لي منزلٌ ولمنْ سلاكُمْ منزلُ
مدة
قراءة القصيدة :
5 دقائق
.
لي منزلٌ ولمنْ سلاكُمْ منزلُ | فدعوا العذولَ على هواكمْ يعذلُ |
وإِذا مررتُ بغيرِ ما أسطيعُهُ | فمن الضَّرورة ِ أنَّني لا أَقبَلُ |
بأبى وأمّى راحلٌ طوعَ النّوى | ويُوَدُّ قلبي أنَّه لا يَرحَلُ |
ولقد حملتُ غداة َ زمّتْ للنّوى | أحمالكمْ فى الحبِّ ما لا يحملُ |
وعجبتمُ أنّى بقيتُ وقد مضى | بالعيشِ من كفِّي الخَليطُ المُعْجَلُ |
ليس اصطباراً ما ترون وإنّما | هو للّحاة ِ تصبّرٌوتجمّلُ |
فدعوا القرونَ بزفرة ٍ لم تستمعْ | بعد الفراقِ ودمعة ٍ لا تهطلُ |
فالنّارُ يخمدُ ظاهراً لك ضوؤها | ووراء ذاك لهيبُ جمرٍ مشعلُ |
مَن لي بقلبِ الفارغين منَ الهوى | لا مهجة ٌ تضنى ولا تتقلقلُ |
من شاء فارقنى فلا طللٌ له | يبكى ولا عنه رباعٌ تسألُ |
وإذا الرّجالُ تعزّزوا ومشتْ إلى | مهجاتِهمْ رُسُلُ الغرامِ تذلَّلوا |
وأُساة ُ أدواءِ الشِّكاية ِ كُلُّهمْ | يدرون أنَّ الحبَّ داءٌ مُعضِلُ |
من مبلغٌ ملكَ الملوكِ بأنّنى | بلسانِ طاعته أعلُّ وأنهلُ |
قد كنتُ أمطل منْ بغى منّى الهوى | حتّى دعاني منك مَن لا يَمطُلُ |
فبلغتُ عندك رتبة ً لا تُرتَقَى | ونزلتُ منك مكانة ُ لا تنزلُ |
وعلمتُ حين وزنتُ فضلك أنّه | من كلّ فضلٍ للأماجدِ أفضلُ |
لله درُّ بني بُوَيْهٍ إنَّهمْ | أعطوا وقد قلّ العطاءُ وأجزلوا |
ولهمْ بأسماكِ المجرّة ِ منزلٌ | ما حلّهُ إلاّ السّماكُ الأعزلُ |
المطعمين إذا السّنونُ تكالحتْ | واغبرَّ في النّاسِ الزّمانُ المُمحِلُ |
والمبصرين مكانَ حزِّ شفارِهمْ | فى الرّوع إذ أعشى العيونَ القسطلُ |
والدّاخلين على الأسنّة ِ حسّراً | إنْ قلَّ إدخالٌ وعزَّ المدخَلُ |
فهمُ الجبالُ رزانة ً فإذا دعوا | لعظيمة ٍ خفّوا لها واستعجلوا |
وهُمُ الرؤوس وكلُّ مَن يَعدوهمُ | فى المعتلين أخامصٌ أو أرجلُ |
لهُمُ القُطوبُ تَوَفُّراً فإذا هُمُ | همّوا بأنْ يعطوا النّوالَ تهللّوا |
وإذا المحاذرُ بالرّجالِ تولّعتْ | فهمُ من الحذرِ الملمِّ المعقلُ |
إنْ خوّلوا من غير أن يعنوا بما | قد خوّلوا فكأنّهمْ ماخوّلوا |
وإذا التفتّ إلى عراصهمُ الّتى | عزّ الذّليلُ بها وأثرى المرملُ |
لم تلقَ إلاّ معشراً روَّاهُمُ | غبَّ العطاشِ تفضّلٌ وتطوّلُ |
كم موقفٍ حَرِجٍ فرجتَ مضيقَه | والرّافدان لك القنا والأنصلُ |
في حيثُ لا تُنجي الجيادُ وإنَّما | تُنجيك بِيضٌ للقراعِ تُسَلَّلُ |
وشهودُ بأسِك أسمرٌ متدقِّقٌ | أو أبيضٌ ماضي الغِرار مُفَلَّلُ |
أعطيتَ حتَّى قيل إنَّك مُسرِفٌ | وحلُمتَ حتّى قيلَ إنّك مُهمِلُ |
وجددتَ في كلِّ الأمورِ فلم يكن | من قبلُ إلاّ مَن تَجِدُّ ويهزِلُ |
ومشيتَ فى الخطط الصّعائب رافلاً | ومن الذى لولاك فيها يرفلُ ؟ |
وأريتَنا لمّا رَميتَ فلم تَطِشْ | عن مقتلٍ أنَّى يُصابُ المَقتلُ |
والملكُ مذ دافعتَ عن أرجائهِ | مَطْوَى الأساود أو غرينٌ مُشْبِلُ |
قلْ للّذينَ تحكَّموا جهلاً بهِ | ولطالما قتلَ الفتى ما يجهلُ |
خلّوا التعرُّضَ للَّذي لا يُتَّقَى | فلربَّما عجلَ الذي لا يعجلُ |
والسّمُّ مكروعاً وإنْ طال المدا | بمطالهِ يردى الرّجالَ ويقتلُ |
وأنا الذى جرّبته ولطالما | نخلَ الرِّجالَ تدبُّرٌ وتأمُّلُ |
ثاوٍ بدارٍ أنت فيها لم أردْ | عوضاً بها أبداً ولا أستبدلُ |
وعجمتَ حين عجمتَ منِّي صَعْدَة ً | تنبو إذا ضمّتْ عليها الأنملُ |
وعلمتَ أنّى خير ما ادّخرتْ يدٌ | وأَوى إليه لَدى الحِذارِ مُعَوِّلُ |
وعصائبٍ أعييتهمْ بمناقبى | إنْ يَصْدقوا في عَضْهَتي فتقوَّلوا |
قالوا، وكم من قولة ٍ مطرودة ٍ | عن جانبِ الأسماع لا تتقبّلُ |
هيهاتَ أينَ منَ الصُّقورِ أباغثٌ | يوماً وأين من الأعالى الأسفلُ ؟ |
وتضاحكوا ولوَ انَّهمْ علموا بما | تجنى جهالتهمْ عليهمْ أعولوا |
وإذا عريتَ عن العيوب فدع لها | من شاء فى أثوابها يتسربلُ |
وكن الذى فاتَ الخداعَ فكلّ منْ | تبع الطّماعة َ فى الخديعة يبهلُ |
وأعُدُّ إثرائي وجاري مُعسِرٌ | دَنَساً على أُكرومتي لا يُغسلُ |
وقنعتُ من خلّى بعفوِ ودادهِ | لا بالّذي يجفو عليهِ ويثقلُ |
وإذا بدا منه التودُّدُ فليكنْ | في صدرهِ يَغلي عليَّ المِرْجَلُ |
قولوا لمن وردَ الأُجاجَ تعسُّفاً | لي فوقَ ما أَهوي الرَّحيقُ السَّلْسَلُ |
عندى المرادُ وأنت فيما تجتوى | دونى وفى ربعى المرادُ المبقلُ |
وظفرتُ بالبحر الخضمِّ وإنّما | أغناك لا يرويك منه الجدْوَلُ |
ولك الجدائدُ فى حلابك طالباً | دونى وفى كفّى الضّروعُ الحفّلُ |
فاسعدْ بهذا العيدِ وابقَ لمثلهِ | يمضى الورى ولك البقاءُ الأطولُ |
في ظلِّ مَملكة ٍ تزولُ جبالنا الْـ | شُم العوالي وهْيَ لا تتزلزلُ |
واسمعْ كلاماً من مديحك شارداً | طارتْ به عنّى الصّبا والشّمألُ |
صعبَ المطا ممّتْ يريد ركوبه | لكنّه عودٌ لدى َّ مذلّلُ |
هوَ كالزُّلالِ عذوبة ً وسَلاسة ٌ | وَإِذا شددتَ قواهُ فهْوَ الجَندلُ |
صبحٌ وفي أبصارِ قوم ظلمة ٌ | أرى ٌ وفى حنكِ العدوِّ الحنظلُ |
لو عاش نافسنى به " مزنيّهمْ " | أوْ لا فيحسدنى عليه " جرولُ " |