ما نحنُ إلاّ للفَناءِ
مدة
قراءة القصيدة :
دقيقتان
.
ما نحنُ إلاّ للفَناءِ | وإن طمعنا في البقاءِ |
نُعطَى ويسلبُنا الذي | أعطى التمتّعَ بالعطاءِ |
والموتُ داءٌ ماله | عندَ المداوي مِن دَواءِ |
والناسُ فينا كلُّهم | ما بين يأسٍ أو رجاءِ |
أين الَّذين سَقَتْهُمُ الـ | ـأيامُ كاساتِ الرخاءِ |
وتملّكوا رِبَقَ الورى | وعَلَوْا على قُممِ العَلاءِ؟ |
وتَرى بعَقْوة ِ دارِهم | مَجثى الحميّة ِ والإباءِ |
والساحبونَ على قِنا | نِ الملكِ هُدَّابَ المُلاءِ |
والمُرْتَوون مِنَ النعيمِ، | كما تَمَنّوا والثّراءِ |
والسائِرون وحولهم | أسدُ الشّرى تحت اللواءِ |
والهاجِمونَ على الرَّدى | واليومُ يَجري بالدّماءِ |
لم يقنعوا في مَغْرَمٍ | سِيقوا إليهِ باللّقاءِ |
من كلِّ مملوءِ الأسـ | ـرَّة ِ والجبينِ من الحياءِ |
تَجري يداهُ بكلِّ ما | يهوى المؤمّلُ من سخاءِ |
وتراه كالصقّرِ الذي | لمحَ القَنيصة َ مِن عَلاءِ |
ما ضلّ قطُّ وإنْ همُ | غدروا بهِ طُرقَ الوفاءِ |
ورُمُوا إلى ظُلَمِ الصَّفا | ئحِ في صباحٍ أو مساءِ |
دخلوا ولكنْ في الذي | لا يرتضون من الخلاءِ |
ومتى دَعَوْتَهُمُ فهُمْ | صُمّ المسامع من دعاءِ |
وَبَغوا نجاءً حينَ سُـ | ـدَّتْ دونهم طُرُقُ النَّجاءِ |
ونأوْا كما اقترح الحِما | مُ عنِ التَّنَعُّم والشَّقاءِ |
وتُراهمُ في ضَيِّقِ الـ | ـأقطارِ من ذاكَ الفضاءِ |
وتَطايروا بيدِ البِلى | خلفَ الجنادِل كالهَباءِ |
والقيظُ عندَهُمُ وقد | سُلبوا المشاعرَ كالشِّتاءِ |
ما في الرَّدى ، ما في سوا | هُ منَ التَّنازع والمِراءِ |
وإذا نظرت إلى الحِما | مِ فما لعينك من غِطاءِ |
خلِّ التعجّبَ من قذى ً | وخذ التعجّبَ من صفاءِ |
يا قُربَ ما بينَ الهَنا | ءِ بما يسرّك والعزاء |
خفّض عليك ودع تتبّـ | ـبُعَ ما مضَى بيدِ القَضاءِ |
وإذا بقيتَ فلا تَلُمْ | أيعيشُ مَيْتٌ بالبكاءِ؟ |
والخوف صِرْفٌ-ريبَ غـ | ـرُكَ إنَّما هوَ للنساءِ |
وأخوكَ أفناهُ الَّذي | كان السبيلَ إلى الإخاءِ |
أَعْراكَ مَنْ قِدْمًا كَسا | وحباكَ مُرتجع الحِباءِ |
ليسَ التهالكُ في المصيـ | ـبة بالحميم من الوفاءِ |
وسوى الجلّدِ في الشديـ | ـدة ِ إنْ أتتك من العناءِ |
وعلى التجاربِ بانَ نبـ | |
ولإذا بقيتَ فلا تلمْ | مَن خَصَّ غيرَكَ بالفناءِ |
وسقى الذي وارى أخا | كَ منَ الثَّرى سَحُّ الرِّواءِ |
صَخْبُ الترنّمِ حالِكُ الـ | ـقُطرين مملوءُ الوِعاءِ |
ولَرَحْمَة ٌ مَصبوبة ٌ | خيرٌ له من فيضِ ماءِ |