يا صاحِ ليس لسرٍّ منك كتمانُ
مدة
قراءة القصيدة :
4 دقائق
.
يا صاحِ ليس لسرٍّ منك كتمانُ | فى "الودِّ والودُّ" لا يدرى له شان |
وللغرام ـ وإنْ بِتْنا نكتِّمُهُ | عن أعينِ النّاس ـ آياتٌ وعُنوانُ |
وقد تبيَّنَ ما بي الرّكْبُ حينَ بَدَتْ | لنا مَن الشِّعْبِ أقمارٌ وأغصانُ |
حلوّا القلوبَ وما كانتْ لهم وطناً | إنَّ القلوبَ لِما تهواهُ أوطانُ |
إنَّ الذين على وَدّانَ دارُهُمُ | فيهمْ ضنينٌ بما نهواه خوّانُ |
إذا سألناه منّانا وما طلنا | وراح وهوَ بأنْ منّاك منّانُ |
وإنْ شكوتُ إليه الحبّ أعطفهُ | إلى المحبّة ِ ولّى وهو غضبانُ |
بَدْرٌ حُرِمنَا المُنَى منه ويُرْزَقُها | وإنما الحبُّ أرزاقٌ وحِرْمانُ |
كأنهمْ بعد ما بانوا وحبّهمُ | مخيِّمٌ في سوادِ القلبِ ما بانوا |
هلْ أنتَ يا قلبُ صاحٍ عن لقائهمُ | أمْ فيك يا قلبُ إنْ سُلِّيتَ سُلْوانُ؟ |
فالحبُّ عندهمُ بغضٌ ومقلية ٌ | والصّدقُ بينهمُ زورٌ وبهتانُ |
يقادُ نَحْوَكمُ قلبي ويجْذُبني | إليكمُ معَ بعدِ الدّارِ أشطانُ |
وما البليَّة ُ إلا أنَّني كَلِفٌ | بفارغٍ وفؤادي منهُ مَلآنُ |
نبكى ومن قبلُ ما كنّا يروّعنا | داعى الفراقِ ولا تجرى لنا شانُ |
كأنَّ أعْيُنَنا تجري لبَيْنِهمُ | دَوْحٌ يُزِعْزِعُهُ في الطَّلِّ شَفّانُ |
يا قاتلَ اللهُ من بالرّملِ ودّعنا | فهنّ للقلبِ أشجاءٌ وأشجانُ |
لمّا بسمنَ لنا أبدين عن شنبٍ | مُمَنَّعٍ ليس يُروى منه ظمآنُ |
كالبَدْرِ إذْ شَفَّ عن أنوارِه سَدَفٌ | والدرّ أبرزهُ للعين أكنانُ |
ماذا على زائري ليلاً على سِنَة ٍ | لو زار صبحاً وطرفُ العينِ يقظانُ ! |
زيارة ُ الطَّيفِ ضَرْبٌ من قطيعتِهِ | ووصلُ مَن لا تراهُ العينُ هِجْرانُ |
وليس ينفعنى والبعدُ أعلمهُ | قربٌ أتانى به ظنٌّ وحسبانُ |
يا راكبَ العِرْمسِ الوجناءَ في غَلَسٍ | تَنْجابُ عن مَرِّهَا مَرْوٌ وصَوّانُ |
قلْ للذي حلَّ أرْجاناً فشرَّفَها | إِنَّ المُنى والغِنَى في الأرضِ أرْجانُ |
حيثُ الثرى خضلُ الأكناف ترفع فى | يفاعهِ لقرى الأضياف نيرانُ |
نارٌ يهانُ ذكى ُّ المندلى بها | ويوقدُ العنبُ الهندى ُّ والبانُ |
للهِ درّك من قاضٍ لنا عدة ً | ألوى بها من لئيمِ القومِ ليانُ |
معجّلِ الخيلِ والهيجاءُ ضاحية ٌ | عن أنْ تُناطَ بها لُجْمٌ وأرسانُ |
من كلِّ هوجاءَ كالسِّرْحان عادية ٍ | كأنَّما مسَّها في الرَّوْعِ شيطانُ |
واليومَ ترجفُ بالأبطالِ ساحتهُ | كأنَّه ثَمِلُ الأوصال نشْوانُ |
أنتَ الذي إنْ رآهُ الخلقُ من أَمَمٍ | فللثّرى أنفٌ منهمْ وأذقانُ |
لغيرك الجهرُ منهمْ دونَ سِرِّهمُ | ويستوي فيك إسرارٌ وإعلانُ |
ما أذعنوا لك حتّى كنتَ فذّهمُ | وللفضائلِ إنكارٌ وإِذْعانُ |
قد جرَّبوك خلالَ الأمرِ يَحْفِزُهُمْ | فما هفوتَ وأرسى منك ثهلانُ |
وعاينوا منك إِقداماً على خَطَرٍ | إنّ الملوك على الأهوال شجعانُ |
كم نلتُ منك الرّضا عفواً بلا تعبٍ | وكم أتانى َ من جدواك إحسانُ |
كرَّمْتني فملكتَ الرِّقَ من عُنُقي | إنّ الكراماتِ للأحرار أثمانُ |
بنى بويهٍ أدام اللهُ ملككمُ | ولا يزلْ فيكمُ عزٌّ وسلطانُ |
ولا خلا وَطَنٌ منكمْ ولاعَطَنٌ | فإنّ أعطانكمْ للجودِ أعطانُ |
لم يَأْلَفِ الملكُ إلاّ في بيوتِكمُ | حَلَلْتُمُ دارَه والنّاسُ جِيرانُ |
فللتّرائبِ منكمْ كلّما "نضرتْ" | وللمفارقِ أطواقٌ وتيجانُ |
إنْ جلَّ خَطْبٌ فأنتمْ منه لي وَزَرٌ | أوْ آدَ صَعْبٌ فأنتمْ فيه أعوانُ |
وإنْ لقيتُ العِدا يومَ الكفاحِ فلي | من دونِهمْ أذْرُعٌ منكمْ وأيْمانُ |
ومعشرٍ جحدوا نعماكَ عندهمُ | وغرَّهمْ منك للزّلاَّت غُفرانُ |
أغضيتَ عنهمْ فما ارتابوا وما فطِنوا | إنَّ التغاضِيَ إِمْلاءٌ وإِهوانُ |
حتّى رأوك مغذّاً فى ململمة ٍ | كاللّيلِ في طيِّها خيلٌ وفُرسانُ |
فأجفلوا كشرارِ الزّندِ تخطفهمْ | خطفَ الأجادلِ أسيافٌ وخرصانُ |
فراكبٌ رأسَ جذعٍ ليس يبرحهُ | وهاربٌ دونه أُكْمٌ وقيعانُ |
أضحوا وقد لزّهمْ منك العنيفُ بهمْ | كخروعٍ لزّهُ نبعٌ وشريانُ |
وقد درَى كلُّ ذي لُبٍّ بأنَّهمُ | عزّوا وعمّا قليلٍ بالرّدى هانوا |
وطاحَ ما لَفَّقُوهُ من أباطِلِهمْ | إِزاءَ حقِّك إنَّ الحقَّ عُرْيانُ |
والمِهْرَجانُ زمان بالسّعودِ وبالنْـ | نُجْحِ القريب إليك الدَّهرَ عَجلانُ |
مضى الهجيرُ به عنّا لطيّتهِ | فالطّلُّ مستبردٌ والجوُّ ريّانُ |
فانعمْ به وخذِ اللذّاتِ من يده | فإنّما هو للّذّاتِ إِبّانُ |
ودمْ لنا لنعيمٍ مالغايته | وقتٌ ولا لمزيدٍ منه نقصانُ |