ألا يا لَقومي لاعْتنانِ النَّوائبِ
مدة
قراءة القصيدة :
3 دقائق
.
ألا يا لَقومي لاعْتنانِ النَّوائبِ | وللغُصنِ يُرمى كلَّ يومٍ بشاذِبِ |
ولَلنّاسُ إمَّا ظاعنٌ حانَ يومُهُ | وإمَّا مقيمٌ لاجْتراعِ المصائبِ |
وزَوْرُ المنايا إنْ حَميناهُ جانبًا | أتانا كأنْ لمْ يُحْمَ من كلّ جانبِ |
يَعُطُّ علينا كلَّ سَرْدٍ مضاعفٍ | ويَخطو إلينا كلَّ بابٍ وحاجِبِ |
وكم هاربٍ منْ أنْ يلاقِيَهُ الرّدى | مُغِذِّ، ولكنْ لا نَجاءَ لهاربِ |
نُقِلُّ اعتبارًا في الزَّمانِ تَغابيًا | وأبصارنا مملوءَة ٌ بالعجائِبِ |
ونَصبو إلى وِرْدِ الحياة ِ، وصرفُها | يذودُ بنا عنها "ذيادَ" الغرائبِ |
بُلينا من الدّنيا بِخِلْفٍ مُجَدَّدٍ | وإنْ درّ أحياناً بأيدي الحوالبِ |
ونَظْما إلى ما لا يزالُ يُذيقُنا | لُعابَ الأفاعي أو شِيالَ العقاربِ |
وخلٍ تولّى الموتُ عني بشخصِهِ | تَوَلِّيَ مُمتدِّ النَّوى غيرِ آيبِ |
كأنّي لمّا صكّ سمعي نَعِيُّهُ | صُكِكْتُ بمسنونِ الغِرارينِ قاضِبِ |
وفارقني مِن غيرِ شيءٍ أَرابَه | وصدُّ "المقاصي" غيرُ صدِّ المعاتبِ |
طَواهُ الرَّدى طيَّ الرِّداءِ وعُطِّلتْ | مغاني الحِجا منه وغُرُّ المناقبِ |
خليليَّ قُوما فانْدُبا مَنْ بقربهِ | لَهَوْتُ زماناً عن سماعِ النوادبِ |
ويا لَهْفَتي منهُ على ذي مَوَدَّة ٍ | بريءِ الأديمِ من قروفِ المعايبِ |
نسيبيَ بالوِدّ الصحيحِ وأقْربي | وصاحبيَ الأذى إذا ازوَرَّ صاحبي |
ومنْ كنتُ لا "أفضي" له بخليقة ٍ | ولا أشتكي منه اعْوجاجَ المذاهبِ |
ولمّا بَلَوْتُ الأصدقاءَ ووُدَّهُمْ | خلَصْتُ إليه من خلالِ التَّجاربِ |
فأعْلَقْتُ قلبي منه مِلْءَ جَوانِحي | وأغلقتُ كفِّي منه مِلءَ رواجبي |
شققنا له في الترابِ بيتا كأنما | شققناهُ منْ وجدٍ به في الترابِ |
وهِلْنا عليهِ من جوانبِ قبرِه | ثرى ً طابَ لمّا مسَّ طيبَ الضّرائبِ |
أيا ذاهبًا بُقِّيتُ للحزنِ بعدَه | ألا إننّي حزناً عليكَ كذاهبِ |
تُوُفّيتَ دوني غير أنّك هالكاً | توفيتَ آمالي وغُلْتَ مطالبي |
فأصبحتُ فرْدَ الشّخص لولا تلّفٌ | يزورُ بسارٍ من همومٍ وسارِبِ |
ولَوْ أنَّ غيرَ الدّهرِ رابَكَ بالرَّدى | عَجلنا إليه بالقنا والقواضبِ |
ودافع عنك الضّيمَ حتى "يزيغه" | رِجالٌ من لوى ّ بن غالبِ |
إذا ما دُعوا طاروا إالى حومة ِ الوغى | على كلّ "معروقَ الجناجِنِ" شازِبِ |
جريئون ركّابون إمّا تنمّروا | رِقابَ المنايا أو ظهورَ المعاطِبِ |
وكم لهُمُ في بابِ كلّ عظيمة ٍ | قراعُ أكفٍّ أو زِحامُ مناكبِ! |
سقَى الله قبرًا كنتَ حَشْوَ ضَريحهِ | غزيرَ الحَوايا مُستهلَّ الهيادِبِ |
تَقَعْقعُ في جوِّ السّماءِ رُعودُه | ويوقِد فيه البرقُ نارَ الحُباحبِ |
وإنْ مزَّقَتْ عنه الشَّمالُ بُرودَه | على عَجَلٍ حاكتءه أيدي الجنائبِ |
وماليَ أستسقي الغمامَ لقبرِهِ | وقد نُبْتُ عنه بالدّموعِ السّواكبِ |