ألا يا ابنة َ الحيَّينِ مالي ومالَكِ
مدة
قراءة القصيدة :
3 دقائق
.
ألا يا ابنة َ الحيَّينِ مالي ومالَكِ | وماذا الذى ينتابنى من خيالكِ ؟ |
هجرتِ وأنتِ الهمُّ إذ نحنُ جِيرة ٌ | وزرتِ وشحطٌ دارنا من دياركِ |
فما نلتقي إلاّ على نَشوة ِ الكرَى | بكلّ خدارى ٍّ من اللّيل حالكِ |
يفرّق فيما بيننا وضحُ الضّحى | وتجمعنا زهرُ النّجومِ الشّوابكِ |
وما كان هذا البذلُ منك سجيَّة ً | ولا الوصلُ يوماً خَلَّة ً من خِلالِكِ |
فكيفَ التقينا والمسافة ُ بيننا | وكيف خطرنا من بعيدٍ ببالكِ ؟ |
وقد كنتِ لمّا أوسعونا وشاية ً | بنا وبكمْ آيستنا من وصالكِ |
فلم يبقَ فى أيماننا بعد ما وهتْ | عقودُ التَّصابي رُمَّة ٌ من حبالِكِ |
وليلة بتنا دون رملة ِ مربخٍ | خطوتِ إلينا عانكاً بعد عانِكِ |
وما كان مَن يستوطنُ الرَّملَ طامعاً | وأنتِ على وادى " القرى " فى مزاركِ |
ولمّا امتطيتِ الرّملَ كنتِ حقيقة ً | بغير الهدى لولا ضياءُ جمالكِ |
تزورين شُعثاً ماطَلُوا اللّيلَ كلَّه | على أعوجيَّاتٍ طِوالِ الحوارِكِ |
إذا خِفْنَ في تِيهٍ من الأرضِ ضَلَّة ً | ولا ضوءَ أوْقَدْنَ الحصَى بالسَّنابِكِ |
سلامٌ على الوادي الذي بانَ أهلُهُ | ضُحيّاً على أُدْمِ المطيِّ الرَّواتِكِ |
وفيهنّ ملآنٌ من الحسنِ مفعمٌ | يفئُ بعزمِ النّاسك المتماسكِ |
يتاركنى وصلاً وبذلاً ونائلاً | وموضعهُ فى القلب ليس بتاركى |
إذا افْتَرَّ يوماً أو تبسَّمَ مُغرباً | فعن لؤلؤٍ عذبٍ نقى ّ المضاحكِ |
أبى الرّشفَ حتّى ليس يثنى بطيبه | بُعَيْدَ الكَرى إلاّ فروعَ المساوِكِ |
ولمّا تنادوا غفلة ً برحيلهمْ | فما شئتَ بين الحى ّ من متهالكِ |
ومن معقولٍ يشكو الفراقَ وواجمٍ | ومِن آخذٍ ما يبتغيهِ وتاركِ |
مَضَوا بعد ما شاقوا القلوبَ ووكَّلوا | بأعيننا فيضَ الدّموع السّوافكِ |
عشيّة َ لاثوا الرّبطَ فوق حدوجهمْ | على مثلِ غزلان الصّريمِ الأواركِ |
يحدّثنَ عن شرخ الصّبا كلَّ من رأى | تماماً لهنَّ بالثّدِيِّ الفَوالِكِ |
ألا إنَّ قوماً أخرجوكُنَّ قد بَغَوا | وسَدُّوا إلى طُرْقِ الجميلِ مَسالكي |
هُمُ منحونا بِشْرَهمْ ثمَّ أَسْرجوا | قلوباً لهمْ مملوءة ً بالحسائكِ |
تَرى السِّلْمَ منهمْ بادياً في وجوههمْ | وبينَ ضلوعِ القومِ كلُّ المعاركِ |
وما نَقَموا إلاّ التّصامُمَ عنهمْ | وصَفحي لهمْ عن آفكٍ بعد آفكِ |
وإنّى َ ألقى القولَ بالسّوءِ منهمُ | بمَدْرَجِ أنفاسِ الرِّياحِ السَّواهكِ |
وأسترُ منهمْ جانبَ الذَّمِّ مُبْقياً | على خارقٍ منهمْ لذاك " وهاتكِ " |
إذا كنتُمُ آتاكُم اللهُ رُشْدَكمْ | تودّون ودّاً أنّنى فى الهوالكِ |
فمنْ ذاكُمُ أعددتُمُ لذمارِكمْ | إذا قمتمُ فى المأزقِ المتلاحكِ ؟ |
ومَن ذا يُنيلُ الثّأرَ عفواً أكفَّكمْ | وتظفركمْ أيّامه " بالممالكِ " ؟ |
ومن قوله يومَ الخصومة ِ فيكمُ | يبرِّحُ بالخصمِ الألدِّ المماحِكِ |
ومَن دافَعَ الأيّامَ عن مُهَجاتِكمْ | وهنَّ أخيذاتُ لأيدى المهالكِ ؟ |
رأيتكمُ لا ترشحون لجاركمْ | من الخير إلاّ بالضّعافِ الرّكائكِ |
يبيتُ خميصاً فى القضيض وأنتمُ | كظيظون جثّامون فوق الأرائكِ |
تَنوبكُمُ أو شِلْوُهُ للمناهكِ | |
وإنْ الذى يمريكمُ لعطائهِ | لمستمطرٌ رفدَ الأكفّ المسائكِ |
ألا هلْ أرى فى أرضِ بابلَ أدرعاً | تصول بأسيافٍ رقاقٍ بواتكِ ؟ |
وهلْ أردنْ ماءَ الفراتِ قبيلة ً | بلا ظمأٍ مشلولة ً بالنّيازكِ ؟ |
يعُجُّ القنا بالطَّعنِ في ثُغَراتها | عجيجَ المطايا جُنَّحاً للمباركِ |
وهلْ أَنافي فجٍّ من الأَرض خائفٌ | أذودُ بأطراف القنا للصّعالكِ ؟ |
فمن لي على كسب المحامِدِ والعُلا | ورغمِ الأعادي بالصَّديق المشاركِ |