قف بالركائبِ أو سُقْها بترتيبِ
مدة
قراءة القصيدة :
5 دقائق
.
قف بالركائبِ أو سُقْها بترتيبِ | عَسى تَسير إلى الحيّ الأعاريبِ |
واسْأَلْ نَسيما ثَنَتْ أَعْطَافَنَا سَحَراً | من أينَ جاءتْ ففيها نفحَة ُ الطِّيبِ |
وفي الركائبِ مطويٌّ على حُرقٍ | يَلْحقْنَ مُرْد الهَوَى العُذْرِي بالشِّيبِ |
يَلْقى الفُرَاقَ بِصَبْرٍ غَيْرِ مُنْتصرٍ | على النّوَى وبِوَجدٍ غير مَغْلوب |
يا ربة الهودج المحميّ جانبه | إلام حُبّك يُغريني ويُغري بي |
ظننْتُ إنّ شبابي فيكَ يضفعُ لي | وإنَّ جُود يدي يقضي بتقريبي |
وقعتِ بي وبآمالي على خِدعٍ | مِنَ المُنَى بَيْنَ تَصْدِيقِ وَتَكْذيبِ |
وأنّ أبْعَدَ حالاتِ المحبّة ِ أنْ | يَلْقَى الوَفاءَ مُحِبّ عِنْدَ مَحْبُوبِ |
كمْ قدْ شقيتُ بعذّالي عليكَ وكمْ | شقوا بصدي وإعراضي وتقطيبي |
أسعى إليكَ ويسعى بي مَلامُهُمُ | فإنّني بَيْنَ تأويبٍ وتأنيبِ |
صدَّتْ بلا سببٍ عني فقُلتُ لَهَا | يا أُختَ يُوسفَ مالِي صَبْرَ أيُّوبِ |
ترحَّلي أو أقيمي أنتِ لي سكّنٌ | وأَنْتِ غاية ُ آمالي وَمَطْلُوبي |
شَيْئانِ قَدْ أمِنا مِنْ ثالثٍ لَهُما | وجْدي عليكِ واحسانُ ابن يعقوبِ |
أَغرّ لا الوَعْدُ مَمْطُولٌ لديهِ وَلاَ | أُسلوبه في النَّدى عنِّي بمسلوبِ |
إذا سَطَا قُلْتُ يا أُسْدَ العَرينِ قِفي | وإنْ بَدا قُلتُ يا شمسَ الضُّحى غيبي |
يبيت بالبأسِ مِنهُ البشرُ مبتسماً | والسّيْفُ غَيْرُ صَقِيلٍ غَيْرُ مَرْهوبِ |
صمّ المسائلِ في يومِ الجِدالِ لهُ | أمضى وأنفذ مِنْ صُمّ الأنابيب |
يا مَنْ لهُ الودّ من سري ومن عَلني | وَمَنْ إلَى بابِهِ شدّي وَتَقْرِيبي |
كم رُمتُ لولا اشتياقي ان تُباعندي | لكي ترى صدق ودّي بعد تجريبي |
بك انتصرتُ على الأيَّام مُقتدراً | فَبِتْنَ مِنْي بحدٍّ جِدّ مَرْهُوبِ |
وأَنْتَ أَتْقَنْتَ بالإحْسانِ تَرْبِيَتي | وأَنْتَ أَحْسَنْتَ بالإتْقانِ تأديبي |
وأنتَ اكسبتني رأياً غنيتُ به | عَنْ أَنْ أُكابِدَ مِنْ هَوْلِ التّجارِيب |
فاسأل معانيك عنِّي فهي تخبرني | تَخْبِرُكَ عَنْ كَرمٍ مِنْهُنَّ مَوْهُوبِ |
منْ سير الشهب مِن نظمي الشُّموسَ ضُحى ً | أَضاءَ ما بَيْنَ تَشْريقٍ وَتَغْرِيبِ |
قَدْ جَرَّد البِيضَ مِنْ ذِهْني وَمِنْ هِمَمي | وَقُلِّدَ البيضَ مِنْ مَدْحي وَتَشْبيبي |
ومن محمد إقدامي ومعرفتي | ومن مُحمّد إعرامي وتهذيبي |
لا رأي لي في جيادِ الخيلِ أَرْكَبُها | إذا نهضتُ فعزمي خيرُ مركوبِ |
أَعَاذَكَ الله مِنْ هَمٍّ أُكابِدُهُ | أقولُ كرهاً لأحشائي بهِ ذُوبي |
مُلئتَ بالدّهر عِلْماً وَهُوَ يَمْلأُ بِي | جهلاً وَيَحْسَبُ مِني غير مَحسوبِ |
إحْدَى الأعاجِيبِ عِنْدِي مِنْهُ لو وُصِفَتْ | لكانَ وصفي لها إحدى الأعاجيبِ |
لا يستقرُّ بوجهٍ غير مُبتذلٍ | ولا يَسيرُ بِعرْضٍ غَير مَثْلُوبِ |
ولا يبيتُ له جارٌ بلا فرقٍ | ولا يُسَرُّ لَهُ ضَيْفٌ بِتَرحَيب |
يصدّ عني إذا قابلتُه غضباً | ككافرٍ صدّ عنْ بعضِ المحاريبِ |
ولو ضربتُ بأدنى الفكر قُلتُ لَهُ | قَتَلْتَ في شرّ ضَرْبٍ شَرّ مَضْرُوبِ |
فِدا نِعَالِكَ ما ضَمَّت أَسرّتُهُ | وإنْ فُدينَ بممقوتٍ ومسبُوبِ |
إن المعالي براءٌ مِنْ تجشُّمها | تَلبَّسَ المَجحدُ فِيها بالأَكاذِيبِ |
فَلَيْتَ كُلّ مُريبٍ غابَ عاتِبُهُ | فداء كل بريء العِرضِ معتوبِ |
وَلَيْتَ أَنّي لَمْ أُدْفَعُ إلى زَمنٍ | ألقى الأُسُودَ بهِ طَوْعَ الأرانيبِ |
إنْ يحْجِبُ الأضْعَفُ الأَقْوَى فَلاَ عَجَبٌ | فَرُبَّ عَقْلٍ بِسَتْرِ الوَهْمِ مَحْجُوبِ |
والدهرُ ليسٍ بمأمونٍ على بشرٍ | يُديرهُ بينَ تنعيمٍ وتعذيبِ |
فلا يرقْ مسكنٌ فيهِ لساكنِه | ولا يثقْ صاحبٌ فيهِ بمصحُوبِ |
وإنَّما الناسُ إلاّ أنْتَ في سِنَة ٍ | معللين بترغيبٍ وترهيبِ |
أَلَسْتَ مِنْ نَفَرٍ لَمْ يُثْنَ دُونَهُمُ | عادٍ بنتجحٍ ولا عافٍ بتخييبِ |
عالِينَ في رُتَبٍ عافينَ عَنْ رِيبِ | دانينَ من شرفٍ نائينَ عن حُوبِ |
كريمٌ ما أَظهرُوه مِنْ شمائلهم | كريمٌ ما ستروه في الجلابيبِ |
صَاغَتْ عِبَارتُهُمْ حُسْنَ البديع بها | مِنَ البلاغة ِ في أَسْنَى القَوَالِيبِ |
مِنْ كلّ مُنتهجٍ جُوداً ومُبتهجٍ | بِشْرا إلى حَلْب الفَيْحاءِ مَنْسُوب |
عَفٍّ كريمُ السّجايا مُحْسن عَلَمٌ | مِنَ الهُدى في سبيل الله مَنصوبِ |
فيهم لِكلّ فتًى يَغْشاهُمُ أَبداً | إنْصافُ مَعْدلة في كُلّ أُسْلوبِ |
لكلِّ ذي كَبرٍ إكبارُ تكرُمة ٍ | وكلِّ ذِي صِغَر تَصْغير تَحْبيبِ |
فاهنأ بذا العيدِ يا عيداً تُقلّلهُ | وابْشِرِ بِسَعْدٍ وأجر فيه مَجْلوبِ |
وأسلم على ما بهذي الناسِ من عَطبِ | في العلمِ أو في الحَجَى أَو في التَّراتيبِ |
فَلَيْسَ مَجْدُكَ في مَجْدٍ بِمُحْتَجَبٍ | وليس مدْحُكَ في مدْحٍ بمكذوبِ |
وليسَ تلقى الليالي غير مُنصرفٍ | وليس ترقى المعالي غيرَ مَخْطوبِ |
دعني وشعري ومَنْ في جَفْنِهِ مَرضٌ | دُوني يُزلْ مرضَ الأجفانِ تطبيبي |
وخُذْ شواهد ما أمليتُ مِنْ فِكرٍ | تُثْني عَلَيْكَ بِمَلْفُوظٍ وَمَكْتُوبِ |
فالدرُّ يحْسُنُ مثقوباً لناظمهِ | وَحُسْنُ لَفْظِي دَرّ غَيْرُ مَثْقُوبِ |
وكُلَّما قِيلَ شِعْرٌ أَوْ يُقالُ فما | أَراه إلا رَذاذاً مِنْ شآبيبي |