أرشيف الشعر العربي

قد كان يدرك عندكنّ السّولُ

قد كان يدرك عندكنّ السّولُ

مدة قراءة القصيدة : 4 دقائق .
قد كان يدرك عندكنّ السّولُ فالآنَ لا وَصْلٌ ولا تعليلُ
ليلى وأنتمْ نزّحٌ بمحجّرٍ ليلٌ كما شاءَ الغرامُ طويلُ
لم يبق منّى بعد يوم فراقكمْ إلاّ دموعٌ للفراقِ تسيلُ
نَمَّتْ على وَجْدي بكمْ لو أنَّها كتَمَتْهُ جامدة ً لَنَمَّ نُحولُ
ومللتُمُ مَن لا يملُّ هواكُمُ من غيرِ جرمٍ والمَلولُ مَلولُ
قالوا: السّلوُّ دواءُ دائك منهُمُ صَدقوا؛ ولكنْ ما إليه سبيلُ
رحنا وحشوُ قلوبنا كلفٌ بكمْ نلوى على ألوائنا فنميلُ
فكأنَّما عبثتْ بنا دَيْرِيَّة ٌ أو ساورتْ منّا العظامَ شمولُ
كم دون خيماتِ الحسانِ حشاشة ٌ تفنى ضياعاً أو دمٌ مطلولُ
وحياضهنَّ من الزّلالِ فواهقٌ لو كان ينقع عندهنَّ غليلُ
ودَعوْتِني عبثاً إلى خلعِ الهوَى أنَّى وقلبي بالهوى مكبولُ؟
لكِ يا ابنة َ البكرى ّ بين قلوبنا حكمٌ يُطاعُ ومنزلٌ مأهولُ
وملكتِ منَّا بالجمال جماجماً إنْ كنتِ منصفة ً فهنَّ غلولُ
لَمْ تحملي ثِقْلَ الهوَى فَحَقَرْتِهِ وخفيفُ أعباءِ الغرامِ ثقيلُ
وإذ رأينا منكِ طلعتَك التي هي رونقٌ أو جوهرٌ مصقولُ
خرس اللّحاة ُ على هواك وعرّجوا عنّا فأخيبُ من نراه عذولُ
وطرقننى وهناً بأجوازِ الرّبا وطروقهنّ على النّوى تخييلُ
فى ليلة ٍ وافى بها متمنّعٌ ودنَتْ بعيداتٌ وجادَ بخيلُ
يا ليت زائرنا بفاحمة الدّجى لم يأْتِ إلاّ والصَّباحُ رسولُ
فقليلُهُ وضَحَ الضُّحى مُستكثَرٌ وكثيرُهُ غَبَشَ الظّلامِ قليلُ
ما عابَهُ- وبه السرورُ- زوالُهُ فجميع ما سرّ القلوبَ يزولُ
أمَّا الشُّعوبُ كثيرة ٌ وَلَشِعْبُنا من هاشمٍ شِعْبٌ هناك جليلُ
الأُفقُ فيه معَ الشُّموس كواكبٌ والغابُ فيه مع الأسود شبولُ
والجانبُ الخَضِل النَّدى لم يُلْفَ عن جدواه ممنوعٌ ولا ممطولُ
وإذا الرّجالُ تفاخروا وتفاضلوا أرسَى بهمْ دونَ الورى التَّفضيلُ
من كلِّ وضّاحِ الجبين كأنّه عضبٌ جلاه الصّيقلون صقيلُ
وملوّمٍ فى المكرماتِ وطالما عُذِر الضَّنينُ بها ولِيمَ بَذولُ
وكأنّه فرداً إذا شهد الوغى ضَرباً وطَعناً معشرٌ وقبيلُ
ومعاشرٍ لولاهمُ ما بيننا ما كان تعظيمٌ ولا تبجيلُ
عنهمْ تلقّيتِ العظاتُ ومنهمُ فهمَ الهدى وتعلّمَ التّأويلُ
وبيوتهمْ مأوى الرّشادِ وبينهمْ سطرَ الكتابُ ونزّلَ التّنزيلُ
وتراهمُ صبحاً وكلَّ عشيّة ٍ يأْتيهمُ مِيكالُ أو جَبْريلُ
لو أنَّهمْ لم يَنْهجوا سُبُلُ التُّقَى ما بان تحريمٌ ولا تحليلُ
فهُمُ عن الأمرِ الدَّنيِّ جوامدٌ وهُمُ إلى الأمرِ العليِّ سُيولُ
بيتٌ أقام دعامه وقبابه إمّا إِمامٌ أو أخوهُ رسولُ
بيتٌ يُناجي اللهَ حَلاَّلٌ بهِ وعليهمُ الأملاكُ فيه نزولُ
ومساكنٌ ما غابَ عن أفواهِهمْ فيهنَّ تقديسٌ ولا تَهْليلُ
لهمُ منًى والموقفانٍ وزمزمٌ والبيتُ والتّطوافُ والتجويلُ
والحِجْرُ والحَجَرُ الذي لصَفاتِهِ أبَدَ الزَّمانِ الضَّمُّ والتّقبيلُ
للهِ ماجشموه عن أديانهمْ والدّارعون عن الطّعان نكولُ
طرحوا الأناة َ وطوَّحوا بحِذارهمْ وتيقّنوا أنّ الجبانَ ذليلُ
وتَراكبوا مثلَ الدَّبَى في غمرة ٍ ما إنْ بها إِلاّ قَناً ونُصولُ
والخيلُ ساطعة ُ العجاج كأنَّما لعجاجِها ضوءُ الصَّباحِ دليلُ
ليلٌ نجومُ سمائِهِ زُرْقُ القنا والشّمسُ فيه صارمٌ مسلولُ
ومُغامرٍ يَلِجُ القَتامَ وما لَهُ إلاّ حسامٌ في يديهِ دليلُ
ربح الحياة َ بطعنهِ وضرابهِ والهائبُ النَّخِبُ الجبانُ قتيلُ
خُذها فما لطلوعِها ـ مُبيضَّة ً ـ كطلوع أوضاحِ الصّباحِ أفولُ
وكأنّما أمنيّة ٌ بلغتْ بها كأنّها روضُ الثّرى المطلولُ
سيارة فى عرضِ كلّ تنوفة ٍ ولغُرُّ أبكارِ الكلام ذَميلُ
وإذا قرنتَ بها سواها برَّزتْ غررٌ لها لمّاعة ٌ وحجولُ
والشِّعْرُ منه ناصعٌ مُتَخَيَّرٌ حُسناً ومنه الكاسفُ المرذولُ
ومن القريض سعادة ٌ وشقاوة ٌ ومن القريض نباهة ٌ وخمولُ
وقليلُهُ حيثُ الصّوابُ وكُثرُهُ من قائليه وساوسٌ وخبولُ
والقارضون الشّعر إمّا مولجٌ أبوابُه أو مُبعَدٌ مَعْدولُ
ولكمْ لطلاّعِ الثّنايا نحوه مُتَزحزِحٌ عن طُرْقِهِ وذَليلُ
طلبوا وما وَصلوا وكم من طالبٍ أمراً وليس له إليه وصولُ
وإذا همُ لم يحسنوا فى قولهم أشعارهمْ ؛ أحسنتَ كيف أقول ؟!

اخترنا لك قصائد أخرى للشاعر (الشريف المرتضى) .

أيا ملكَ الأملاكِ قد جاءني الذي

ما بالُ حِقْفٍ بكثيبِ اللِّوى

لا تَسَتعِنْ أبداً بمنْ

إنَّ الَّتي حكتِ الضُّحَى

سألتُكِ رَبَّة َ الوجهِ النَّضيرِ


ساهم - قرآن ٣