لو كنتُ أملكُ للأقدار واقية ً
مدة
قراءة القصيدة :
3 دقائق
.
لو كنتُ أملكُ للأقدار واقية ً | دفعتُ عنك أبا الخطّابِ ما طرقا |
إنّ الزّمانَ ولا عدوى على زمنٍ | سقانى َ المرَّ من فقديك حين سقى |
كم ذا كسيتَ غُصوناً وهْيَ ذاوية ٌ | الماءَ من جاهك المبسوط والورقا |
وكم أجرتَ بلا منٍّ ولا كدرٍ | مستمسكاً بك فى خوفٍ ومتعلقا |
قد نال قومٌ وحَلُّوا كلَّ عالية ٍ | ومثلَ ما نلتَه في النّاسِ ما اتَّفقا |
وما ذخرتَ سِوى حَمْدٍ ومَكرُمة ٍ | وإنَّما يذخرون العينَ والوَرَقا |
حكمتَ فى الدّهرِ لا رزقاً أصبتَ به | والأمرُ بعدكَ في الدنيا لمن رُزقا |
فلم تعرّجْ على لهوٍ ولا لعبٍ | ولا بعثتَ إلى حاجاتك الملقا |
سستَ الملوكَ وودّ القومُ أنّهمُ | ساسُوا وما بلغوا تلك المُنى السُّوَقَا |
وإنما كنتَ بابا للملوك ومذْ | ذقتَ الرّدى سدّ ذاك الباب وانغلقا |
وما تركت من الدنيا وزينتها | من بعد فقدك إلا رثها الخاقا |
وحالكٍ شَحِبِ القُطرينِ مُلتبِسٍ | أطلعتَ فيه برأى ٍ واضحٍ فلقا |
وموقفٍ حرجِ الأرجاءِ قمتَ به | والبيضُ تنثرها ما بينها فلقا |
طَعنتَ بالرَّأي فيه والقنا قَصِدٌ | والطّعنُ يفتقُ بالأجساد ما ارتتقا |
فقد رأوا منك ماذا كنتَ تعمله | في ضالعٍ شذَّ أو في مارقٍ مَرَقا |
ناموا عنِ الملكِ إهمالاً لنصرتِهِ | وأنتَ تكرعُ فيهِ وحدكَ الأَرَقا |
صدقتَ في نَصرهِ حتَّى أقمتَ له | دعامه والفتى فى الأمر من صدقا |
يا حلفَ قصرٍ مشيدٍ فوق نمرقة ٍ | على الأريكة ِ قد أصبحتَ حِلْفَ نَقا |
ويا مُبيناً على الأطواد من عِظَمٍ | كيفَ ارتضيتَ بوَهدٍ هَبْطَة ٍ نَفَقا |
راموا لِحاقك في علياءَ شاهقة ً | وهل ترى لمحلّ النّجمِ من لحقا ؟ |
وثقتُ فيك بما لم أخشَ نبوته | وطالما عادَ بالإِخفاقِ مَن وثقا |
وطالما كنتَ لي في كلِّ مُعضلة ٍ | حصناً حصيناً وماءً بارداً غدقا |
فأَيُّ عينٍ عليك الدَّمعَ ما قَطرتْ | وأى ُّ قلبٍ بنار الهمِّ ما احترقا ؟ |
ولو نظرتَ إلينا بعد فُرقتنا | رأيتَ منّا الذى رتّقتَ منفتقا |
أعززْ على َّ بأن تضحى على شحطٍ | منّا ورهنك فى كفِّ الرّدى غلقا |
وأنْ يراك فريداً وسْطَ مُقفرة ٍ | مَن لو خطرتَ له لاقَى الرَّدى فَرَقا |
إنْ تمسِ مرتفقاً بالتّربِ جندلة ً | وطالما كنت بالعيوق مرتفقا |
وإنْ لمستَ الثّرى ميتاً فما رضيتْ | منك التّرائبُ ديباجاً ولا سرقا |
وإنْ سكنتَ مُصيخاً للرَّدى فبما | أصبحتَ من قبل أعلا ناطق نطقا |
وإنْ أقمتَ مُقاماً واحداً فبما | شَنَنْتَ نحوَ المعالي النَّصَّ والعَنَقا |
وإنْ مضيتَ فماضٍ خلّفتْ يده | فينا الجميلَ الذى لم يمضِ وانطلقا |
فما لنا صحّة ٌ من بعد مصرعه | ولا دواءٌ لشاكٍ يمسِكُ الرَّمَقا |
ولم يكنْ غيرَ نجمٍ غابَ من أفقٍ | وغيرَ سَجْلٍ جلالٍ للورى دَفَقا |
وقد مضَى مالكُ الرِّبْقاتِ قاطبة ً | فانسوا بمصرعه من يملك الرّبقا |
فلا لقيتَ من الضّراءِ لاقية ً | ولا سقاك " البلى " طرقاً ولا رنقا |
اذهبْ فزادَك إنعامٌ ملكتَ به | رقَّ الرّجال وقد زوّدتنى حرقا |
ولا يزلْ جدثٌ أسكنتَ ساحته | ملآن ريانَ من وَكفِ الحيا عبقا |
وإنْ مررتُ على قبرٍ حللتَ به | لَوَيتُ بعدَ اجتيازي نحوك العُنُقا |