أَيَنْفَعُنِي فَضْلُ الحَنِيْنِ المُرَجَّعِ
مدة
قراءة القصيدة :
3 دقائق
.
أَيَنْفَعُنِي فَضْلُ الحَنِيْنِ المُرَجَّعِ | وهيهاتَ ما وجدي عليكَ بمنجع |
وكيفَ يفوزُ الغيثُ فيكَ بمنة ٍ | إِذَا كُنْتُ لا أَرْضَى سَحَائِبَ أَدْمُعِي |
أرى زفراتِ الحزنِ بعدكَ سلوة | يَدُلُّ عَلَى وجْدَانِ قَلْبٍ وأَضْلُعِ |
وَلَيْسَ بُكَاءُ العَيْنِ إِلاَّ خِيَانَة ً | وَلا اللؤم إِلاَّ أَنَّهَا بَقِيَتْ مَعِي |
وَكُلُّ أَسَى لا تَذْهَبِ النَّفْسُ عِنْدَهُ | فمَا هوَ إلاَّ منْ قبيلِ التصنُّع |
ووالله ما وفّيْتُ وُدَّك حَقّهُ | وهلْ هيَ إلاَّ لوعتي وتفجعي |
وَأين وَفَائِي لا مَدَى الدَّمْعِ بَالِغٌ | رضايَ ولا جهدُ الصبابة ِ مقنعِي |
رَضِيْتُ بِحُكْمِ الدَّهْرِ فِيْكَ ضَرورَة ً | وكيفَ إبائي دونه وتمنُّعي |
وطاوعتهُ حتَّى جعلتكَ عندهُ | وديعة مغرَى بالخيانة ِ مولعِ |
أمثلُ في عيني خيالكَ حاضراً | وأنتَ بعيدٌ عنْ مقامي وموضِعي |
فلوْ أنني حدثتُ نفسي بسلوة ٍ | لَكُنْتَ بِمَرأَى مِنْ حَدِيْثِي وَمَسْمَعِي |
لَحَى الله دَهْراً نَازَعَتْكَ صُرُوفُهُ | صَبَابَة ُ قَلْبٍ بِالفِرَاقِ مُرَوِّعِ |
وَشُلَّتْ يَدٌ هَالَتْ عَلَى وَجْهِكَ الثَّرَى | لقدْ كسفتْ نورَ الصباحِ الملمَّع |
تصاممتُ عنْ ناعيكَ حتَّى أريبَه | ودافعتُ فيكَ الخطبَ من كلِّ مدمع |
فَلَمَّا أَبَى إِلاَّ يَقِيْنَا حَدِيْثُهُ | فزعتُ إلى جفنٍ منَ الدمعِ مترَع |
يَزِيْدُ أَوَامِي وِردُهُ وَهو طَافِحٌ | وقدْ كانَ منْ يشربْ من العدِّ ينقَع |
فقدتُكَ فقدَ الماءِ بعدَ ظمائة ٍ | مِنَ الغُلِّ فِي قَفْرٍ مِنَ البِيْدِ بَلْقَعِ |
وَكَانَ رَجَائِي فِيْكَ ذُخْراً جَعَلْتُهُ | ملاذيَ في دفْعِ الهمومِ ومفزَعي |
فَيَا مَاءَ عَيْنِي كَيْفَ خَلَّفَتْ نُورَهَا | مَجَالاً لِغَربِ الدَّمْعَة ِ المُتَسَرِّعِ |
ومَا كنتُ أخشى منْ يديكَ خيانة ً | تضرمُ ناراً في مقيلي ومضجَعي |
أصاعدُ قدْ بلغتُ لوْ بلغَ الثرَى | نداءَ حزينٍ أوْ شكاية َ موجَع |
ذكرتُ لكَ العهدَ القديمَ وقدْ مضتْ | عليهِ ليالٍ ما تهمُّ بمرجِع |
وخالسَني فيكَ الزمانُ بقية ً | منَ الصبرِ في أعشارِ قلبٍ موزَّع |
فأيُّ حسامٍ حالتِ الأرضُ دونهُ | وكانَ متى يضربْ بهِ الخطبُ يقطَع |
وَمُقْتَسِمُ النُّعْمَى أَنَاخَتْ عُفَاتُهُ | عَلَى المحل فِي رَوْضٍ مِنَ الجُودِ مُمْرِعِ |
لَهُ نَشْوَة ٌ عِنْدَ السُّؤالِ كَأَنَّمَا | تَنَازِعُهُ كَأسُ السُّلافِ المُشَعْشَعِ |
إذَا أعملَ الأقلام نالتْ غروبُها | مطارحَ أطرافِ القنَا المتزعزِع |
وَمَا الطَّعْنَة ُ النَّجْلاءُ فِي كُلِّ مَعْرَكٍ | سِوَى الخُطْبَة ِ الغَرَّاءَ فِي كُلِّ مَجْمَعِ |
أقرَّ لهُ بالفضلِ كلُّ منازعٍ | ويأسرُّه في الفكرِ كلُّ ممنَّعِ |
وَأَثْنَى عَلَيْهِ الحَاسِدُونَ ضَرُورَة ً | بِأَحْسَنِ مَا يَغْلُو الصَّدِيْقُ وَيَدَّعِي |
لعمرِي لقدْ منيتُ نفسي بقربهِ | سفاهاً ومنْ يطلبْ منَ الدهرِ يمنَعِ |
فجالَ الردَى دونَ اللقاءِ ولمْ تدعْ | صروفُ الردى منْ حيلة ٍ في التجمعِ |
سقاكَ وقدْ أغنَى عنِ الغيثِ مزنة ٌ | منَ الدمعِ تهمي في مصيفٍ ومربَعِ |
سَحَابٌ تُرْجِّيْهِ الصِّبَا وَكَأَنَّمَا | يمدُّ بطودٍ منْ عماية َ أتلعِ |
يفوفُ أبرادَ الرياضِ وبرقهُ | يشقُّ جلابيبَ الظلامِ الموشعِ |
كَأَنَّ حَنِيْنَ الرَّعْدِ فِي حُجُرَاتِهِ | حدآء مهيبٍ بالركابِ مزعزَعِ |
لَهُ زَجَلٌ يَرْوِي النَّسِيْمُ وَرَاءَهُ | أَحَادِيْثَ نَشْرِ الرَّوْضَة ِ المُتَضَوِّعِ |
وقدْ جلَّ قدرُ الماءِ إنْ كانَ حافظاً | مَوَدَّة َ ثاو فِي التُّرَابِ مُضَيَّعِ |
ومَا أنَا إلا لاحق بكَ فانتظرْ | لِقَائِي وَمَنْ يَسْلِكُ سَبِيْلُكَ يَتْبَعِ |
عوائدُ منْ ذكراكَ عندِي حبيبة ٌ | وَمَالِي مِنْهَا غَيْرَ مبكى وَمَجْزَعِ |
وأيُّ جفونٍ مَا أفاضتْ دموعَهَا | عَلَيْكَ وَقَلْبٍ فِيْكَ لَمْ يَتَصَدَّعِ |