أما تَرى الرُّزْءَ الذي أقبلا
مدة
قراءة القصيدة :
3 دقائق
.
أما تَرى الرُّزْءَ الذي أقبلا | حمَّلَ قلبي الحَزَنَ الأثقلا؟ |
بليتُ والسّالمُ رهنٌ على | قضيَّة ِ الدَّهر بأنْ يُبْتَلى |
مُجَرَّحاً لا حاملٌ جارحي | بكفّه رمحاً ولا منصلا |
يقرعُ مروى بأكفّ الرّدى | يردعنى من قبل أنْ ينزلا |
وإنْ تأمَّلتُ أوانَ الرَّدى | رأيتُ ليلاً دونه أليلا |
كأنَّني أعشى وإنْ لم أكنْ | أعشَى منَ الأمرِ الذي أَثْكلا |
يا بؤسَ للإنسان في عيشهِ | يسلُّ منه أوّلاً أوّلا |
يَنْأَى عنِ الأهل وما ملَّهمْ | ويُبدلُ الحيَّ وما استبدلا |
بين ترى فى ملإ داره | حتّى تراه فى صعيدِ الملا |
فقلْ لقومٍ زرعُهمْ قائمٌ: | زرعكمْ لابدَّ أنْ يختلى |
وقلْ لمن سُرَّ بتخويلهِ | خوّل منْ يأخذ منْ خوّلا |
وقلْ لماشٍ في عِراصِ الرَّدى | أنسيتَ من يستعثر الأرجلا |
أسْمَنَك الدَّهرُ فلم تخشَه | وإنَّما أسمنَ مَن أهزلا |
إنْ تلفهِ للمرءِ مستركباً | فهو الذى تلقاه مستنزلا |
أوْ صانَهُ عن بذلهِ مرَّة ً | فهو الذى يرجع مستبذلا |
فلا يغرَّنْك وميضٌ لهُ | ما لاح فى الآفاقِ حتّى انجلى |
ولا تصدّقْ مائناً دأبهُ | أن يكذبَ القولَ وأنْ يبطلا |
وكلّنا يكرع صرفَ الرّدى | إمّا طويلَ اللَّبْثِ أو مُعْجَلا |
فما الذي يُجْزِعُ من طارقٍ | إنْ لم يزرْ يوماً فما أمْهلا؟ |
نعى إلى قلبى َ شطراً له | منه حقِّه أنْ يلقمَ الجندلا |
فقلتُ ما أحسنتَ بلْ يا فتى | ما أحسنَ الدَّهرُ ولا أجملا |
يا دهرُ كم تنقل ما بيننا | مَن ليس نَهوى فيه أن ينقلا؟ |
تأخذُ مِنّا واحداً واحداً | بل تأخذ الأمثلَ فالأمثلا |
أفنيتَ بالأمسِ شقيقاً له | فانظرْ إلى حَظِّك ما أجزلا |
قعدتَ تستهلكُ ما حُزتَه | صبراً فصبرٌ غاية ُ المبتلى |
قالوا تسلَّ اليومَ عن فائتٍ | فقلتُ : بعداً لفؤادٍ سلا |
لا تعذلوا المعولَ حزناً له | فخيرُكم مَن ساعدَ المُعْوِلا |
أيُّ فتى ً فارقنا غَنْوَة ً | رُحِّلَ عنّا قبلَ أن نَرحلا |
لا الجِدُّ مملوكٌ لديه ولا | يخاف فى الخلوة ِ أنْ يهزلا |
وذو عفافٍ كلّما سامه | ذو الغشِّ منه مرَّة ً قال: لا |
لا تألفُ الرّيبة ُ أبوابه | |
يا غائباً عنّى ولولا الرّدى | ما غاب عنّى الزّمنَ الأطولا |
سَرْبَلَني ما لابديلٌ له | وربَّما استبدل مَن سَربلا |
لا أخطأتْ قبرَك هطّالة ٌ | ولا عداك المُزْنُ إنْ أسبلا |
وجانبٌ أنتَ به ساكنٌ | لا عدمَ القطرَ ولا أَمْحلا |
ولا يزلْ والجدبُ فى غيره | مروّضاً حوذانه " مبقلا " |
وامضِ إلى حيث مضى معشرٌ | كانتْ لهم فى الدّرجاتِ العلا |
وصرْ لما صاروا فأنت الذى | أعددتهمْ فى حذرٍ موئلا |
فهمْ شفيعٌ لك إنْ زلَّة ٌ | كانتْ وإنْ بعضُ عثارٍ خلا |
وجنّة ُ الخلدِ لهمْ إذنها | وموقداتُ النّارِ لا للصّلا |
وحبّهمْ والفوزُ فى حبّهمْ | أخرجَ مَن أخرجَ أو أدخلا |