليكَ ومالها | " إلاكَ آباءٌ " لها وجدودُ |
ورَدَدْتها بالأَمْسِ ثَلَّة َ قَفْرة ٍ | شطتْ فأحرزها علينا السيدُ |
أوقدتها بعد الخبوَّ فما لها | أبَدَ الزَّمانِ تطامُنٌ وخُمودُ |
منْ ذا الذي يرنو إليها طالباً | و لها ببابك عدة ٌ وعديدُ ؟ |
لولا دفاعُك ما استقرَّ بمَفْرَقَيْ | ذاك المتوجِ تاجهُ المعقودُ |
ولَزالَ هذا الملكُ بعدَ مماتِهِ | ولمالَ عنهُ دِعامُه المعمودُ |
كم ذا صَلِيتَ وقاية ً لنعيمهِ | يوماً يذوبُ بحَرِّهِ الجلمودُ |
في ظهر " مستلبِ الفتورِ " كأنه | هَيْقٌ بأجوازِ الفلاة ِ شَرُودُ |
وكأنَّه ينسابُ في خَلَلِ القَنا | يومَ الكريهة ِ أرقمٌ مزءودُ |
في " غلمة ٍ " سلكوا طريقك في الوغى | و البيضُ منهمْ ركعٌ وسجودُ |
مُتسرِّعين إلى القِراعِ كأنَّهمْ | و عليهمُ زبرُ الحديد حديدُ |
يردون منْ شاءوا بغير " منية ٍ " | فهمُ وإنْ غلبوا الأسودَ أسودُ |
لا يأخذون المالَ إلاّ بالقنا | تحمرّ منه " ترائبٌ " ووريدُ |
أو منْ ظبا لم تعرَ يومَ كريهة ٍ | إلاّ وهاماتُ " الكماة ِ " غمودُ |
لا تحقرنَّ من العدوَّ صغيرة ً | وارْدُدْ مكيدَة َ مَنْ تراهُ يكيدُ |
وإذا اسْتَرَبْتَ بمنْ خَبَرْتَ فلا تَنَمْ | فالداءُ يعدى والقليلُ يزيدُ |
إنّ الحسودَ هو العدوُّ وإنما | سَتَروا قبائحَهُ فقيلَ: حسودُ |
والضِّغنُ تَطْمُرُهُ الأناة ُ فتَعْتَزي | حزقاً إليه ضغائنٌ وحقودُ |
و العودُ إنْ طرحَ التقادمُ قادحاً | فيهِ ولم تَدْلكْهُ ظلَّ العودُ |
لولا الصَّلاحُ بأنْ يُعاقَبَ مجرمٌ | ما كان وَعدٌ مُطمِعٌ وَوَعيدُ |
ضمنتْ لك الأقدارُ كلّ " محبة ٍ " | وَأحَلَّكَ الرَّحمانُ حيثُ تريدُ |
وَ نعمتَ بالنيروزِ نعمة َ ناشدٍ | أضحى وَ حشوُ يمينهِ المنشودُ |
وَعَرتْكَ فيهِ جلالة ٌ وإدالة ٌ | وأتَتْكَ منه مَيامنٌ وسُعودُ |
حتى يقولَ المستزيدُ : لك العلا | ما فوقَ هذا في العَلاءِ مَزيدُ |